بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عمال النفط في الكويت يدفعون ثمن الأزمة

بدأ 6000 من عمال النفط بالكويت إضرابا شاملا عن العمل مطلع الأسبوع الماضي احتجاجا على صدور مشروع “البديل الاستراتيجى”، حيث تعتزم الحكومة الكويتية اعتماد سلسلة رواتب جديدة لموظفي القطاع العام، وذلك لمواجهة تدني أسعار النفط، وستؤدي هذه الإجراءات إلى خفض رواتب العمال والحوافز الممنوحة لهم. وهو ما يمثل هجوم من الحكومة الكويتية على حقوق العمال ومكتسباتهم من رواتب ومستحقات مالية ومزايا وظيفية. وبعد 3 أيام من الإضراب الشامل، أعلن العمال انتهاء إضرابهم والعودة إلى مواقع العمل في تجربة عمالية تستحق التقييم.

أتى الإضراب بعد إصدار بيان من اتحاد عمال البترول والشركات النفطية يطالب الحكومة بإلغاء أي مشاريع قرارات معروضة على الوزير لاعتمادها والتي تمس حقوق للعمال، كذلك التعهد من المؤسسة بعدم التعرض مستقبلاً لأي حق من حقوق العمال والالتزام بتطبيق أحكام القانون، وأوصى بتشكيل لجنة مشتركة لإيجاد سبلا للترشيد بعيداً عن حقوق العمال واستثناء القطاع النفطي الحالي والمستقبلي من البديل الاستراتيجي.

بينما توعدت الحكومة فى بيان لها المضربين بالمحاسبة، باعتبار أن الإضراب “مجرم قانونا” في دولة الكويت وأن التحريض عليه يعرض صاحبه للمساءلة القانونية. وأضاف البيان أن مجلس الوزراء أمر “بمباشرة الإجراءات القانونية في مواجهة ومحاسبة كل من يمارس الإضراب عن العمل، ويتسبب في تعطيل المصالح الحيوية للمواطنين والإضرار بالمصلحة العامة، وأضاف البيان أن مجلس الوزراء “جرًم الإضراب في الجهات الحكومية، وطالب بإحالة كل مَن يُضرب من الموظفين إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية معه”.

فيما جاء الرد عبر تصريحات إعلامية من رئيس نقابة العاملين في شركة صناعة الكيماويات البترولية فرحان العجمي أن الإضراب لن يتوقف إلا بالاستجابة لمطالب العاملين في القطاع النفطي.

ويأتي مشروع الحكومة في سياق انخفاض أسعار النفط الذي اقترب من 50% عما كان عليه في الصيف الماضي. هذا الانخفاض جزء من أزمة الرأسمالية العالمية والرأس مال الخليجي بالأخص والذي يعتمد في اقتصاده على النفط في المقام الأول.

أما عن تبعات هذه الأزمة، التي هى سمة من سمات النظام الرأسمالي، وتعامل الحكومة الكويتية عبر التوجه نحو سياسة ترشيد الإنفاق وخصخصة قطاعات الدولة المختلفة والبديل الاستراتيجي. هذه التوجهات التي تهدف إلى التصفية النهائية لقطاع الدولة (القطاع العام) عبر خصخصته، وكذلك الانتقاص من الحقوق والمكتسبات العمالية من خلال ما يسمى بالبديل الاستراتيجي للرواتب المبهم وغير العادل، وسيترتب عليها تداعيات سلبية على مستوى معيشة الطبقة العاملة والفئات الشعبية محدودة الدخل بالإضافة إلى ذلك يتضح عدم عدالة البديل من خلال التمايز والتفرقة فقد استثنت الحكومة من هذا المشروع بعض قطاعات الدولة كالدبلوماسيين والجيش والشرطة.

ما أقرته الحكومة الكويتية هو ما يعبر تماما عن تعامل النظام الرأسمالى مع الأزمات، ففي كل أزمة عميقة تحاول الأنظمة الرأسمالية الفرار منها بتقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والمرافق العامة (حالة تقشف)، مقابل توجيه ميزانية الدولة لدفع كبار رجال الأعمال المتعثرين نتيجة توقف حركة السوق، من خلال تقديم التسهيلات والدعم إليهم وإعفائهم من الضرائب والسماح لهم بممارسة أقصى درجات الاستغلال على العمال كي يراكموا ثروات أكبر تمكنهم من تعويض خسائرهم للخروج من الأزمة.
مشروع البديل الاستراتيجي لا يعني إلا أن الأنظمة الرأسمالية تلقي عبء هذه الأزمات على كاهل العمال والفقراء الذين يدفعون ثمن أزمة لم يتسببوا فيها من الأصل. هذا ما تفرضه علينا الرأسمالية اليوم وما على العمال وعلى كل المستغَلين التوحد للنضال ضد هذا النظام.

العمال على الجانب الآخر استطاعوا بالفعل الخوض في تجربة نضالية لرفض المشروع، وهي ثقة جديدة لتكسير حواجز التهديدات التي أطلقتها الحكومة، إلا أن بيان الاتحاد، في دفاعه عن العمال وحقوقهم المكتسبة، استثنى القطاع النفطى من المشروع، ولم يرَ ضمنيا أن تطبيق القانون لا يفرق بين القطاعات العمالية المختلفة. هذا إن دل إنما يدل على خلل في تعامل الاتحاد مع الأزمة فهذا المشروع سيطبق على جميع العمال، وبالتالى توابعه من إفقار وتهميش للعمال جميعا وليس لعمال النفط فقط في الوقت الذي لم يوضح الاتحاد طرق جديدة للتصعيد حال صممت الحكومة على تمرير القانون.

إضراب عمال النفط قد يكون حلقة في سلسلة قادمة من الاحتجاج ضد المشروع، وعلى عمال النفط أن يعوا الدروس جيدا ويتحدوا مع باقي القطاعات العمالية في الكويت لرفض كل أشكال الاستغلال دون استثناء أو تقسيم.