المعلمون الفلسطينيون: بين الإضراب وفساد السلطة

بعد إضراب دام 4 أسابيع، تظاهر صباح الأحد الماضي آلاف المعلمين الفلسطينيين من عدة محافظات أمام مقر السلطة في رام الله احتجاجًا على عدم تنفيذ مطالبهم، والتي تتعلق بتعديلات في نظام التقاعد وفتح باب سلم الدرجات الوظيفية، ورفع الراتب الأساسي، وتأمين تعليم مجاني لأبناء المعلمين في الجامعات علاوة على دفع الرواتب المتأخرة ومستحقاتهم. كما احتشدت جماهير غفيرة من المعلمين أمام مديرية التربية والتعليم في مدينة جنين ومحافظة نابلس شمال الضفة تلبية لدعوة الحراك الموحد للمعلمين بالتظاهر والاعتصام في مراكز المدن، وهي خطوات تصعيدية تم على إثرها سحب الثقة من رئيس الاتحاد الحالي.
كما شارك عدد من الطلبة معلميهم في الاعتصام، وهتف المعلمون والطلبة المعتصمون على مقربة من مقر مجلس الوزراء هتافات تطالب بكرامتهم وحقوقهم، مطالبين الحكومة بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة وإنصاف المعلمين.
ووفقا لأحد أعضاء لجان التنسيق، فإن المعلمين مصممين على تحقيق مطالبهم رغم العوائق التي تضعها الحكومة، ورغم مشاركة الأجهزة الأمنية في منع أي حراك شرعي للمعلمين. وأكد على أن إجراءات الأجهزة الأمنية لن تثني المعلمين في إكمال مسيرتهم نحو الوزارة وإيصال رسالتهم المدعومة من كل الشعب الفلسطيني.
ووفقا لوسائل الإعلام الفلسطينية، فقد صرح عضو اللجنة الإعلامية لحراك المعلمين خالد شبيطة أن قرار إنهاء الاعتصام هو بيد الحكومة، “نحن نطالب بحقوقنا، والدوام سيعود فور تحقيق مطالبنا”، واتهم نشطاء وممثلي المعلمين المضربين عن العمل، الأمانة العامة المستقيلة للاتحاد العام، بالمسئولية عن إفشال التوصل لاتفاق مع الكتل والقوائم البرلمانية وفصائل منظمة التحرير، ووفقا لأحد المعلمين “إن الاتحاد المستقيل، دبر مؤامرة لإفشال الاتفاق”.
أما عن التعامل الأمنى والإدارى لسلطة أوسلو، فعلى خطى الاحتلال الصهيونى أقامت الشرطة الفلسطينية الحواجز على الطرق ومداخل المدن بالضفة لمنع وصول المعلمين إلى رام الله حيث دققوا في هويات ركاب المواصلات العامة، وأجبروا الحافلات التي تقل المعلمين باتجاه رام الله على العودة من حيث أتت، كما قطعوا طريق المسيرة في محيط المجلس التشريعي، وذلك بالتزامن مع الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء. وفتحت وزارة التربية والتعليم باب التطوع أمام أولياء الأمور “لإيجاد حل للإضراب في المدارس”، وفى نفس السياق اشترطت الحكومة تعليق الإضراب وعودة المعلمين لبدأ الحوار. فيما هددت عناصر أخرى من فتح أصحاب الحافلات في مناطق مختلفة من الضفة من نقل المعلمين إلى الاعتصام المقرر أمام مجلس الوزراء.
وفي الوقت الذي يطالب فيه المعلمون بصرف رواتبهم المتأخرة، فضحت إحدى صفحات التواصل الاجتماعي المعنية بموظفي وزارة المالية في غزة حجم الفساد الذي تديره السلطة الفلسطينية بعد تسريب وثيقة موجهة من المستشار السابق جمال زقوت، قبل 3 أعوام، يطلب فيها صرف مبلغ 20 ألف دولار لتعليم ابنته بإحدى جامعات أمريكا رغم أزمة الرواتب التي تعصف بموظفي الضفة وغزة.
وعلى غرار ما أنكره الأمين السابق للجنة التنفيذية لحركة فتح ياسر عبد ربه من تهم فساد وتربح منسوبة إليه ثم تعليقه بأنها مؤامرة للقضاء على النضال الفلسطيني، جاءت المتاجرة هذه المرة في تصريح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي في بيان صادر عنه بشأن حراك المعلمين بضرورة “توحيد الصف” في مواجهة الاحتلال رغم سقوط عشرات الشهداء الفلسطينيين في “ثورة السكاكين” دون أن تهتز السلطة الفلسطينية في وقف تنسيقها الأمني مع إسرائيل.
أزمة المعلمين هي أزمة طويلة تشتعل من وقت لآخر وهي جزء من أزمة موظفي الدولة التي تفضح عجز السلطة الفلسطينية في ظل فساد واضح طال العديد من قيادتها البارزين.