بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

مقتل خمسة متظاهرين وإصابة العشرات

الاحتجاجات الشعبية في العراق تتواصل للأسبوع الثاني

تتواصل الاحتجاجات الشعبية في العراق منذ مطلع الأسبوع الماضي ضد البطالة والفساد وفقر الخدمات. وأفادت تقارير بأن خمسة متظاهرين على الأقل قد قُتِلوا على يد قوات الأمن منذ بدء الاحتجاجات، بينما يواصل عشرات الآلاف التظاهر في محافظات جنوب العراق.

امتدَّت الاحتجاجات لتشمل محافظات البصرة، وذي قار، وميسان، وبابل، والديوانية، والسليمانية، وكربلاء، والنجف، وصولًا إلى العاصمة بغداد. وهاجَمَ المتظاهرون الكثير من المقرات الإدارية والمباني الحكومية في المدن المذكورة، علاوة على مقرات حزب الدعوة الإسلامية، الذي يترأسه رئيس الوزراء حيدر العبادي.

مطالب
تتركَّز الهتافات والشعارات المرفوعة على البطالة والفقر، علاوة على الفساد الذي لم يغب عن مرمى المظاهرات، والضعف الحاد للخدمات، حيث انقطاع الطاقة الكهربائية أغلب ساعات اليوم، وشُح المياه الصالحة للشرب في ظلِّ أجواء الصيف التي تتجاوز الـ50 درجة مئوية في العراق.

ويعاني العراقيون من نسبٍ كبيرة للبطالة بلغت 10.8%، ويُشكِّل من هم دون 24 عامًا نسبة 60% من سكان العراق، ما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب. ويصل مُعدَّل الفقر إلى 35%، وهو الأعلى منذ 100 عام، وذلك حسب الإحصاءات الحكومية -ما يطرح أن النسب المذكورة من المُرجَّح أن تكون أعلى من ذلك.

وتنطلق المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في العراق للمطالبة بإنهاء الفساد، وتوفير فرص عمل، وتحسين منظومة الإمداد بالكهرباء والمياه، وهي المشكلات التي فشلت 5 حكومات منذ الغزو الأمريكي في العام 2003 في حلِّها نظرًا للفساد المستشري في الأروقة الحكومية.

وعلاوة على مهاجمة المتظاهرين المباني الحكومية المحلية، وجَّه المتظاهرون غضبهم أيضًا ضد أحزابٍ سياسية رئيسية متحالفة مع إيران، مثل حزب الدعوة الإسلامية، وتحالف الفتح الذي تدعمه ميليشيات مدعومة إيرانيًا، إذ أحرقوا الكثير من مقراتهما، وهتفوا “إيران بره بره”. ويأتي ذلك بعد شهرين من الانتخابات البرلمانية التي عُقِدَت في 12 مايو الماضي، والتي شهدت إقبالًا ضعيفًا وفضائح تزوير أشعلت احتجاجاتٍ واسعة في محافظتيّ السليمانية وكركوك شمالي العراق.

البصرة: شرارة الاحتجاجات
رغم أن البصرة هي المحافظة العراقية الأغنى نفطيًا في البلاد، ويُشكِّل إنتاجها من النفط الخام 95% من صادرات العراق من المحروقات، تُعتَبَر البصرة من أفقر محافظات العراق وأكثرها تضرُّرًا من ضعف الخدمات. وتحتوي المحافظة على العديد من حقول النفط، منها حقول الرميلة وغرب القرنة والزبير، بينما تسيطر شركاتُ نفطٍ بريطانية وروسية وإيطالية وهولندية على إنتاج النفط بها.

كانت الاحتجاجات الواسعة قد انطلقت في البداية من محافظة البصرة، 8 يوليو الجاري، قبل أن تتوسَّع عبر محافظات الجنوب، وتواصل انتشارها شمالًا.

وانطلقت الشرارة الأولى حينما نظَّمَ مواطنون وقفةً احتجاجية أمام إحدى الشركات النفطية العاملة في شمالي البصرة، واعتدت عليهم قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل أحد المحتجين وإصابة 4 آخرين.

أغلق المتظاهرون في البصرة الموانئ والطرق، وهاجموا مبنى البلدية في المحافظة، فيما لم تهدأ الاحتجاجات حتى بعد فرض حظر التجوُّل واستخدام الشرطة العراقية خراطيم المياه والأعيرة النارية في مواجهة المتظاهرين.

حكومة العبادي: قمع وتشويه وتهديد
أعلنت الحكومة العراقية، السبت الماضي، وضع قوات الأمن والجيش في حالة تأهُّبٍ قصوى، وفرضت في اليوم نفسه حالةَ طوارئ وحظرَ تجوُّلٍ في أنحاء محافظات الجنوب.

وتستخدم قوات الأمن العراقية الرصاص الحي وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين. وكان حيدر العبادي قد أمر الأحد الماضي بإرسال 9 كتائب إضافية من قوات الأمن العراقية إلى البصرة، منها 3 كتائب مُخصَّصة لـ”مكافحة الإرهاب”. وعلاوة على ذلك، قطعت الحكومة خدمات الإنترنت جزئيًا في وسط البلاد وجنوبها لعرقلة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن العبادي لم يعتمد فقط على تكتيكات القمع المباشر للقضاء على الاحتجاجات، فأولًا أعلن عن رصد مُخصَّصاتٍ مالية تبلغ 3 مليارات دولار لتنمية محافظة البصرة، التي اندلعت منها الاحتجاجات كمحاولةٍ لتهدئتها. وثانيًا عمد إلى تشويه الاحتجاجات بتحذيره من “العناصر المُندسَّة” لمحاولة إثناء المزيد من المتظاهرين من الانضمام للاحتجاجات التي تجتاح البلاد. فقد جاء في بيان المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء أن الاجتماع الطارئ للمجلس الوزاري للأمن الوطني، برئاسة العبادي، بَحَثَ “تداعيات ما حصل في بعض المناطق من تخريبٍ من قِبَلِ عناصر مندسة”، ثم هدَّد: “القوات الأمنية ستتخذ كافة الإجراءات الرادعة بحقِّ هؤلاء المندسين وملاحقتهم”، و”الإساءة للقوات الأمنية تُعَد إساءةً بحقِّ البلد وسيادته”.