بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الحصار والمقاومة في غزة: حوار مع الناشط الفلسطيني توفيق حدَّاد

لأكثر من عشرة أسابيع، يحتشد الفلسطينيون في احتجاجاتٍ كل يومِ جمعة على الحدود بين غزة والكيان الصهيوني. وفي ما أطلق عليه مُنظِّمو الاحتجاجات “مسيرة العودة الكبرى”، يطالب المتظاهرون بوضعِ حدٍّ للحصار الاقتصادي الإسرائيلي المصري الخانق المفروض على قطاع غزة، وبعودة عائلات اللاجئين منذ أجيالٍ مضت إلى أراضيهم.

وردًّا على ذلك، أطلق الجيش الصهيوني موجاتٍ من العنف على المتظاهرين العُزَّل، فقُتِلَ على الأقل 110 شهيد، وأُصيبَ 12 ألفًا منذ بدء الاحتجاجات في 30 مارس الماضي. أما اليوم الأكثر دموية، فكان 14 مارس، يوم النكبة، في ذكرى التطهير العرقي للفلسطينيين في العام 1948، عام تأسيس دولة الكيان الصهيوني.

تحدَّث الناشط الفلسطيني توفيق حدَّاد، مُؤلِّف كتاب “فلسطين: النيوليبرالية والقومية في الأراضي المحتلة”، إلى عمر حسن، من موقع “الراية الحمراء” الأسترالي، عن مغزى الاحتجاجات، والمراحل المقبلة في النضال من أجل تحرير فلسطين.

ما هي خلفية الاحتجاجات؟

يُعد نظام السيطرة الذي يفرضه الكيان الصهيوني على غزة غير مسبوقٍ عالميًا. يُطلِق عليه بعض الأكاديميين اسم “الاحتلال الرقمي”، إذ تراقب البنادق الآلية ذات تقنية التحكُّم عن بُعدٍ، والطائرات بدون طيَّار هذه المنطقة الصغيرة، التي لا تتجاوز 360 كيلومتر مربع. ونظام الدخول إلى غزة هو الآخر مُعقَّدٌ للغاية، وتحسب إسرائيل كل صغيرةٍ وكبيرة تدخل إلى القطاع.

ومع ذلك، من غير الدقيق اختزال الاحتجاجات إلى القضايا الإنسانية البحتة، إذ تقع غزة تحت الحصار لأن المجتمع الدولي والكيان الصهيوني يريدان منع نشوء نموذجٍ سياسي بديل على الساحة السياسية الفلسطينية. ولقد قادت حركة حماس هذا المشروع السياسي البديل، ويمكنها أن تحظى بالسلطة بصورةٍ شرعية مرةً أخرى حال عقد انتخابات. لكن القضية أكبر بكثيرٍ من حماس نفسها.

لم يكن قطاع غزة ليبرز إلى الوجود إلا بسبب حرب 1948، فقد كان منطقةً هامشية آل إليها ضحايا الحملة الصهيونية لإبادة الفلسطينيين عرقيًا. ثلاثة أرباع السُكَّان هم من اللاجئين الذين نشأوا في الأصل في المناطق الساحلية والجنوبية لفلسطين. ويُعد هذا، على المستوى الديموغرافي، العكس تمامًا من الضفة الغربية، حيث يُشكِّل اللاجئون رُبع السُكَّان فقط.

ولقد حوَّلَت تجربة النزوح وظروف العيش القاسية قطاعَ غزة إلى بوتقةٍ للقومية الفلسطينية والحركة المُطالِبة بعودة اللاجئين. ووَلَّدَ القطاع التيارات السياسية الأكثر راديكالية، من الحزب الشيوعي في الخمسينيات والستينيات، إلى حركة فتح في أواخر الستينيات، ثم حركتيّ حماس والجهاد الإسلامي في وقتٍ لاحق.

أما الاحتجاجات الأخيرة، فهي أحدث تجسيدٍ لهذه الدينامية. نحن نشهد الآن انتفاضةً شعبيةً جديدة اندلعت حول القضايا التاريخية للحركة الفلسطينية (من أجل العودة، وتقرير المصير، والتحرُّر، إلخ)، كما نشهد كل الوسائل الجديدة التي استخدمها الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي لمحاولة السيطرة على الحقوق الفلسطينية وتقويضها.

هناك عاملٌ مهمٌ آخر. توصَّلَت حركة حماس، التي فازت في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني للعام 2006 وحاولت إصلاح الحركة الوطنية الفلسطينية عبر مؤسساتٍ مثل السلطة الفلسطينية، في النهاية إلى أن قطاع غزة لا يمكن أن يُحكَم في إطار القيود الراهنة. ولقد صار الحكم الذاتي، الذي نتج عن اتفاقية أوسلوا التي وُقِّعَت في التسعينيات، طريقةً لتخفيف العبء من على الكيان الصهيوني من أكثر العناصر “المُرهِقة” على الاحتلال، لكن مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة في نهاية المطاف.

تتخلَّى حماس عن الحكم المدني وتوفير الخدمات لأنها تفهم، على نحوٍ صائب، أن هذا فخ. لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تدير أمور غزة وتناقضاتها من دون سيادةٍ وحريةٍ في حركة الأفراد والبضائع.

وحين نضيف أن حكومة فتح في رام الله، في الضفة الغربية المُحتلَّة، قد خفَّضَت الإنفاق على غزة خلال السنوات الأخيرة للضغط على حماس، نرى أن الاحتجاجات تُجسِّد رفضًا شعبيًا للاحتلال والحصار من ناحية، ولأزمة السياسات الفلسطينية من ناحيةٍ اخرى، وهي أيضًا طريقةٌ تدفع بها حماس “مشكلة” غزة إلى موقعها الصحيح – إسرائيل والمجتمع الدولي، اللذين يُعدَّان أطرافًا رئيسية مسئولة عن استمرار معاناة الفلسطينيين لسبعين عامًا.

من يقود الحركة الجديدة؟

مع قرار حماس بالتخلي عن الحكم، انفتح الطريق أمام القوى الشعبية، وبخاصةٍ الجيل الأصغر من النشطاء، لأخذ زمامِ المبادرة واستبصار ما يمكن فعله لتغيير الأوضاع.

وفي هذا الصدد، فقد تجمَّعَت الهياكل التقليدية للحركة الوطنية الفلسطينية – فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحركتا حماس والجهاد الإسلامي – حول الحراك الجديد وقياداته العضوية، لتشكيل الهيئة العليا لمسيرة العودة الكبرى، التي تشرف على الحركة والاحتجاجات. لذا، فإن الحراك الجديد هو مزيجٌ من أطرافٍ قديمة وجديدة، يخلط بين التكتيكات القديمة والجديدة معًا.

ولا تزال حركة حماس هي اللاعب السياسي المُهيمِن في غزة، وقدرتها على التعبئة لا تُضاهى هناك. وقد أشار قرارها بتخليها عن الحكم بالضوءِ الأخضر لأعضائها للمشاركة في التحرُّكات الشعبية، ما أمدَّ هذه التحرُّكات بثقلٍ عددي ولوجيستي. لكن لا يجب هنا الخلط بين ذلك وأن حماس هي التي تُنظِّم المظاهرات. فحماس تُمثِّل كيانًا عضويًا في غزة، وهي جزءٌ من أي حراكٍ ضد الاحتلال هناك، وستظل هكذا – سواء كانت هي التي تبادر بهذه التحرُّكات أو أنها تنضم إليها بعد تدشينها.

تتألَّف قاعدة الحركة مما يمكن تسميته بـ”جيل أوسلو”، أولئك الشباب في الثلاثين من العمر، الذين ترعرعوا في قطاعِ غزة خلال سنوات أوسلو، والذين لم يغادروا القطاع قط، ولا يحظوا إلا بفرصٍ ضئيلة للعيش الكريم.

وبالحديث عن أوسلو، كانت هذه الاتفاقية غطاءً للكيان الصهيوني من أجل تطبيق الفصل العنصري. فقد استخدموا عملية السلام من أجل فرض “حصار” على الضفة الغربية وغزة لتطويق الفلسطينيين، بالأخص أهالي غزة، والاستيلاء على أراضيهم.

اعتاد أغلبية عمال غزة في السابق على العمل داخل سوق العمل الإسرائيلي، ويكاد يكون كل من عمل هناك قد تعرَّضَ للطرد من العمل وظلَّ حبيسًا في قطاع غزة غير المُستدام اقتصاديًا بسبب “السلام”. وفي ذروة عملية السلام، شُيِّدَ سورٌ لإغلاق المنطقة بإحكامٍ عام 1995، أي قبل سبع سنواتٍ من بناء الجدار العازل عبر الضفة الغربية.

لذا فقد نشأ الشباب في غزة منعزلين عن بقية العالم، دون فرصٍ للعيش الطبيعي، لكن بفهمٍ تاريخي لوضعهم كلاجئين وأسباب هذا الوضع، وبالطبع بآمالٍ مُحطَّمَة في عملية السلام.

آباء هؤلاء الشباب هم من شهدوا الانتفاضة الأولى عام 1987 وشاركوا فيها، لكنهم مذاك الحين يعيشون تدهورًا حادًّا في مستويات المعيشة بسبب “عملية السلام”. وهذا الجيل الأقدم يواصل الاحتجاج لأن الحصار يعني عجزهم عن رعاية عائلاتهم؛ فهو يسحق الأجيال الجديدة والقديمة على حدٍّ سواء.

ذهب مراسلٌ صحفي إلى المنطقة العازلة، حيث تنطلق المظاهرات، وحاوَرَ سيدةً عجوز هناك. مازَحَها بأن معظم السيدات من جيلها يقبعون في منازلهن يخبزن العيش، وسألها ماذا تفعل هنا. ردَّت بحسمٍ قاطع: “استُشهِدَ زوجي، وكذلك اثنان من أبنائي، وابنٌ آخر على كرسي مُتحرِّك، ولا يهمني إذا ما أصابتني طلقةٌ في جبهتي”.

يشعر الناسُ بأن ما مِن شيءٍ لديهم يخسرونه. والكفُّ عن الحراك إنما هو شكلٌ من الموت البطيء بالنسبةِ لهم. في ظلِّ مثل هذه الظروف، لِمَ لا يخاطرون بموتٍ سريعٍ طالما أن ثمة على الأقل فرصةً لتغيير شيء؟

الاحتجاجات في الضفة الغربية خافتةٌ إذا ما قورِنَت بغزة. هل هناك سببٌ لذلك؟

لا يكترث الكيان الصهيوني بالمناطق التاريخية المختلفة من فلسطين بنفسِ القدر، وهكذا فهو يُطبِّق إستراتيجيات مختلفة أيضًا لإدراك أهدافه.

وغزة هي المنطقة الأشد زخمًا من بين الجميع، لأنها الأقل أهميةً بالنسبة للتطلُّعات الصهيونية. إنها تلك المنطقة التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، الحائز على جائزة نوبل “للسلام”، يتمنَّى لو أنها “تغرق في البحر”.

لكن الضفة الغربية مختلفة في هذا الصدد. لدى الكيان الصهيوني مصلحة إستراتيجية أساسية هناك؛ حيث المساحات الأرحب، والمرتفعات ذات المواقع الإستراتيجية، واحتياطات المياه ذات الأهمية الكبرى، علاوةً على المواقع التاريخية المهمة للحركة الصهيونية لتأكيد أسطورة “عودة الشعب اليهودي إلى أرض إسرائيل”.

ولذلك، استخدَمَ الكيان الصهيوني عملية السلامة للفصل بين الفلسطينيين عبر الأراضي المُحتلَّة عام 1967، بينما يستثمر في مشاريع هائلة لإنشاء المستوطنات، ما ضاعَفَ عدد المستوطنين ثلاثة أضعاف منذ عام 1993. يهدف الكيان الصهيوني لإلحاق هذه الأراضي؛ مُوحِّدًا ما سَلَبَه عام 1948 مع ما احتلَّه عام 1967.

حاوَلَ الكيان الصهيوني والدول الغربية كذلك أن يجعلوا الضفة الغربية أكثر رخاءً من غزة، لإضعاف التيار السياسي المُناهِض لأوسلو، والذي يتجسَّد بصورةٍ أكثر تماسكًا في حركة حماس.

مُنِحَت الضفة الغربية الجزرة، فيما لم تلق غزة سوى العصا. والمنطق وراء ذلك هو جعل الفلسطينيين يعتقدون أن المقاومة غير ذات جدوى. وبينما ظهرت بعض التحسينات الرمزية في الضفة الغربية بعد العام 2007، ظلَّ الوضع في حالةٍ من عدم الاستقرار. وفي السنوات الأخيرة، ساءت الأحوال الاقتصادية، ولم يُخفِّف الاحتلال الصهيوني من وحشيته، رغم إدارته بشكلٍ مختلف.

والضفة الغربية أصعب في مسألة التنظيم. فالكيان الصهيوني على الأرض هناك، ويقتحم المدن والبلدات الفلسطينية يوميًا لشنِّ حملات اعتقالات. لا يحدث هذا في غزة، مما يساعد المقاومة على مراكمة الخبرات والقيادات. تحتجز إسرائيل حوالي 7 آلاف مُعتَقَل فلسطيني؛ أغلبيتهم من القيادات السياسية في الضفة الغربية. وإذا تمكَّن هؤلاء من تنظيم تحرُّكاتٍ على الأرض، لكانت الضفة الغربية بدت مختلفةً اليوم. وإسرائيل تدرك ذلك جيدًا.

على القمة من كل ذلك تقبع حركة فتح، وبخاصةٍ ذلك الفصيل منها الذي يُمثِّل الأغلبية والذي يُكِن ولاءً لمحمود عباس أبو مازن، الرئيس الفلسطيني الذي يسيطر ظاهريًا على الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

بالنسبة لحركة فتح، دَفَعَ الفلسطينيون ثمن المقاومة المُسلَّحة (التي لم يُعتَرَف بالحركة إلا بفضلها)، والآن عليهم أن يتجنَّبوا مواجهةً مُدمِّرة مع إسرائيل. تعتقد حركة فتح أن هذه الإستراتيجية ستُلحِق الهزيمة بالتطلُّعات الصهيونية في نهاية المطاف، لأن الفلسطينيين، إذا ظلوا في فلسطين ونظَّموا أنفسهم، فإنهم سيكونون هم الفئة “غير اليهودية” في إطار “الدولة اليهودية الديمقراطية” من وجهة النظر الإسرائيلية. وتعتقد فتح أن هذا هو التناقض الذي سيفرض في النهاية مسألة إقامة الدولة أو انهيار الصهيونية.

لذا فإن السلطة الفلسطينية وحركة فتح في الضفة الغربية ليستا مُهتمَّتَين بالحراك الشعبي الذي من شأنه أن يُهدِّد قبضتهما على السلطة، ويقتلع ادعاء السلطة الفلسطينية بأنها المُمَثِّل الشرعي الوحيد للنضال الفلسطيني. ما تكترث به السلطة الفلسطينية وفتح في الحقيقة هو الإبقاء على الوضع الراهن وركود الحركة على الأرض. وهكذا فإن الوضع السائد الآن هو الإنهاك والانقسام عبر الساحة السياسية الفلسطينية، وفي داخل الضفة الغربية على وجه الخصوص.

أين ترى الحركة الفلسطينية في السياق الأوسع لسياسات الشرق الأوسط؟

تاريخيًا، توصَف القضية الفلسطينية باعتبارها “قضية كل العرب”. لكن بات من الواضح لكثيرين أن هذا لم يكن الحال لعقودٍ مضت – إن كان كذلك من الأصل في أيِّ وقتٍ مضى. لقد تُرِكَ الفلسطينيون لمواجهة مصيرهم، بالأخص بعد أوسلو. ومع اندلاع ثورات المنطقة العربية في 2010 و2011، تدهوَرَ الدعم المحدود الذي حظت به القضية في ضوءِ أن الديناميات الثورية المحلية “هي الأهم”.

في تلك الأثناء تقريبًا، كانت الحركة الفلسطينية تنقسم داخليًا بين الضفة الغربية وغزة، ما خَلَقَ أزمةً في التمثيل والقيادة. ظلَّت القوى الشعبية عبر المنطقة العربية على دعمها مع فلسطين. غير أن هذا التضامن والدعم لا يمكن أن يتجسَّد في سياقٍ تتحكَّم فيه قوى وديناميات الثورة المضادة.

شَغلَت موجات الثورة المضادة تفكير الثوريين العرب، ما أدَّى إلى المزيد من عزلة القضية الفلسطينية عن محيطه الطبيعي. لكن هذا الوضع مؤقتٌ، ولن يستمر على الدوام بالتأكيد. في نهاية المطاف، ستشتعل الديناميات الثورية من جديد عبر المنطقة، لأن الأنظمة القديمة لا تُقدِّم إجاباتٍ على الأسئلة التي فرضتها الثورات.

وإلى جانب ذلك، نشهد تواطؤًا عربيًا غير مسبوق مع الكيان الصهيوني – مُتَمَثِّلًا بأكثر ما يمكن من الوضوح في التقارب السعودي الإسرائيلي، وكذلك التواطؤ المصري الإسرائيلي الذي لم يسبق له مثيل. حتى أن مصر قد دَعَت إسرئيل لقصف سيناء بأسطولٍ من طائراتها بدون طيَّار لإخماد الحركات الجهادية هناك.

تسعى الدول العربية للاصطفاف مع إسرائيل ومع إدارة ترامب في مواجهةِ إيران – وكذلك في مواجهة أيِّ معارضة محلية مُتصوَّرة لحكمها. هذه الديناميات مُنهِكة للتيارات الثورية العربية، لاسيما في ظلِّ غياب حركةٍ تقدُّميةٍ وشبكةٍ أوسع يمكن أن تجعلها مُستَدامة.

يتموضع الشرق الأوسط، وفلسطين، في محورٍ مركزي للتجارة العالمية، والصراعات السياسية والنزاعات على الطاقة. وهذا يعني أن أي قوى ديمقراطية حقيقية في المنطقة لابد أن تتحدَّى عددًا كبيرًا من العناصر الرجعية في النظام العالمي، من خلال مواجهة التجسيدات المحلية لهذه العناصر. التحديات في هذا الصدد لم تكن من قبل قط بهذه الخطورة.

* هذا الحوار مُترجَم عن موقع الراية الحمراء الأسترالي