الصين: سوق مضاربة “العم شي” ينهار

في هذا المقال، تبحث سالي كينكايد في أسباب انهيار سوق البورصة وما له من تأثير مرعب على كلٍ من العاملين بالدولة والحكام، ولكن لأسباب مختلفة.
على مدار الأسابيع الأربعة الماضية، خسر سوق الأوراق المالية الصيني ثلث قيمته، حوالى 1.9 تريليون، ما يساوي تقريباً كل ما تنتجه ألمانيا فى عام. ويُعد سوق المداولات المالية الصيني سوقاً غير اعتيادي من زاوية أن الأفراد والمستثمرين الصغار يمثلون 85% من تجارته.
الآن لا يوجد ضمان اجتماعي فى الصين، وتُعتبر الرعاية الصحية مُكلّفة على نحو متزايد، علاوة على ضعف المعاشات. لذلك يتجه العمال الصينيون للادخار لتجنب الفقر، أو محاولة ذلك، إذا مرضوا أو حينما يتقاعدون عن العمل. يُذكر أن مدخرات العمال تعادل 30% من إجمالي الناتج المحلي.
وتُعتبر معدلات الفائدة البنكية منخفضة للغاية، للحد الذي يبحث فيه الناس عن أماكن أخرى لاستثمار أموالهم. وحتى منذ أقل من شهر مضى، ارتفعت قيمة البورصة والأسهم بمقدار 150% خلال عام. شجعت الحكومة على شراء الأسهم، وصدَّق المستثمرون أن الحكومة مسيطرة على الوضع والأسهم لن تتجه سوى للارتفاع.
رأى الناس الأرباح كهدية من الرئيس شي جين بينغ، وسموها “سوق مضاربة العم شي”. ومؤخراً، في مايو الماضي، تنبأت صحيفة الشعب اليومية (الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي الحاكم) في افتتاحيتها بأن فترات الرخاء بدأت لتوها. لم يتضح بعد لماذا بدأت الفقاعة بالانفجار على هذا النحو الديراماتيكى فى 13 يونيو الماضي.
من المحتمل أن بعض المستثمرين الكبار قرروا أن أسعار الأسهم كانت مرتفعة بمقدار المدخرات، ولكن النتيجة أن واحد من كل عشرة أشخاص بالغين فى الصين ضاعت مدخراتهم تماماً. والأسوأ حالاً هم من اقترضوا لشراء الأسهم ومديونون الآن بديون لا يمكنهم ردها.
هذه أزمة سياسية للنخبة الحاكمة، ولهذا فعلت هذه النخبرة كل ما في وسعها لوقف هبوط الأسهم. أكثر من 90% من البورصة الصينية تم توقيفها بحلول نهاية السابع من يوليو لمنع المزيد من الخسائر وفقاً لما جاء فى جريدة الإيكونوميست الاقتصادية.وكانت الحكومة قد ضخت أيضاً مبالغ طائلة فى النظام. كما منعت الأحاديث “السلبية” حول تغيرات البورصة من التلفزيون والراديو.
الخوف الحقيقي الذي يواجهه الزعماء الصينيون هو كيف ستتفاعل هذه الأزمة مع مستويات متصاعدة من المقاومة التي كانت تتبلور وتكبر في الأعوام القليلة الماضية؟
وفقاً لتقارير ديجيتال تايمز الصينية، ففي فترة سابقة من هذا العام نُظمت إضرابات مساوية تقريباً لكل إضرابات 2014. وبحلول نهاية شهر يونيو تظاهر أكثر من 40 ألف شخص لمدة خمسة أيام فى جينشان، إحدى ضواحي مدينة شانجهاي، تظاهروا ضد مقترحات لبناء مصنع مواد كيميائية (بارازيلين). ترددت أصداء هذا الاحتجاج في تظاهرات انطلقت في مدن كونمينج داليان وشيامن.
في كل من هذه الحالات المبكرة، تراجعت الحكومة المحلية وسحبت ترخيصات التخطيط. ولكن المظاهرات والإضرابات لم تستهدف الحكومة الوطنية، لقد هاجم الناس الشركات ذات الجنسيات المتعددة مثل يو ين فوكسكون أو شركات محلية.
مؤخراً انتشر إضراب المعلمين ليصل إلى عدة مدن، لكنه استهدف حكومة المقاطعة. حتى الغضب على التلوث كان موجهاً عادةً إما للشركات الخاصة أو تجاه بيروقراطية الحزب الشيوعي المحلية. ولكن طبيعة هذه الأزمة تعني أن غضب الملايين سيتوجه للحكومة الوطنية في بكين. وهذا يفتح الباب أمام مستوى جديد في الصراع.
*المقال منشور باللغة الإنجليزية في جريدة العامل الاشتراكي البريطانية