بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ملالي إيران بين غضب الجماهير والعقوبات الأمريكية

احتلت إيران مركز الصدارة في اهتمام وسائل الإعلام العالمية خلال الأسبوع الماضي وذلك لسببين: الأول بالطبع هو بدء العقوبات الأمريكية القاسية على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران، والثاني هو اندلاع موجة من المظاهرات الكبرى داخل إيران. المظاهرات بدأت قبل بدء تنفيذ العقوبات الأسبوع الماضي.

كان المحرك الأول لهذه المظاهرات هو الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأساسية وإنخفاض قيمة الريال الإيراني. ولكن سرعان ما رفع الجماهير شعارات ضد الاستبداد وضد الفساد. هذه الموجة من الغضب هي الأولى منذ المظاهرات الضخمة في ديسمبر ويناير الماضيين والتي نجحت في إرغام النظام على التراجع عن بعض القرارات برفع الأسعار والاعتراف من خلال آية الله علي خامنائي بأن هناك ضرورة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية.

في الماضي كانت الدولة نفسها تنظم المظاهرات ضد السياسات الأمريكية وكان الشعار الرئيسي هو “الموت لأمريكا” ولكن الشعارات في مظاهرات الأسبوع الماضي كانت “الموت للبطالة” و “الموت لزيادة الأسعار” و”تسقط الديكتاتورية والفساد” و”الموت لخامنئي”.

هناك رفض شعبي واسع النطاق لعودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية ولكن هذا الرفض لم يترجم إلى تأييد للنظام. عقود من الفساد والليبرالية الجديدة من قبل النخبة الحاكمة جعل الغضب الجماهيري يظل موجهًا للنظام الحاكم رغم العقوبات.
ولكن ما من شك أن النظام الإيراني سيحاول استخدام العقوبات وتهديدات دونالد ترامب لحرف الغضب نحو أمريكا.

أما قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران فلابد أن يفهم في سياق الصراع الإقليمي بين السعودية وحليفتها إسرائيل من جانب وإيران من الجانب الآخر على الهيمنة العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط. الولايات المتحدة بالطبع تؤيد السعوديين والصهاينة. ولكن هذا لا يجعل الجانب الإيراني “تقدميًا” أو “معاديًا للإمبريالية”، فالطبقة الحاكمة الإيرانية لا تختلف في استبدادها وفسادها وعدائها للجماهير عن الطبقة الحاكمة السعودية. أما دعاية النظام الإيراني حول عدائه للصهيونية فهي مجرد شعارات تعبوية فلم تطلق إيران رصاصة واحدة في إتجاه إسرائيل منذ نشأة الجمهورية الإسلامية.

العقوبات الأمريكية الحالية ستعمق من الأزمة الإقتصادية في إيران، خاصة بعد انهيار قيمة الريال في الشهور الثلاثة الماضية. تتضمن العقوبات صناعة السيارات وتداول الدولار الأمريكي والذهب وأيضًا صناعات الحديد والصلب والمعادن. وما يجب الانتباه إليه هو أن هناك مرحلة ثانية من العقوبات في نوفمبر تتضمن تصدير وصناعة البترول والغاز والبنوك. وكالعادة فالذي يدفع ثمن العقوبات هو غالبية الشعب الإيراني وليس النظام والطبقة الحاكمة.

ولكن يبدو هذه المرة أن الجماهير الإيرانية ستقاوم ذلك بشدة. موجة الغضب الحالية يمكن اعتبارها إمتدادًا للحراك الجماهيري الذي بدأ في ديسمبر ويناير الماضي. هذا الحراك تجاوز المظاهرات حول الأسعار ليشمل أيضًا موجة من الإضرابات العمالية وسلسلة من المظاهرات والفعاليات النسائية ضد القوانين الرجعية المكبلة لحرية المرأة الإيرانية.

خلال 2018 شهدنا مظاهرات واحتجاجات في تونس والمغرب والأردن والآن في إيران، وكلها تتمحور حول رفض سياسات التقشف ورفع الأسعار والفساد والرأسمالية. الظروف والسياسات التي مهدت للثورات العربية في 2011 مازالت كما هي ومازال الجماهير يتحركون لمقاومتها بكل ما يعنيه ذلك من فرص وتحديات للثوريين في المنطقة.