بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

الأردن.. نجاح المقاومة

انتصار الحركة الجماهيرية الأردنية في إرغام الملك على التراجع عن قرارات الحكومة يؤكِّد أن المقاومة ممكنة وأن قرارات الإفقار الاقتصادية وسياسات صندوق النقد الدولي ليست قدرًا ولا ضرورة حتمية لا بديل لها.

فبعد أقل من عامٍ من رفع الحكومة الأردنية لأسعار السلع الأساسية والوقود والطاقة والضرائب (منذ يناير ٢٠١٨ رفعت الحكومة ضريبة المبيعات بنسبة ١٠٪ على ١٦٤ سلعة بما في ذلك الألبان والخضروات والفواكه، وتضاعف سعر الخبز وارتفعت أسعار الوقود خمس مرات وارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة ٥٥٪)، لم تعد الجماهير الأردنية قادرةً على تحمُّلِ المزيد من “الإصلاح الاقتصادي”، فمع طرح الحكومة في ٧ مايو ٢٠١٨ مشروع قانون الضرائب الجديد، الذي يُوسِّع شرائح ضريبة الدخل ويُدخِل شرائح جديدة كانت معفاه في السابق، أخذ مجلس النقابات المهنية خطوةً جريئة بالدعوة لإضراب قبل نهاية الشهر. وعندما فشلت محاولات رئيس الحكومة في إثناء المجلس عن قرار الإضراب دون التخلي عن مشروع القانون، بدأ الإضراب في ٣٠ مايو بانضمام ٣٣ نقابة وجمعية في إضراب عام ومسيرات ضخمة لإسقاط الحكومة. وفي اليوم التالي مع تنفيذ الحكومة للزيادة الشهرية في أسعار الكهرباء والوقود طبقًا لاتفاق الصندوق الدولي، كانت مبادرة الإضراب كافية لتشجيع جماهير الفقراء على التظاهر والاعتصام في مختلف مدن الأردن وأضيف لمطلب إسقاط مشروع الضرائب مطلب إلغاء زيادة الأسعار وإسقاط الحكومة!

قوة وتنظيم وصمود الحركة وانتشارها أدوا في أقل من ٢٤ ساعة إلى إصدارِ أمر ملكي بإلغاء زيادة الأسعار. ولكن الحركة استمرت حتى قدَّمَت حكومة هاني الملقي استقالتها وسحب رئيس الوزراء الجديد مشروع قانون الضرائب “لإعادة دراسته”.

إذن فنحن نتحدَّث عن انتصارٍ كامل لحركةٍ جماهيرية عربية في ٢٠١٨ بعد ٥ أعوام من الهزائم المتتالية. خطورة هذا الانتصار على الديكتاتوريات العربية وثورتها المضادة أصبح واضحًا حين تدخَّلَت السعودية والكويت والإمارات لإنقاذ النظام الأردني بحزمةِ مساعداتٍ ستتجاوز 2.5 مليار دولار. هل ستنجح قوى الثورة المضادة في قمع هذه الحركة الجديدة، وهي نفسها القوى التي لعبت الدور الرئيسي في دعم الثورات المضادة منذ 2011، أم ستكون الحركة الأردنية شرارة لاندلاع حركات مشابهة في المنطقة؟ هل نشهد بداية نهاية سنوات الهزيمة والتراجع؟ أم لحظة استثنائية؟ مجرد ومضة من الضوء ستُطفئ سريعًا؟ وماذا نفعل كيسارٍ في المنطقة العربية لتغيير توازن القوى لصالح الجماهير والثورة؟