بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

دفعة جديدة لليسار؟

بريطانيا والخروج من الاتحاد الأوروبي

حكومة المحافظين في بريطانيا في أزمةٍ غير مسبوقة. هناك انقسامٌ داخل حزب المحافظين بين المؤيدين للخروج الكامل من الاتحاد الأوروبي وبين المؤيدين للبقاء بدرجةٍ أو بأخرى على الأقل في السوق الأوروبية المشتركة. هذا الانقسام قد صعد إلى السطح مُجدَّدًا مع استقالة وزير الخارجية ووزير مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

منذ الاستفتاء حول البقاء أو الخروج من الاتحاد في ٢٠١٦، والتي صوَّتَت فيه الأغلبية للخروج، وهناك أزمةٌ متفاقمة في الساحة السياسية في بريطانيا. اليمين الوسط (القيادة التقليدية للمحافظين) واليسار الوسط (القيادة التقليدية لحزب العمال منذ توني بلير) يشهدون انهيارًا في الشعبية والنفوذ، في حين يشهد أقصى يمين المحافظين وأقصى يسار حزب العمال صعودًا كبيرًا في التأثير والجماهيرية.

وبالنسبة لقضية الاتحاد الأوروبي، فالمسألة بها الكثير من التعقيدات. فمشروع الاتحاد الأوروبي قائمٌ على الليبرالية الجديدة والسياسات التقشُّفية شبه الدائمة. هناك قطاعٌ كبيرٌ من الطبقة العاملة البريطانية صوَّتَ ضد البقاء في الاتحاد لهذا السبب. ولكن هناك قطاعٌ صوَّتَ ضد البقاء تحت تأثير الدعاية الشعبوية اليمينية المناهضة للمهاجرين وخاصة المسلمين. أما المؤيدون للبقاء، فكثيرٌ من هؤلاء من الطبقة الوسطى والمهنيين الأكثر استفادة بحرية التنقُّل والعمل بين مختلف الدول الأوروبية.

الأزمة الحالية في السياسة البريطانية تفتح المجال لوصول حزب العمال بقيادة جريمي كوربن إلى السلطة. وبرنامج جريمي كوربن إنما هو برنامج يساري معادٍ لليبرالية الجديدة، ويدعو لإعادة تأميم كثير من المؤسسات والخدمات، وعلى رأسها السكك الحديدية وشركات الطاقة، وعودة التعليم المجاني، ومضاعفة ميزانية الصحة.

وصول كوربن إلى السلطة سيُشكِّل أول هجوم مُنظَّم ضد الليبرالية الجديدة في الدول الرأسمالية المُتقدِّمة. ونجاح مثل ذلك البرنامج سيعطي دفعة قوية لليسار المناهض لليبرالية الجديدة عالميًا. ولكن التحديات ليست سهلة. فاليمين سيستخدم كافة أسلحته من عنصرية، وإسلاموفوبيا، وبثٍّ للذعر في صفوف الطبقة الوسطى، ودفع الاستثمارات الرأسمالية للخروج من بريطانيا لإفشال كوربن وبرنامجه اليساري. فقط من خلال تعبئة جماهيرية واسعة النطاق للنقابات العمالية ولملايين الشباب المؤيدين لكوربن، فقط من خلال ذلك يمكن تحقيق النصر في مواجهة اليمين المُهيمِن منذ عقود.