بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

إسرائيل.. كيان إرهابي

غزة تحت النار مرة أخرى. الشعب المحطم بالفعل يعاني مجدداً جراء هجوم إسرائيلي آخر. في الضفة الغربية المحتلة تجري مداهمة منازل الفلسطينيين، وهدمها في بعض الحالات. يُخطف الشباب، ويُسجن الناشطون السياسيون بأعداد لم يسبق لها مثيل.

واحدة من أكبر القوى العسكرية في العالم تضغط بكامل قوتها على الفلسطينيين. والمنظمات الفلسطينية ترد بكل ما في استطاعتها: احتجاجات في الشوارع، وحجارة، وصواريخ، وغضب، ودموع.

في الغرب، الصحفيون والمعلقون يهزون رؤوسهم ويتحسرون على “دوامة العنف” تلك. هذا التعليق يوحي أن قوات متكافئة محتشدة ضد بعضها البعض. لا شيء يمكن أن يكون أبعد من ذلك عن الحقيقة. إسرائيل هي قوة نووية عدوانية، وكيان تمييز عنصري مدعومة إلى أقصى درجة من أكبر قوة إمبريالية في العالم – الولايات المتحدة. بدأ مشروعها الاستعماري في القرن العشرين، وتدفعه القوة والسيطرة والهيمنة الإمبريالية. والفلسطينيون شعب مضطهد ومستَعمَر. هم بلا دولة خاصة بهم وبلا قوات عسكرية حقيقية. وقد دُمِرَ اقتصادهم بشكل منهجي بالحصار والقصف على مدار عقود.

العنصرية والتطهير العرقي
تأسست دولة إسرائيل على الإرهاب. في حادثة مخزية عام 1948، قُتل 300 فلسطيني في قرية دير ياسين من قبل الإرجون، وهي واحدة من الميليشيات الصهيونيو الإرهابية. فهيمي زيدان، الذي كان في الثانية عشر من عمره في ذلك الوقت، يقول أنهم: “أمروا جميع عائلتنا الاصطفاف أمام الجدار وبدأوا بإطلاق النار علينا. أصبت في الجانب، ولكن أُنقذ معظم الأطفال لأننا اختبئنا وراء آبائنا. أصيبت أختي قدري (4 أعوام) بالرصاص في الرأس، وأخي سامح (8 أعوام) في وجنته، وأخي محمد (7 أعوام) في صدره. ولكن كل من كانوا معنا أمام الجدار قُتلوا؛ والدي ووالدتي وجدي وجدتي، أعمامي وخالاتي وبعض أبنائهم”.

مئات الآلاف من الفلسطينيين طُردوا قسراً من منازلهم وأراضيهم. وقد وصف الصحفي جون بيلجر الوضع منذ ذلك الحين بأنه “مشروع إبادة جماعية يزحف ببطء”. هذا العزم على الإبادة الجماعية له أساسه في صلب إسرائيل، والآن هو جزء من الحمض النووي لها.

إسرائيل كيان عنصري في الأساس. إنه كيان يثمّن هوية دينية معينة واحدة كجوهر الجنسية. العديد من القادة السياسيين الإسرائيليين هم أكثر المشاركين بشكل مباشر في الأعمال الإرهابية ضد الفلسطينيين. كان مناحيم بيجن، رئيس الوزراء 1977 – 1983، عضواً بارزاً في الإرجون. ترأس مع وزير دفاعه، آرييل شارون، غزو لبنان عام 1982 ومجازر مخيمي اللاجئين في صبرا وشاتيلا. وكان شارون رئيساً للوزراء لعامي 2004 – 2005. يواصل قادة الصهاينة اليوم هذا التراث البغيض.

في مقابلة مع صحيفة جيروزالم بوست في عام 2004، علّق رئيس كلية الدفاع الوطني العسكرية، أرنون سوفير، على حصار غزة قائلاً: “عندما يعيش 2.5 مليون شخص في غزة المغلقة ستكون كارثة إنسانية. هؤلاء الناس سوف يصبحون حيوانات أكبر مما هم عليه اليوم.. إنها ستكون حربٌ رهيبة. لذلك إذا كنا نريد أن تبقى على قيد الحياة، سيتوجب علينا القتل والقتل والقتل، طوال اليوم، وكل يوم.. وإذا توقفنا عن القتل سوف نزول من الوجود”.

استمرار بقاء الفلسطينيين يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل كـ”دولة يهودية”. إذا كان عدد السكان الفلسطينيين مايزال ينمو، فإنه يمثل تهديداً ديموغرافياً للأغلبية اليهودية. هذا هو المنطق وراء الإبادة الجماعية.

التوسعية العدوانية
تعمل إسرائيل بشكل روتيني في أعمال هجومية مفتوحة للحصول على مزيد من الأراضي؛ فهي غير راضية بالحدود المعينة وفق خطة التقسيم الأولى. في عام 1967 دخلت في حرب مع مصر والأردن وسوريا كي تسيطر على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.

“التوسع الاستيطاني”، كما هو معروف مجازاً، هو الطريقة الحالية التي تقتطع إسرائيلية بها الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. في كثير من الأحيان، يحدد المستعمرون الإسرائيليون المنازل الفلسطينية والضواحي، والأرض أو القرى، ثم يغزونها بالقوة. وقد شردوا عشرات الآلاف من الفلسطينيين بلا مأوى خلال هذه العملية.

في الجولة الأخيرة من الاستيطان، يقول الفلسطينيون أنهم استيقظوا في منتصف الليل وقيل لهم أن لديهم ساعة لجمع أغلى ممتلكاتهم قبل أن يُجبروا على الرحيل. تظهرهم الصور جالسين على الرصيف، وراء صفوف من الجنود الإسرائيليين، يشاهدون منازلهم تصير أنقاضاً. ولنثر الملح في الجرح، أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً في عام 2012 يقضي بأن الفلسطينيين الذين هُدمت منازلهم سوف يضطرون لدفع تكلفة التجريف.

في شهر يونيو، تسارعت هذه العملية بشدة. أصدرت وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية مناقصات لما يقرب من 1500 وحدة سكنية في الضفة الغربية، 560 منها في القدس الشرقية، عاصمة فلسطين الرمزية.

كما تجتاز الأراضي الفلسطينية طرق للإسرائيليين فقط، ونقاط التفتيش العسكرية. وقد صُممت هذه الحواجز لإذلال الفلسطينيين خلال الأنشطة اليومية. أي فلسطيني يمكن إيقافه، وتفتيشه واحتجازه إلى أجل غير مسمى. وهكذا فإن الوصول إلى المدرسة أو العمل هو محنة يومية يمكن أن يستغرق ساعات.

كل ذلك يخدم غرضين: للتأكيد أمام الفلسطينيين أن ليس لديهم أي سيطرة حقيقية على حياتهم، وجعل سيطرتهم على أي قطعة مجاورة من الأرض أمراً مستحيلاً.

الفلسطينيون الذين يقيمون داخل حدود الكيان الصهيوني، الذي قام في عام 1948، يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. تعاني مدارسهم نقصاً في التمويل، يتعرضون للتحرش في الشوارع لتحدثهم العربية، ويُحرمون بشكل روتيني من نفس الحقوق التي يتمتع بها نظراؤهم اليهود. كما لا تظهر بعض القرى الفلسطينية على خرائط إسرائيل – فتزعم الحكومة أن لا وجود لها. وبالتالي لا ترتبط بشبكة الكهرباء أو يُسمح لها بإمدادات المياه.

دور إسرائيل في العالم
تأسست إسرائيل ككيان استعماري استطاني في واحدة من المناطق الأكثر أهمية على المستوى الاستراتيجي في العالم. فالشرق الأوسط يقبع فوق احتياطيات ضخمة من النفط. وكانت السيطرة عليها أمراً حيوياً بالنسبة إلى النظام الرأسمالي.

وترغب القوى الإمبريالية والاستعمارية الكبيرة اليوم إما في السيطرة على بلدان المنطقة مباشرةً أو حكمها بالوكالة. وتحمي إسرائيل المصالح الاقتصادية والسياسية الأمريكية في المنطقة، فإنها تتصرف بعدوانية تجاه الحركات الوطنية العربية عندما تهدد مصالح الإمبريالية الأمريكية. وكانت صحيفة هآرتس الاسرائيلية قد عبرت عن ذلك بشكل ممتاز في عام 1951:

“إسرائيل معنية بأن تصبح كلب حراسة. ما من خوف ​​من أن إسرائيل سوف تنتهج أي سياسة عدوانية تجاه الدول العربية عندما تعارض رغبات الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل صريح. ولكن إذا إذا فضل الغرب لسبب أو آخر أن يغلق عينيه، فيمكنه الاطمئنان إلى أن إسرائيل سوف تعاقب بقسوة الدول المجاورة التي تتجاوز الحدود المسموح بها في التعامل مع الغرب”.

إسرائيل تفعل الأشياء التي تشعر الولايات المتحدة أنها لا يمكن دائما أن تفلت بفعلها، مثل بيع الأسلحة إلى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في السبعينات والثمانينات، أو استخدام الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي) في اغتيال الساسة الراديكاليين في المنطقة.

ومن أجل الحفاظ على قوة إسرائيل الساحقة، فإن الولايات المتحدة تقدم الدعم المالي والسياسي. إسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية. كل عام تعطيها الولايات المتحدة حوالي 3 مليار دولار. هذه هي سياسة الحزبين المسيطرين في الولايات المتحدة. الدعم السياسي يمتد إلى عرقلة تقريباً كل الانتقادات التي أثيرت ضد إسرائيل في الأمم المتحدة. والطبقة الحاكمة الأسترالية هي أيضاً واحدة من أشد المؤيدين لإسرائيل.

إسرائيل ليست الدولة الوحيدة في المنطقة للحصول على الدعم الكبير من الولايات المتحدة. مصر والمملكة العربية السعودية هما أيضاً يتلقيان مساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة. ومع ذلك، هناك عدة عوامل تجعل إسرائيل فريدة من نوعها. إسرائيل هي حليف أكثر استقراراً بكثير من الدول العربية. لأنها دولة استيطانية استعمارية، فمواطنيها اليهود ملتزمون بالمشروع الصهيوني. إنهم يؤيدون بأغلبية ساحقة سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. يرون أنفسهم كجزيرة الحضارة في بحر من التخلف العربي.

إنهم أيضاً يستفيدون مادياً بشكل كبير من نهب إسرائيل للمياه والأراضي والمحاصيل الفلسطينية. وتُحاط المنازل والمستوطنات الإسرائيلية بحدائق خضراء، في حين أن المدن الفلسطينية غالباً ما يفيض الصرف الصحي في شوارعها.

الدول العربية، من ناحية أخرى، تحكم شعوب ساخطة وغاضبة. هم عرضة للتمرد الداخلي كما أثبتت الثورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربيع العربي. أغلبية الطبقة العاملة في البلدان العربية تعارض العلاقات مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل، فضلاً عن السياسة الداخلية القمعية للأنظمة الخاصة بها. ومن الصعب جداً أن نتصور أن يكون هناك موجة ثورية في إسرائيل كالتي وقعت في تونس ومصر. وهذا يجعل إسرائيل قيّمة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة.

ضد الحياد
على الرغم من التعمية المتعمدة للصراع بين إسرائيل وفلسطين من قبل وسائل الإعلام الرأسمالية، هناك ظالم ومظلوم، معتدي ومضطهَد، مستعمِر ومستعمَر. كما قال المناضل المناهض للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ديزموند توتو: “إذا كنت محايداً في حالات الظلم، كنت قد اخترت جانب الظالم. إذا وضع فيل قدمه على ذيل فأر وقلت أنك محايد، لن يقدِّر الفأر حيادك”.

لابد على اليساريين الوقوف بشكل لا لبس فيه مع الفلسطينيين وضد الظلم الإسرائيلي.

* المقال باللغة الإنجليزية منشور في 12 يوليو في جريدة الراية الحمراء الأسترالية