الاحتجاجات العمالية في الأردن: 2013.. عام من النضال

في تقرير صادر عن المرصد العمالي الأردني ومركز الفينيق للدراسات المعلوماتية والاقتصادية، بلغ عدد الاحتجاجات العمالية في الأردن 890 احتجاجا في عام 2013، بتراجع طفيف عما كانت عليه عام 2012 والتي بلغت 901 احتجاجا، بعدما كان عددها 821 احتجاجا عام 2011، الأمر الذي يعكس استمرار معاناة قطاعات واسعة من العاملين من تراجع مستويات العمل اللائق من ناحية، ومن ناحية أخرى تطور مستوى الوعي والتنظيم للعمال خلال الثلاث سنوات الماضية.
شكلت الإضرابات العمالية 53.9% من مجموع الاحتجاجات بواقع 480 إضرابا، وشكلت الاعتصامات 31.7% بواقع 281 اعتصاما، كذلك تم إدراج عمليات التهديد بتنفيذ إضرابات عمالية باعتبارها احتجاجات، لتشكل 11.9% بواقع 106 حالة. شملت الاحتجاجات العمالية بعض التحركات الفردية والتي تركزت في عمليات إيذاء النفس لأغراض تندرج في إطار الاحتجاج وبلغت 2.5 % من مجمل الاحتجاجات بواقع 23 حالة.
تركزت أكثر من نصف الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها خلال عام 2013 في القطاع العام، إذ بلغت نسبتها 54.2% بواقع 482 احتجاجا، في حين بلغت نسبة نظيرتها في القطاع الخاص 40.3% وبواقع 359 احتجاجا. أما المتعطلون عن العمل فقد بلغت نسبة احتجاجاتهم 5.5% وبواقع 49 احتجاجا من مجمل الاحتجاجات العمالية، حيث طالب المحتجون فيها بالحصول على فرص عمل.
هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في ارتفاع وتيرة الاحتجاجات العمالية عام 2013 من أهمها المطالبة بزيادة الأجور وكان بنسبة 49.7% من مجمل الاحتجاجات إذ أن ما يقارب ثلاثة أرباع أجور العاملين تقع تحت خطر الفقر المطلق، وأتى بعده الاحتجاج على أنظمة وقوانين تتعلق بالعمل بنسبة 21.8%، ثم الاحتجاج على الفصل من العمل بنسبة 9.8%، ثم المطالبة بتوفير فرص عمل والتثبيت في العمل وتأسيس نقابات جديدة.
ونتيجة للضعف الملموس في أداء غالبية النقابات العمالية الرسمية وانعزالها عن غالبية العاملين بأجر، ولأن قانون العمل يسمح للعاملين في القطاع الخاص فقط بالانتساب للنقابات العمالية السبعة عشر المعترف بها في إطار نظام التصنيف المهني، وجد الآلاف من العاملين بأجر في القطاعات العام والخاص أنفسهم مضطرين للدفاع عن حقوقهم دون الأخذ في الاعتبار القيود القانونية التي تحظر تشكيل نقابات عمالية والقيود المفروضة على تنفيذ الإضرابات العمالية، لذلك فإن 89% من الاحتجاجات العمالية في عام 2013 كانت خارج إطار النقابات العمالية القائمة، وولم تشارك النقابات الرسمية سوى بنسبة 5.5% من مجمل الاحتجاجات.
وللسنة الثانية على التوالي، واجهت الحكومة وبعض أصحاب العمل 5.6% من الاحتجاجات العمالية باستخدام القوة لوقفها، وتدخلت قوات الدرك لكسر اعتصامات العاطلين عن العمل في كل من الطفيلة ومعان باستخدام الغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى إنهاء اعتصام عمال الموانئ بالقوة واعتقال أعضاء اللجنة النقابية وعدد من العاملين، هذا إلى جانب عمليات الفصل الجماعي التي قامت بها بعض إدارات القطاع الخاص ضد النشطاء النقابيين الذين يقودون الاحتجاجات العمالية، والعقوبات الإدارية التي تعرضون لها، بالإضافة إلى تهديد العاملين والإساءة إليهم بالسب والشتم، وكذلك استجواب المحتجين من قبل أصحاب العمل والإدارات الحكومية العليا وإخضاعهم للتحقيق.
وفي ظل غياب واضح لغالبية النقابات التي تمثل العمال، لم يتم تنفيذ غالبية مطالب العاملين الذين لجأوا للاحتجاج لتحقيقها حيث بلغ نسبة الاحتجاجات التي لم يتم تحقيق مطالبها 94.3%، أما الاحتجاجات التي تم تحقيق كافة مطالب منفذيها بشكل كامل أو بشكل جزئي فكانت نسبتها 5.7% فقط من مجمل الاحتجاجات.
يأتي شهر فبراير من العام الماضي كأولى الشهور في تسجيل أعلى معدلات الاحتجاجات بنسبة 15.5% من مجموع الاحتجاجات، يليه شهور مارس ويونيو وأبريل، بينما كان شهر أغسطس هو الأقل بنسبة 3.8 % من مجمل الاحتجاجات.
كان النصيب الأكبر في العاصمة عمان، حيث بلغت نسبة الاحتجاجات فيها 40.8%، وهذا ينسجم مع نسبة السكان في العاصمة عمان التي تقارب ذات النسبة، وغالبية مؤسسات الأعمال والمؤسسات العاملة تتركز في العاصمة، يلي ذلك محافظة إربد بنسبة 14.3%، ثم معان والكرك والعقبة والطفيلة والدفرق والزرقاء والبلقاء ومأدبا وعجلون وجرش، وبلغت نسبة الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها في أكثر من محافظة في ذات الوقت 7.1%.
استمرار الاحتجاجات في المستويات ذاتها ونوعيتها، للعام الماضي مقارنة بالعام الذي يسبقه، ودخول العمال في إضرابات غير مسبوقة يعبر عن وعي اقتصادي واجتماعي للعاملين بحقوقهم وقضاياهم ويخلق حافزا للعمل على المطالبة بها وبشروط عمل مرضية وعادلة، في ظل تفاقم السياسات الاقتصادية والاجتماعية.