قصف وقتل وحصار: المعارك مستمرة على حلب

يشير المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حوالي 5800 سوري قتلتهم الطائرات الروسية خلال 7 أشهر بينهم 2005 مدنيين سوريين من ضمنهم حوالي 800 طفل وسيدة، أضف إلى ذلك نزوح حوالي 30 ألف إلى الحدود مع تركيا بعدما سيطر النظام على مداخل حلب الجنوبية.
يستمر النظام السورى في التصعيد بارتكاب أبشع مجازره في حق الشعب، وهذه المرة في حلب التي تعتبر من أهم معاقل المعارضة السورية. حصيلة قصف الطائرات أسفرت عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين في ظل مشاركة دولية بالنزاع السورى وهو ما يفضح نيتهم في تسوية النزاع على الأرض؛ فحلب لم يكن يشملها اتفاق الهدنة لتواجه الموت وحدها، ووفقا للرصد استهدف القصف محطة تحلية المياه والمستشفيات والأحياء السكنية، وهو ما يشير إلى رغبة النظام في تهجير أهالي حلب تمهيدا لاجتياحها والسيطرة عليها.
وفي إشارة على رغبة النظام في التصعيد الجنوني لحسم المعركة لصالحه، يعطى الأوامر لقواته في حلب الراموسة لارتداء الأقنعة الواقية من الأسلحة الكيماوية في تلميح على استعداده لاستخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة فهو يسعى لاجتياح حلب حتى لو أاصبحت جثث وركام. وفي نفس السياق، قامت بعض الفصائل الرجعية (الإسلامية) باستهداف المناطق الخاضعة للنظام السوري بقذائف ورصاصات متفجرة أطلقتها على أحياء الحمدانية وجمعية الزهراء والمشارقة وبستان كل اب وشارع البارون ومحيط القصر البلدي وحىي الميدان.
على الجانب الآخر، وتحديدا في ريف حلب الشمالي تخوض قوات المعارضة معارك ضارية ضد تنظيم داعش، وهو ما يزبد من صعوبة الموقف على الأرض بالنسبة للفصائل الأخرى التي تقاوم النظام.
المعارك على الأرض
منذ بداية التدخل الروسي لم يخفي نظام الأسد رغبته في استعادة حلب كاملة حيث سيطر على حوالي 40% من المدينة، وتحديدا الجزء الغربي منها، لذلك أعلن عن استعداده لشن حملة كبيرة لاجتياح المدينة وذلك بعد القصف الدموي الذي يجبر سكانها على النزوح شمالا وتفريغ المدينة منهم ليسهل اجتياحها برا. وفى نفس السياق وقبيل القصف الجوي على المدينة، قامت قوات الأسد بتأمين الطرق إلى عدة مدن سورية، شمال حلب أبرزها، كمدينة نبل والزهراء بفضل القصف الجوي الروسي الذي بلغ 270 غارة خلال يومين، وبتلك الخطوة يكون النظام قد نجح في عزل المدينة عن ريفها الشمالي.
كما نجح فى وقت سابق في السيطرة على المداخل الجنوبية للمدينة وأيضا محافظة اللاذقية التي أصبحت القاعدة الرئيسية له بعد استعادة مدينة سلمى، آخر معاقل المعارضة في المحافظة، وكان من المتوقع أن يتقدم النظام بقواته إلى إدلب وحماة بدلا من حلب لكن رغبته في السيطرة على حلب وضمها بقوة إلى خريطة قتاله يشير إلى أهمية المدينة بالنسبة للمعارك الدائرة على الأرض خصوصا القادم منها.
لماذا حلب؟
حلب هى أكبر ثاني المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية قبل أن تدمرها الصراعات. ترجع أهمية المدينة إلى موقعها الجغرافي الذي يسهل لنظام الأسد في حالة استعادتها كاملة قاعدة للهجمات للسيطرة على باقي البلاد.
وفي حالة إحكام نظام الأسد سيطرته على المدينة، سيقوم بعزل المقاومة عن بعضها في جيوب صغيرة يسهل القضاء عليها لاحقا، وأيضا قطع خطوط الإمدادات من تركيا عبر معبر باب السلامة من خلال إحكام السيطرة على ممر عزاز، وهذا يعني أن إدلب هي المرشحة لتكون ساحة العمليات بعد حلب حيث إنها ستعتبر آخر نقطة اتصال بين المعارضة وتركيا.
الوضع السوري الحالي يفضح الأطراف الدولية المتنازعة التي لا تبالي إلا بما يخدم مصالحها فقط، ولا يدفع الثمن سوى الشعب السوري الذي يتطلع إلى الحرية ويدفع ثمنها من دماءه. اليوم حلب تتعرض إلى المذبحة وغدا إدلب. السؤال هو هل ستجد الأنظمة الدولية صيغة لإقناع الشعب السوري بقبول قاتله والعودة من جديد تحت سلطته؟