بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

كيف انتصر طلاب الجامعة الأردنية في اعتصامهم ضد الإدارة؟

في سبتمبر عام ٢٠١٤ اتخذت إدارة الجامعة الأردنية، ممثلة برئيسها أخليف الطراونة، مقترحًا لرفع رسوم الجامعة على برنامجي الموازي والدراسات العليا بنِسَب تتراوح بين ٣٠٪ إلى ٢٢٠٪ حيث وافق مجلس الأمناء على هذا المقترح ضاربًا بعرض الحائط الإرادة الطلابية والمصلحة العامة، ناظرين إلى الطالب بأنه مموِّلا وليس شريكًا، الأمر الذي بث الاستياء وحرم شريحة كبيرة من الأردنيين من إكمال تعليمهم في جامعتهم الأم.

انعكست هذه القرارات على حراك الطلاب بداية بتشكيل الطلبة إطارًا أطلقوا عليه التجمع الطلابي لإلغاء قرار رفع الرسوم. انبثقت عنه هيئة إدارية مشكلة من جميع التوجهات، حيث شهد انتخابات الهيئة الإدارية لاتحاد الطلبة بعد ذلك بشهور، وأفرزت عن رئيسها الذي هو عضو في تنفيذية التجمع الطلابي.

برز دور الاتحاد في وضع أولوية لتطلعات الطلبة ومشاكلهم فاُبلغ بالعديد من شكاوي الطلبة، وبضرورة العودة عن هذا قرار رفع الرسوم، ليبدأ الطلاب مسيرة نضالية في الجامعة وخارجها، حيث شكًل الاتحاد لجنة مُنحت إدارة مستقلة سُميّت “رفض”. باشرت هذه اللجنة عملها الذي اتخذ أعلى خطواته التصعيدية بتنفيذ اعتصام مفتوح في آخر فبراير الماضي شارك فيه الآلاف من الطلاب.

حرَّك الاعتصام المياه الراكدة التي أصابت الحركة الطلابية والشارع الأردني حيث تضامن العديد من الشخصيات البرلمانية والسياسية بجانب الكثير من الإعلاميين واتحادات الجامعات الأخرى كالعلوم والتكنولوجيا واليرموك وجميع أحرار الجامعات بجانب مطلب زملائهم في الجامعة الأردنية حيث نظمت فعاليات طلابية في عدة جامعات، تضامنًا مع هذا الاعتصام.

في المقابل، فقد نظمت عدة قوى شعبية وسياسية وحزبية في العاصمة عمان مسيرة حاشدة عقب صلاة الجمعة قبل الماضية للتأكيد على مشروعية مطالب المعتصمين من الطلبة تحت شعار “التعليم للفقراء أيضا”.

فيما جاء رد فعل إدارة الجامعة بتجاهل مطالب المعتصمين في بدايته، ووصفت إضراب الطلاب لاحقًا بأنه مرتبط بأجندة خارجية، وأن الطلاب مرتبطون بجهات لها أهداف سياسية وانتخابية داخل الجامعة، مع التلويح بإمكانية فض الاعتصام، قبل التراجع عن تلك التهديدات ودعوة المعتصمين للحوار.

وقد قرر الطلبة أن يكون الرد في اليوم الذي أطلقوا عليه “خميس الغضب الطلابي”، 17 مارس الماضي، تأكيدًا على استمرارية الاعتصام المفتوح حتى تحقيق اتفاق يقضي بإلغاء القرار وتحقيق مطالب الشارع الطلابي. لينتهي الاعتصام بانتصار الطلبة وإقرار مقترح المعتصمين بعد أن قررت رئاسة الجامعة الأردنية، التراجع عن قرار رفع الرسوم الدراسية بشكل تدريجي، على أن تعود الرسوم إلى ما كانت عليه قبل قرار الرفع. فيما قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدم التجديد لرئيس الجامعة أخليف الطراونة في رئاسة الجامعة مجددًا عقب تصريحه على شاشات التليفزيون بأن الطلاب متعاطو مخدرات وكحول، وهو ما أثار سخط عام تجاه تلك التصريحات المشينة.

المحصلة النهائية في انتصار الطلاب ضد استغلال إدارة الجامعة لم يكن سوى بظهور أهمية تنظيم الطلبة لأنفسهم في لجان ترفع شعارات مصلحة الطلاب في مواجهة تسليع التعليم. هذه اللجان وانخراطها في العمل الطلابي ومعاركه قد تبرز قادة ثوريين سيقودون الحراك القادم. كما أن توافر التضامن والدعم أعطى الدفعة والقوة للحراك؛ فبدون التضامن الطلابي من الجامعات الأخرى والدعم الشعبي والسياسي الذي رأيناه ربما لما استمر الحراك حتى انتصاره.

الأمر الثالث وهو مكنون الحراك الذي عبر عن أهدافه الاجتماعية في المقام الأول تحت شعار “لا برجوازية التعليم”، فعمل على المصالح المادية المباشرة وحقوق الطلاب لكنه لم يعمق بالدرجة التي تستهدف توجهات الدولة الأردنية، فلم نسمع مثلا أن الطلاب ربطوا بين “لا لبرجوازية التعليم” واستغلال البرجوازية وأصحاب رأس المال ضد العمال الذين هم جزء لا يتجزأ بل هم رأس الحربة في النضال ضد عصابات رأس المال والبرجوازية الأردنية.

الربط بين المطالب داخل الجامعة والمطالب الاجتماعية والسياسية خارجها، هو التحدي الذي سيواجه تحركات طلابية قادمة في تحريك الأجواء الاحتجاجية مجددًا في دولة دشنت قوانين قمعية معادية للتظاهر عقب ثورات 2011.