بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

أوكرانيا: بؤرة تنافس إمبريالي

جادل لينين بأن الثورات تنتج عن ظرفين؛ أولهما أن تكون “الطبقات الدنيا” غير راغبة في الاستمرار بالعيش بالطريقة القديمة، وثانياً في نفس الوقت لا تكون “الطبقات العليا” قادرة هي الأخرى على الاستمرار في الحكم في ظل الطريقة القديمة. فتنطوي أي أزمة كبيرة على وجود انشقاقات أعلى المجتمع والتي بدورها تفتح المجال للثورات من الأسفل.

قد تصاب أدوات الدولة القمعية المتمثلة في الشرطة والجيش وحتى أجهزة المخابرات بالشلل حيث أنها تكون غير واثقة لأي جانب يجب أن يكون ولائها أو أي جانب سينتصر في النهاية. وقد ينهار أيضاً عمل وسائل الإعلام العادية والذي سيتيح مساحة لأصوات أخرى أكثر جذرية.

الأزمات التي تبدأ بالأعلى يمكن يهذه الطريقة أن تحرر قوى أكثر جذرية بكثير من الأسفل، ولكن هناك أيضاً خطر أن تكون، أو تصبح، التحركات بالأسفل مقيدة بحيّل شريحة من المُستغِلّين والتي بدورها يمكن أن تجعل تلك التحركات ملزمة على تنافسات إمبريالية في جوهرها.

من الضروري تقدير أهمية تلك العوامل المختلفة في كل الاضطرابات. فقد كانت الاحتجاجات خلال الأشهر القليلة الماضية في تايلاند وفينزويلا تحت قيادة مجموعات من الطبقة الحاكمة. وعلى النقيض كانت الاحتجاجات التي اندلعت الصيف الماضي في تركيا والبرازيل تحركات جماهيرية حقيقية، حيث كانت التظاهرات ضد ارتفاع رسوم الحافلات في البرازيل ومُعارَضة خطط التنمية لحديقة جيزي باسطنبول، تنفيساً عن سخط على نطاق أوسع. ولكن القوى الأخرى المتمثلة في المعارضة اليمينية في البرازيل والقوميين المتعاطفين مع الجيش التركي، حاولت دفع تلك التحركات لمسارات أخرى.

تحولت الاحتجاجات الأولية في أوكرانيا ضد قرار يانكوفيتش بالتخلي عن اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصارت أكثر اتساعاً في وجه الدولة الوحشية. ولكن يبدو أن التحركات ظلت متأثرة بشدة بأقلية قوية. وحين تنامت الاشتباكات الدامية، أثبت الفاشّيون أنهم الجانب الأكثر تنظيما.

كان تأثير المبادرة الأولية من الأسفل ومن العمال ضعيفة، على الأقل مقارنة بحيّل الطبقة الحاكمة والقوى الرجعية حتى الآن. يمكن لهذا أن يتغير، ولكن غيابه يثير عدداً من المخاطر. فأولاً يزيد ذلك من خطر أن السياسات العرقية ستفوق وحدة الطبقة، في ظل صراع يظهر بشكل متزايد كأنه بين الغرب الأوكراني المتجه للاتحاد الأوروبي مقابل الشرق المتجه لروسيا.

وهذا بدوره يثير الخطر الثاني المتمثل في أن يصبح الصراع متورطاً مع التنافس الإمبريالي بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى.

تعتبر شبه جزيرة القرم هي نقطة الاشتعال المحتملة. فبعد أيام قليلة من الإطاحة بيانكوفيتش، تلت التظاهرات المؤيدة لروسيا في شبه جزيرة القرم استيلاء مجموعة مسلحة على البرلمان الإقليمي، مع دعوات النواب لاستفتاء في نفس اليوم، الخامس والعشرين من مايو، كما يجرى التخطيط لانتخابات رئاسية مبكرة في أنحاء أوكرانيا. وتنتشر التقارير عن مناورات للجيش الروسي. ويخيم شبح الحرب في يوغوسلافيا على أوكرانيا، وحيث أن روسيا تعتبر اليوم أكثر قوة مما كانت عليه في منتصف التسعينات، فذلك يثير احتمالية الأمر أكثر.

لا يمكن التنبؤ بنتائج الأحداث. ولكنها تؤكد على عامل أصر لينين عليه وهو أن نتاج أي انتفاضة يتوقف بشكل كامل على نزاعات القادة السياسيين. تدق أوكرانيا ناقوس الخطر، حيث أنه في غياب يسار قوي ومنظم سيؤدي ذلك في النهاية إلى دفع القوى الرجعية تجاه البربرية وليس الاشتراكية.

* المقال منشور باللغة اﻹنجليزية في مجلة الاشتراكي الشهرية البريطانية – عدد مارس 2014