بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

حوار مع صحفي بحريني: سلاحي قلمي

كان أحمد إسماعيل، البالغ من العمر اثنى وعشرين سنة، يعمل صحفياً من قرية سلمباد البحرينية. كانت مهمته، باعتباره ثورياً، توثيق هجمات السلطات البحرينية المدعومة من الغرب على المتظاهرين السلميين في الحي الذي يقيم فيه، وعبر البحرين أيضاً. أطلق مسلح النار عليه وهو يحمل كاميرته محاولاً تثبيتها من أجل تجنب لقطات الفيديو المهزوزة المعتادة. خسر قبضته على كاميرا الفيديو وسقط. كانت الكاميرا الملطخة بدماء إسماعيل شاهدة على وفاته والانتهاكات التي تواجه الصحفيين والمصورين في البحرين.

الصحافة في البحرين
وإن كان إسماعيل قد قتل في عام 2012، والكثيرون قد اعتقلوا وعُذِبوا منذ عام 2011، إلا أن استهداف الصحفيين والمصورين مع غيرهم من النشطاء المؤيدين للديمقراطية وحقوق الإنسان كان شائعاً حتى قبل الربيع العربي. على سبيل المثال، أحمد رضي، وهو صحفي بحريني بارز مؤيد للديمقراطية، أُستُهدِفَ عدة مرات قبل الربيع العربي. اعتُقل رضي خلال انتفاضة البحرين عام 1995 ومنذ ذلك الحين يواجه تحديات مستمرة.

قال رضي أن “الصحافة في البحرين تواجه أسوأ أيامها منذ 14 فبراير 2011”. وهذا يرجع في الأساس إلى الحملة المتصاعدة على الصحفيين المؤيدين للديمقراطية الذين يدعمون المحتجين السلميين أو ينتقدون نظام آل خليفة المدعوم من الغرب والذي ما زال في السلطة منذ عدة قرون. في أفضل الأحوال يُفصل الصحفيون من عملهم. على أي حال، تشمل الاعتداءات على الصحفيين الاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة والحبس الانفرادي والتعذيب.

تعرض رضي للتعذيب في المعتقل عام 1995. وفقد السمع في إحدى أذنيه إثر تعرضه للتعذيب، وأُفرج عنه بعد تدهور حالته الصحية. تجربته المؤلمة كسجين سياسي لم تمنعه من دعم الحركات المؤيدة للديمقراطية في البحرين والمشاركة فيها.

مقاومة الإمبريالية
البحرين هي موطن الأسطول الخامس الأمريكي. الإمبريالية والنفاق الغربي يقفون عقبة أمام مطالب الشعب البحريني. بالنسبة للعديد من النشطاء البحرينيين، فالمطالب ليست فقط محلية مُقتصرة على حقوقهم في المساواة والديمقراطية، بل أن أي مقاومة للتدخل الغربي المباشر أو غير المباشر في البحرين هي مقاومة للتدخل في البلدان المجاورة. أثناء غزو العراق، كانت دول الخليج العربي (مثل البحرين والسعودية وقطر) موطناً لقواعد الولايات المتحدة. احتجاج النشطاء والصحفيين في البحرين ضد الغزو على العراق جعلهم هدفاً لنظام آل خليفة الموالي للغرب.

انتقد رضي وجود قاعدة للجيش الأمريكي في البحرين بشدة، قبل وأثناء التدخل في العراق. كانت السلطات، وعلى رأسها وزارة الإعلام، غير مرحبين بتصريحاته حول وجود الولايات المتحدة في البحرين. رفعت الوزارة دعوى قضائية ضد رضي لإجباره على ترك وظيفته كصحفي ومنعه من العمل في مجال الإعلام. قال رضي “نظراً للضغوط، اضطررت لترك الصحافة خلال بداية الغزو الأمريكي للعراق”.

النفاق الغربي قد لعب دوراً كبيراً في تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. وسواء من خلال الاستثمارات أو مبيعات الأسلحة، تواطئت الحكومات الغربية مثل الأمريكية والكندية والبريطانية في الانتهاكات المستمرة في البحرين. حالياً البحرين هي واحدة من الأسواق ذات الأولوية لكندا في منطقة الشرق الأوسط.

الربيع العربي
على الرغم من التحديات والصمت الدولي تجاه الوضع في البحرين، يستمر نضال المحتجين والنشطاء والصحفيين مثل رضي من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كونه ضحية للتعذيب في التسعينات لم يمنعه من الاحتجاج والتدوين خلال احتجاجات الربيع العربي في البحرين.

قال رضي “كان السجن تجربة مؤلمة بالنسبة لي تركت آثارها على جسدي وفي أعماق قلبي. أستخدم القلم كسلاح لمقاومة الظلم والطغيان”. لديه مدونة تحمل إسم “قلمي سلاحي”، يكتب فيها عن الحركات الثورية والمؤيدة للديمقراطية، وعن انتهاك حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام في البحرين.

في سبتمبر 2012، داهمت قوات الحكومة البحرينية سكن رضي فجراً وألقت القبض عليه تعسفياً. مرة أخرى، استهدفته السلطات بسبب كتاباته وتحدثه مع وسائل الإعلام الأجنبية عن احتجاجات الربيع العربي في البحرين. وفقاً لرضي، فإنه قد اعتُقل بعد مشاركته في البرامج الإذاعية وغيرها من الوسائل التي أيّد عبرها بشجاعة المظاهرات التي شارك فيها غالبية سكان البحرين. أُفرج عنه بعد أربعة أشهر من التعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز. على الرغم من ذلك يستمر في الكتابة والاحتجاج والدفاع عن السجناء السياسيين الآخرين في البحرين وفي المنطقة.

التضامن
تعرّفت على رضي لأول مرة وقت اعتقال الناشط الحقوقي حسين جواد. على الرغم من استهداف النظام له، روّج رضي لحسين جواد وغيره من المعتقلين عن طريق دعوة الناشطين في مختلف أنحاء العالم لالتقاط صور تظهرهم يحملون ملصقات لسجناء الرأي. أُطلق سراح جواد، ولكن والده، محمد جواد زعيم المعارضة الشهير والبالغ من العمر 63 عاما، لا يزال في السجن، وكان قد اعتُقل من قبل في الستينات والثمانينات والتسعينات.

وقال حسين جواد “إن المدافعين عن حقوق الإنسان ليسوا مثل سابقيهم. فهم الآن ليسوا وراء لوحات المفاتيح. إنهم يحضرون الآن معظم الاحتجاجات والأحداث”. وهذا قد عرَّض المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين لهجمات أكثر وحشية.

الإمبريالية الغربية
كانت الحكومة البحرينية مترددة في إجراء إصلاحات. فأي تغيير في البحرين يعني تغيير لجيران البحرين مثل المملكة العربية السعودية. عملت السعودية المدعومة من الغرب بطرق مختلفة كقوة مضادة للثورة في عدد من البلدان العربية مثل البحرين وسوريا ومصر واليمن.

قال رضي “البحرين هي بوابة إلى المنطقة. هذا جعل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة يقفان عقبة أمام التغيير السياسي”. وبينما يقاوم الناشطون والمتظاهرون في البحرين الظلم، فأيضاً من الضروري بالنسبة لأولئك في جميع أنحاء العالم إظهار التضامن من خلال الكشف عن النفاق الغربي تجاه قضايا حقوق الإنسان في مناطق مثل البحرين والمملكة العربية السعودية.

أضاف رضي في نهاية الحوار: “إن إرادة الشعب البحريني ستحدد مصير البحرين ومستقبل الثورة”.

* المقال منشور باللغة الإنجليزية بموقع الاشتراكيين الأمميين في كندا