بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

كأس العالم: قمع ومظاهرات وإضرابات

مؤخرا بدأ كأس العالم لعام 2014 في البرازيل بعد سبعة سنوات من التحضير جرت خلالهم الآلاف من عمليات التهجير القسري للسكان، ولقى العديد من عمال بناء الملاعب حتفهم، وفُرضت قوانين الطوارئ.. كل ذلك إرضاءاً للفيفا وهي الجهة المنظمة لكأس العالم.

في الحفلة الافتتاحية ظهر تغيراً ملحوظاً في نوع الجمهور، حيث أنه من المعروف تاريخياً أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في المجتمع البرازيلي بمختلف طبقاته وعادةً ما تشهد ملاعب البرازيل حضور مشجعين مختلفين طبقياً وعرقياً، أما اليوم نرى أن جمهور كأس العالم في الملاعب قد اقتصر على ذوي البشرة البيضاء الأغنياء والطبقة المتوسطة القادرين على شراء التذاكر باهظة الثمن.

أما عن خارج الملاعب، فقد تجمهر العديد من المتظاهرين اعتراضاً على الآثار السلبية التي عادت عليهم من كأس العالم، ورداً على تلك المظاهرات تعاملت الشرطة البرازيلية بقمع وعنف مفرطين مع المتظاهرين مما أثار دهشة الصحفيين الأجانب الذين لاحظوا أن الشرطة تتبع منطقاً عسكرياً يُستخدم في ظل الأنظمة الديكتاتورية بدافع القضاء على “العدو الداخلي”. خلال الأسابيع السابقة لكأس العالم لم يكن هناك أي احترام لحرية التظاهر أو الاحتجاج.

كانت بعض الفصائل الوطنية واللجان الشعبية والحركات الاجتماعية قد أطلقت دعوة عالمية للتظاهر في 15 مارس الماضي، وتعاملت الشرطة البرازيلية بعنف وقمع للمتظاهرين، ولاحقتهم حتى في منازلتهم. وصار نزع السلاح من الشرطة من المطالب الأساسية للمتظاهرين منذ بداية المظاهرات في أواخر الصيف الماضي، وقد اكتسب هذا المطلب زخماً هائلاً في المناقشات العامة والشوارع.

وستستمر احتجاجات الفصائل الوطنية والنشطاء على تأثيرات كأس العالم، دفاعاً عن حقوق الباعة الجائلين والنشطاء المعتقلين وكل من أصابه ضررٌ من جراء الأعمال القذرة للفيفا. تضامنت معهم العديد من الحركات الاجتماعية وأعلنت استمرار الاحتجاجات في الشارع حتي نهاية كأس العالم. أما حركة “العمال المُشردون”، التي تنادي بالإسكان وبالإصلاحي المدني وحق العيش في المدينة، فقد قررت عقد ما يسمى بكأس الشعب في أوائل مايو.

اُحتُلت المناطق المجاورة للاستاد الذي استضاف افتتاح المونديال، ذلك الاستاد الذي شُيِّد بجوار ولاية ساوباولو حيث تقطن أعداد كبيرة من العمال الذين يعانون الآن من المضاربة في الأراضي وارتفاع الإيجارات. لذا ملأت حركة “العمال المُشردون” شوارع ساوباولو بالمظاهرات التي شارك بها ما يفوق الـ 20 ألف متظاهر، حتى أجبرت الحكومة على إعادة النظر في سياسة الإسكان. وبالإضافة إلى ذلك، اندلعت إضرابات عمالية خاصةً في قطاع النقل العام. وفي ساوباولو وريو دي جانيرو، أضراب عن العمل سائقو النقل العام المعارضون دون دعم نقاباتهم مطالبين بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.

أضرب عمال مترو ساوباولو لمدة خمسة أيام في الأسبوع السابق لبداية المونديال، ولكن حكومة الولاية – وهي المسؤولة عن إدارة المترو – تعاملت مع إضرابهم بتعنت تام معتمدةً على وحشية الشرطة بدلاً من التفاوض مع النقابة. كان الرد على إضراب العمال في منتهى القسوة حيث فُصِلَ 42 عامل من عملهم، وهُدد بفصل 300 آخرين في حالة استمرار الإضراب.

وفي المقابل شنت النقابة حملات تنادي بإعادة العمال المفصولين إلي عملهمودعمذلك الموقف النقابات المهنية والإتحادات العمالية والحركات الإجتماعية والنشطاء.

الآن نحن أمام غليان سياسي يشهده العالم وسيمتد حتى أولمبياد 2016 في ريو دي جانيرو. وبغض النظر عما سيحدث، فإن الفعاليات الكبيرة في الرياضة لن تتكرر نفسها مرة أخرى.

* المقال باللغة الإنجليزية منشور في جريدة العامل الاشتراكي البريطانية