تركيا: عمال المناجم يُقتلون.. من أجل 106 دولارات!

علي رصيف المنجم تجلس أم عجوز وسط شابتين في منتصف العمر يجمع بينهم بكاء عائلهم الذي لقى حتفه في انفجار منجم الفحم سوما في تركيا ضمن قائمة طويلة ضمت 300 قتيل و 18 مفقودا وفق تصريحات وزير الطاقة التركي تانر يلدز.
تبدأ القصة منذ حوالي 73 عاماً حيث يتعدى عدد ضحايا المناجم في تركيا أكثر من 3 آلاف عامل لقوا حتفهم بسبب حوادث العمل، من بينهم 263 عامل لقوا مصرعهم عام 1992 في انفجار مشابه في منجم زونغولداك، ضمن سلسلة طويلة تصدرت على إثرها تركيا صدارة دول أوروبا في حوادث العمل. ما يعزز هذه الصدارة ذلك القانون الذي ينص على أن المفتشين يتلقون أجورهم من الشركات التي يتوجب عليهم تفتيشها، الأمر الذي يجعل الباب مفتوحاً أمام الطعن في نزاهة تقارير هؤلاء المفتشين، وما يضع حياة 120عامل مناجم تركي مرهونة بتقارير فاسدة يدفع أجور كاتبيها ملاك المناجم ، ويكفي أن تستمع لأحد قيادي حزب العدالة والتنمية وهو يؤكد على أن منجم سوما تم تفتيشه 11 مرة منذ عام 2009 لتدرك حجم المأساة التي يسببها هذا القانون.
في 2010 أعلنت الغرفة التجارية التركية للمعمار والهندسة أن منجم سوما يعاني عيوبا كثيرة تمثل خطراً جسيما علي سلامة العمال، وأن استمرار العمل سيؤدي إلى كارثة، وما يجعل هذا التقرير منطقياً هو تصريح غوركان مالك المنجم نفسه بأنه نجح في تخفيض تكاليف الإنتاج من 130 دولاراً للطن إلى 24 دولاراً فقط، الآن نعلم من أين جاء هذا التوفير!
“إنه أمر مؤسف ولكن هذا ما يحدث في مناجم الفحم”. هذا التصريح العبثي والمتبلد من رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، جاء قبل لحظات من تعديه شخصياً على أحد المحتجين المحتشدين أمام منجم سوما بالصفع قبل أن ينهال عليه أردوغان بالضرب، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام أحد مستشاريه، يوسف يركل، لينهال بالركل على محتج آخر، بالإضافة لفض الشرطة لتظاهرات المتضامنين مع عمال المنجم مستخدمين الرصاص المطاطي وقنابل الغاز ومدافع المياه، ما يدفع للتساؤل حول المصالح التي تدافع عنها هذه السلطة، هل هي مصالح هؤلاء العمال الذين لقوا حتفهم نتيجة قانون فاسد؟ أم مصالح ملاك المناجم الذين يدفعون أجور المفتشين؟ هل هم هؤلاء المحتجين الذين تعدي أردوغان على أحدهم شخصياً؟ أم هذا الرجل الذي سمح القانون له بتخفيض تكاليف إنتاج طن الفحم إلى 24 دولاراً على حساب أمان العمال؟