بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الفيتو الروسي يحرق سوريا ويفضح نظام السيسي

في الثامن من أكتوبر استخدم المندوب الروسي في مجلس الأمن حق النقض الفيتو لرفض مشروع قرار فرنسي حول حلب الذي ويصفه بأنه محاولة لتسييس القضية الإنسانية.

جاء القرار الفرنسي بعد سلسلة من الغارات الروسية العنيفة التي استهدفت أهداف مدنية منها مستشفى حلب ومحطة الكهرباء والمياه بالإضافة إلى تكثيف الغارات على الأحياء السكنية في شرق المدينة. تضمن القرار الفرنسي أيضا ضمان وصول المساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة لمناطق النزاع مع وقف كافة العمليات القتالية والغارات الجوية للطيران الروسي والنظام السوري وهو ما رفضه الجانب الروسي واعتبره تسييس لقضية الإغاثة.

وفي المقابل، جاء مشروع القرار الروسي الذي يقضي بانسحاب الفصائل المسلحة من حلب دون أن يذكر وقف العمليات الجوية وهو الأمر الذي اُعتبر إصرارا على استمرار المعارك واستهداف سكان المناطق التي لا تخضع للنظام السوري، وهو ما يزيد من الأوضاع المأساوية خصوصا في المناطق التي تعتبر محورا للعمليات داخل حلب.

التوتر الذي حصل بمجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي سيزيد من التوتر بين الجانبين الأمريكي والروسي وحلفائهم بالمنطقة ويصعِّد من حدة المعارك على الأراضي السورية، مما يهدد حياة المدنيين ويدفعهم إلى النزوح خارج مناطق الصراع. وفي نفس السياق صرح دي مستورا المبعوث الأممي أن الأحياء الشرقية بحلب ستدمر بالكامل نهاية العام الحالي إذا استمرت الغارات الجوية الروسية والسورية، وهذا يفسر الإصرار الروسي على استمرار الضربات الجوية على مناطق النزاع.

فسوريا التي نعرفها في طريقها نحو التقسيم ومعارك حلب هي التي ترسم ملامح ذلك التقسيم، وهو الأمر الذي يدفع بالنظام السوري إلى تغيير التركيبة السكانية بالقتل أو بالنزوح لضمان السيطرة على ممرات الإمدادات التركية للفصائل المسلحة لحصارها والانقضاض عليها فيما بعد بالإضافة إلى ضمان الاستحواذ على أكبر مساحة ممكنة في حين تصر الجماعات المسلحة، وفي القلب منها فتح الشام المدعومة من الجانب السعودي – الأمريكي، على الاحتفاظ بالمناطق المحررة خصوصا حلب والتي تعد المنفذ الوحيد لها.

ولعلنا سنشهد توتر جديد بين الجانبين الروسي والأمريكي بعد إصرار الطرفين على تأمين نفوذهم على الأرض؛ فبعد توصل الجانبين إلى هدنة 9 سبتمبر التي فشلت في إلزام الأطراف المتنازعة على الأرض بوقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، عادت المعارك من جديد بوتيرة أشد كمحاولة لنيل أكبر مكاسب ممكنة قبيل اتفاق التقسيم، وهو ما يجعل الطرفين في حالة صدام غير مُعلن زاد من حدته الفيتو الروسي، وفى سياق التصعيد الروسي أعلنت روسيا إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في ميناء طرطوس بسوريا ليتاح لها إبقاء سفنها الحربية في البحر المتوسط والسيطرة على الأجواء السورية حتى بعد الحرب.

وعلى الجانب الآخر، أعلنت فرنسا الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم التي تُرتكب في حلب في سياق زيارة الرئيس الروسي لباريس لمؤتمر بشأن أوكرانيا، وهو ما يُعد بداية للتصعيد الغربي ضد الحلف الروسي السوري.

وجدير بالذكر أن نسرد موقف النظام المصري من مشروعي القرار الفرنسي والروسي والذي يعكس حالة التردي الذي تعيشها السياسة الخارجية للنظام المصري. فرغم التناقض بين الموقفين الروسي والفرنسي إلا أن مندوب مصر لدى مجلس الأمن صوًت بنعم للقرارين، وهي سابقة من نوعها تفضح، بما لايدع مجال للشك، أنه لا توجد سياسة خارجية لنظام السيسي من الأساس والقرارات المتخذة هي مجرد تذيل أو بالمعنى الشعبي (تطييب خواطر) رغم تبرير الخارجية بأن المشروعين متشابهين في عدة نقاط.

فالقرار الفرنسي يصدر من أحد الداعمين عسكريا للنظام المصري، بالإضافة إلى أنه يحوذ التأييد السعودي، لذلك لا يمكن رفضه فذلك سيضع السياسة الخارجية المصرية في حالة عداء مع سياسات المملكة في المنطقة رغم دور الدعم القوي والرئيسي لنظام 30 يونيو، لذلك جاء تأييد المشروع الفرنسي مرغما حتى وإن لم يأتِ على هوى صانعي القرار مع ضمان وقفه بالفيتو الروسي.

أما المشروع الروسي فتم تأييده في سياق سلسلة من محاولات النظام المصري التقرب لنظيره الروسي وكسب دعمه لكسر حالة الحصار التي فُرضت عليه بسبب ممارساته وانتهاكاته، خصوصا في ملف حقوق الإنسان، على الرغم من مواقف الجانب الروسي التي تزيد من حالة الحصار بعد قرار وقف السياحة بين البلدين ووقف بعض الصادرات من المحاصيل الزراعية.

محاولة إرضاء جميع الأطراف يزيد من ضعف الموقف المصري. كسب ود الأطراف الذي تسعي إليه السياسة الخارجية لموازنة مصالحها الخاصة سيخلق حالة من العداء مع الخارج سيكون له تأثيرٌ شديد العمل وستدفع ثمنه شرائح جديدة تُضاف من المصريين الفقراء في ظل حالة أزمة اقتصادية تعتصرهم.