بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الاستفتاء التركي أظهر مشكلات تواجه الحاكم المستبد

بقلم: رون مارجيليز – اشتراكي ثوري من تركيا

أظهرت نتيجة الاستفتاء التركي في الأسبوع الماضي المشكلات التي تواجه الرئيس المستبد رجب طيب أردوغان بشكل متزايد. فقد حظى بنسبة 51.4% في استفتاء يسلب البرلمان سلطته ويمنحها للرئيس. ورغم أن ذلك يبدو كانتصار، فإنه بطرق عدة إخفاق فيما كان يهدف إليه أردوغان.

جادل أردوغان مرارًا بأن ما يريده هو النجاح على الأقل بنسبة 60%، بدلًا من الهروب من الأزمة بشق الأنفس. وهذا ما فشل فيه أردوغان رغم الحملة الضخمة للتصويت بـ”نعم” والممولة جيدًا بصورةٍ واضحة، ورغم تحرش الشرطة بالمعارضة. والأهم من ذلك أن أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” فقدوا أصواتًا مقارنةً بآخر انتخابات عامة أُجرِيَت في 2015. فمنذ عامين، أُجرِيَت لمرتين انتخابات عامة في يونيو ونوفمبر. في الأولى، انخفض التصويت لصالح “العدالة والتنمية” بمقدار عشر نقاط ليصل لنسبة 40%، وهي خسارة لخُمس القاعدة الانتخابية لأردوغان. وفي نوفمبر، تمكَّن من استعادة هذه الأصوات في ظل تهديد التحالف الحكومي غير المستقر والمشوَّش. ومع ذلك، فإن الخسارات السابقة أعطت مؤشرًا لعدم الرضا وسط قواعد حزب العدالة والتنمية.

تمدنا نتائج الاستفتاء بمزيدٍ من الإشارات لحال السياسة التركية. فقد دعا حزب الحركة القومية الفاشي للتصويت بـ”نعم”. لكن التصويت بـ”نعم” كان أقل عشر نقاط من أعلى تصويت للحزبين “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” مجتمعين في آخر انتخابات عامة. وأيضًا هناك حقيقة هامة وهي أن جميع المدن الكبرى، ومنها إسطنبول وأنقرة وأزمير وأدانا وميرسين، قد صوَّتت بـ”لا”. وهذه هي المرة الأولى التي يخسر فيها حزب العدالة والتنمية في إسطنبول منذ انتخابات عام 1994 حين انتُخِبَ أردوغان عمدةً للمدينة. وليس من الصعب فهم لماذا تخلَّى قسمٌ من قاعدة أردوغان عنه.

تغيُّرات
تشير التغيرات الدستورية إلى واحدٍ من أسباب هذا التخلي عن أردوغان. فمنذ سنواتٍ قليلة جادل حزب العدالة والتنمية لصالح تغيير الدستور كله الذي أتى به انقلاب عام 1980 العسكري. والمواد الأربعة الأولى هي مواد مهينة تشدد على “التركية”. ووفقًا لديباجة الدستور أيضًا، فإنه “لا يمكن التعديل ولا طرح التعديلات”. ويمثِّل الدستور ككل عقبةً أمام الحل السلمي لمسألة الأكراد. فالآن يبقى الدستور بشكل شبه كامل دون تغيير، وأردوغان قد علَّق عملية السلام وعاد إلى حربٍ كاملة مع الأكراد. إن معنى الاستقرار والرفاهية المتولد في عملية السلام؛ أصبح ذكرى بعيدة.

تتلاشى سنوات النمو الاقتصادي القوي سريعًا وبشكلٍ ملحوظ. صحيحٌ أن ما من أزمةٍ عميقة في تركيا حاليًا، لكنها تلوح في الأفق، وهذا يقلِّل من الرضا الشعبي عن الحكومة. فمنذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في يوليو من العام الماضي، استغلت الحكومة حالة الطوارئ لاعتقال وحبس عشرات الآلاف بإجراءات سريعة. كما فُصِلَ 130 ألف موظف حكومي، مما خلق حالةً من الخوف وإحساس بأن العدالة قد سُحِقَت حتى بين الداعمين للحكومة.

ستُعقَد انتخابات رئاسية جديدة في عام 2019 – أي لن يتغيَّر شيءٌ من هذا خلال عامين. لكن ما يتغيَّر هو أن قاعدة أردوغان ليست صلبة كما كانت، وأنه لم يعد ذلك الشخص الذي لا يُقهَر كما كان، بل سواجه عامين من المشكلات، مع الحرب في المقاطعات الكردية، وقوات تركية وطبقة عاملة تعاني أزمة تزداد سوءًا.

* المقال منشور في جريدة العامل الاشتراكي البريطانية، للاطلاع على النص الأصلي، اضغط هنا.