قراءة في صحف العدو
المقاومة الفلسطينية في عيون الصحافة الإسرائيلية

بعد ما يقرب من شهر على اندلاع الحرب الصهيوينة على غزة وسط خطاب صهيوني النزعة من الإعلام المصري متأثرا بهواجس المؤامرة والحرب على الإرهاب، وبين دعاوي البعض بعدم جدوى المقاومة والهجوم على فصائلها وتشويهها، ترصد بوابة “الاشتراكي” ردود الأفعال على الحرب بالخوض في أروقة صحافة الكيان الصهيوني.
فتح عنوان “الجرف الصامد” أفشل عملية عسكرية خاضتها إسرائيل ضد غزة، حيث كتبت أكبر الصحف العبرية وأكثرها انتشارا “يديعوت أحرونوت” تقريرا يشير إلى أن العمليات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي بمثابة مأزق قوي للقيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب، وأشار المحلل السياسي للصحيفة “أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو ووزير الجيش موشي يعالون باتا يتوسلان وقف إطلاق النار وأن نتنياهو لم يعد يبحث عن صورة انتصار في الحرب على قطاع غزة وإنما عن صورة خروج أو صورة إنهاء تسمح له أن يدعي أمام الجمهور الإسرائيلي بالانتصار”، مشيرا إلى أن “حكومة الاحتلال الإسرائيلي تولي وجهها صوب مصر للتفاوض، وأن الحرب لن تنتهي بنزع أسلحة المقاومة من قطاع غزة، كما لن تنتهي بوقف حفر الأنفاق”.
وفي تقرير آخر للصحيفة تحت عنوان “قذائف الهاون الفلسطينية تثير غضب الجنود” أشارت إلى الارتباك والذعر الذي يصيب القادة العسكريين والجنود المنتشرين على طول الجبهة بمواجهة قطاع غزة، وذلك لفقدهم القدرة على الاختباء من قذائف الهاون الفلسطينية التي أدت إلى قتل العديد منهم في المجمع الاستيطاني أشكول.
أما جريدة معاريف، فقد اعتبرت أن الأسبوع الأخير كان الأسوأ بالنسبة لجيش الاحتلال مشيرة إلى أن المقاومة الفلسطينية قد قررت تلك المرة مواجهة الجيش الصهيوني بعد الاختباء وهو ما أدى إلى تفاقم الخسائر وسط صفوفه.
وأكدت الجريدة في مقالها الذي حمل عنوان “مازلنا لا نرى النهاية” أن الحسم ضد حماس يبدو بعيد المنال وأن “في اثنين من أربع عمليات نجحت خلالها المقاومة في اختراق الأراضي الإسرائيلية سقط قتلى من الصواريخ المضادة للدبابات التي استهدفت عربات قادة في الجيش الإسرائيلي، رغم وجود معلومات استخبارية مسبقة بشأن عمليات التسلل هذه، الأمر الذي أحبط للغاية القيادات العليا. وبشكل عام فإن السواد الأعظم من مصابي الجيش سقطوا جراء العبوات الناسفة وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات”.
وفي تقرير مطول للجريدة نفسها، انتقد القبة الحديدية تحت تساؤل ” كيف تعجز منظومة كلفت الخزينة الإسرائيلية أكثر من 50 مليون دولار أن تحجز صاروخ لا يتعدى ثمنه 1000 دولارا؟”، حيث أشار التقرير لتصريح أحد القادة عن أن “القبة الحديدية قد أسقطت 25 صاروخا” دون الإشارة إلى عدد الصواريخ التي لم يتم إسقاطها معللا ذلك بمحاولة الموسسة العسكرية إخفاء فشل القبة الحديدة وذلك خوفا من مواجهة انتقادات سياسية حول جدوى إنشاءها. جدير بالذكر ما أعلنته كتائب القسام وحدها، قبل أسبوع على الأقل، من إطلاق 1950 صاروخا على عمق إسرائيل ومازالت الأعداد تتزايد مع استمرار الحرب.
واستكمالا لنقد ما كبدته الحرب الأخيرة على غزة من خسائر اقتصادية للكيان الصهيوني نشرت الجريدة أن عملية “الجرف الصامد” كلفت الخزينة نحو 14 مليون دولار يوميا ومليار شيكل حتى الآن تكلفة العمليات العسكرية فقط، بالإضافة إلى تلقي سلطات الاحتلال أكثر من 400 طلب تعويض من مستوطنين جراء خسائرهم بسبب صوارخ المقاومة.
وفي إحصائية نهائية لعدد الجنود الإسرائيليين المصابين نتيجة المواجهات على الحدود مع قطاع غزة، وممن يتواجد حاليا في المستشفيات الإسرائيلية، نشرت معاريف تقريرا يؤكد أن العدد الإجمالي وصل إلى 186 جنديا حتى صباح يوم الجمعة 2 أغسطس. وفي نفس السياق أشارت الصحيفة إلى أن شركة طيران إسرائيلية قد نقلت نحو 1000 كرسي متحرك بشكل عاجل وسريع إلى إسرائيل، وأن هذه العملية جاءت فى أعقاب الطلب المتزايد على تلك الكراسي في المستشفيات الإسرائيلية الرئيسية بشكل أساسي، نظرا لوجود عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بحاجة لها بعد إصابتهم خلال الحرب على غزة.
وفي صحيفة هآرتس، ثالث أكبر صحف الكيان الصهيوني وأشدهم انتقادا للحكومة وجيش الاحتلال، تحدثت عن عملية التسلل “ناحل عوز”، التي نفذها المقاومون، في إشارة إلى أن دليل تطور المقاومة ليس فقط من الناحية التسليحية ولكن أيضا الاستخبارتية وقدرتها على الخوض داخل العمق الإسرائيلي. وانتقدت الاستعداد الدفاعي لدى جنود جيش الدفاع ورتابة التصرف التي ظهرت في الفيديو المسرب للعملية. كما أشارت إلى أن التخبط في التصريحات لدى المسئولين وإظهار الأمر في بدايته على أنه “إحباط عملية تسلل” يدل على خداعهم للجمهور الإسرائيلي وإخفاء المزيد من الحقائق عن الوضع في الحرب.
وفي تقرير آخر عن الوضع في اسرائيل بعد ما يقرب من الشهر من الحرب، قالت الصحيفة “كانت إسرائيل في بداية يونو تختلف جدا عن إسرائيل في نهاية يوليو، فلم يكن فيها إطلاق قذائف صاروخية ولا عمليات برية ولا صافرات إنذار، ولم يكن فيها جنازات شباب إسرائيليين ولا مشاهد تثير الرعب لأولاد فلسطينيين موتى، وكان يمكن أن نؤمن في الهدوء المطمئن لبدء الصيف بأن إسرائيل آمنة، وحماس مردوعة والفوضى العربية بعيدة”. وهو ما فسرته بعد ذلك بأن المعنى الاستراتيجي لما يحدث هو أن السيادة الإسرائيلية قد انتُهكت، فالدولة التي سماؤها مثقوبة، ومجالها الجوي مخترق، ومواطنوها ينزلون إلى الملاجئ على الدوام هي دولة عندها مشكلة. والدولة التي لا تعرف أن تُسكت النار التي تُطلق على مجمعاتها السكنية مدة ثلاثة أسابيع هي دولة في ضائقة، ويُضاف إلى ذلك اختراق أنفاق الهجوم للسور الواقي الإسرائيلي وعدم القدرة على إحراز حسم واضح في معارك التماس بالطبع لديها أزمة، وأزمة كبيرة”.
كما كشفت الصحيفة عن خلافات حادة وتوتر شديد بين القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلى والقيادة السياسية فى تل أبيب حول القصور فى العملية العسكرية على قطاع غزة، مشيرة إلى أن الخلاف تحول لتبادل الاتهامات بينهم، وذلك على خلفية تضارب تصريحات ضابطين كبيران بجيش الاحتلال عن طبيعة الوضع في غزة. وتوقعت الصحيفة أن انتشار القوات الذي أعلن عنه في الساعات القليلة السابقة لكتابة المقال سوف يكون انسحابا فبل تورط اسرائيل في مزيد من الخسائر.
ازدياد أعداد الشهداء الفلسطينيين بضربات عسكرية إسرائيلية تتسم بالعشوائية يؤكد ما تؤكده صحفهم عن حجم تورط الاحتلال في حرب خاسرة على المستوى السياسي والعسكري. وفي هذا لا يسعنا إلا أن نؤكد تأييدنا الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها في مواجهة الاحتلال الغاشم.