نحو حركة نسائية عالمية جديدة

شهدت الأرجنتين خلال الأسبوع الماضي أكبر مظاهراتٍ نسائية في تاريخها. فقد شارك مئات الآلاف من النساء ومن الرجال المؤيدين لحقوق المرأة في مظاهراتٍ صاخبة ربطت بين المطالبة بتغيير القوانين الرجعية المقيدة لحقِّ المرأة في الإجهاض وبين رفض ومواجهة كافة أشكال التحرُّش الجنسي. وفي ما يبدو أنه أصبح تقليدًا عالميًا، فقد امتلأت المظاهرات بلونين أساسيين: اللون الأخضر وهو يرمز للدفاع عن حق الإجهاض، واللون البنفسجي وهو يرمز لرفض التحرُّش ضد المرأة (لون الكدمات على أجساد ووجوه النساء). ومرة أخرى وكما حدث في أيرلندا، أدى الضغط النسائي الجماهيري إلى فرض مناقشة قوانين الإجهاض في البرلمان الأرجنتيني والتصويت لتغيرها لصالح النساء، رغم معارضة الكنيسة الكاثوليكية واليمين التقليدي.
تأتي الحركة الأرجنتينية ليس فقط بعد الانتصار الكبير لنساء أيرلندا في إلغاء قانون تجريم الإجهاض، ولكن أيضًا بالتزامن مع مظاهراتٍ شبيهة في تشيلي شاركت فيها أيضًا مئات الآلاف من النساء من أجل حقوق المرأة وضد التحرُّش الجنسي.
لم يعد هناك شكٌّ أننا نشهد منذ العام الماضي بدايات جديدة لحركة نسائية عالمية ربما كانت إرهاصاتها الأولى مع التطوُّر السريع لحركة “أنا أيضًا” ضد التحرُّش الجنسي والتي انتشرت عالميًا منذ ذلك الحين. وقد أخذت الحركة النسائية الجديدة دفعةً قوية مع الإضراب النسائي العام بكتالونيا في مارس 2018 والذي شاركت فيه أكثر من مليوني امرأة!
وللذين سيقولون أن هذه قضايا لا تخصنا في مصر، فنحن لنا خصوصية ثقافية، وما إلى ذلك، فليقل ذلك لعشرات الآلاف من النساء المصريات اللاتي ينزفن حتى الموت بسبب عملياتِ إجهاضٍ غير آمنة، ولملايين النساء المصريات اللاتي يتعرَّضن لأسوأ أنواع التحرش الجنسي كل يوم في شوارع وميادين ومكاتب ومصانع ومنازل مصر!
ربما آن الأوان لإعادة إحياء الحركة النسائية المصرية والتي رأينا بشايرها مع ثورة يناير 2011 لتكون جزء من هذا الحراك العالمي الجديد.