بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

المأساة السورية: الإطاحة بالأسد ونظامه كان الطريق الوحيد لتفادي الفوضى والدمار

من الصعب المبالغة حول حجم المأساة السورية، فما بدأ بثورة شعبية ديمقراطية في درعا في ٢٠١١ انتهى في يونيو ٢٠١٨ مع استسلام آخر فصائل المقاومة أيضًا في درعا لجيش بشار الأسد تحت رعاية روسية.

يتناسى الكثيرون أن الثورة السورية بدأت بمظاهرات جماهيرية سلمية شارك فيها مئات الآلاف ووحدت بمطالبها الديمقراطية بين الرجال والنساء وبين السنة والشيعة وبين المسيحيين والمسلمين وبين العرب والأكراد وعبرت عن وعي متجاوز للانقسامات الطائفية التي طالما استخدمها نظام البعث للاستمرار في السلطة. عبرت الثورة أيضًا عن درجة عالية من التنظيم الديمقراطي من خلال تشكيل اللجان الشعبية المنتخبة لقيادة الحراك ولتنظيم كافة مناحي الحياة في المناطق المحررة.

ولكن نظام بشار الأسد راهن من اللحظة الأولى على قدرته على هزيمة الثورة بمزيج من القمع الوحشي والتحريض الطائفي. وقد أدى القمع الدموي للمظاهرات إلى تسليح اللجان الشعبية في بداية الأمر للدفاع عن المظاهرات من وحشية قوات النظام والشبيحة (البلطجية المسلحين) ولكن تفكك الجيش السوري على أسس طائفية وانضمام كثير من الضباط والجنود إلى صفوف المعارضة سرعان ما دفع ما بدأ بثورة شعبية سلمية ضد نظام ديكتاتوري إلى حرب أهلية طائفية.

وفي عام ٢٠١٢، عندما كان نظام الأسد على وشك السقوط في مواجهة استمرار الحراك الشعبي ومعه المعارضة المسلحة، استدعى بشار حلفاءه إيران وحزب الله لإنقاذ النظام ومن جانب آخر تدخلت دول الخليج وتركيا لدعم العناصر السنية في المعارضة.

وقد شاركت جميع هذه القوى في تحويل الصراع إلى حرب أهلية طائفية مدمرة. فمن جانب قام الجيش السوري بتدمير كل المدن التي تركزت فيها القوى المعارضة تدميرًا كاملًا بمساعدة القوات الإيرانية والسلاح الجوي الروسي. ومن جانب آخر احتلت داعش مناطق واسعة تتمركز حول رقا وقامت فيها بمذابح منظمة وتطهير طائفي وحشي بمساعدة مباشرة وغير مباشرة من السعودية وتركيا.

وكانت المحصلة ستة ملايين من اللاجئين خارج سوريا وستة ملايين من النازحين داخليًا في مخيمات ونصف مليون قتيل وتدمير ٦٥٪ من إجمالي المباني في المدن والقرى السورية.

وحتى المقاومة الكردية والتي شكلت المقاومة المسلحة الرئيسية ضد داعش من جانب وضد بشار الأسد من الجانب الآخر، فقد اعتمدت على الدعم والحماية من الأمريكيين والأوروبيين والذين سرعان ما تخلوا عنهم في مواجهة الجيش التركي الذي احتل مراكزهم الرئيسية ودفعهم للتفاوض مع بشار الأسد.

استخدمت الديكتاتوريات العربية وعلى رأسها نظام السيسي مثال المأساة السورية للدعاية ضد الثورة بل ضد المعارضة في حد ذاتها. “أتريدون أن تصبحوا مثل سوريا؟ انظروا ماذا حدث للشعب السوري عندما قام بثورة على النظام الحاكم!”، و”الثورة لا تؤدي إلا للفوضى والدمار والموت.” ولكن هذا المنطق في واقع الأمر معكوس. فنجاح الثورة السورية في الإطاحة بالأسد ونظامه كان الطريق الوحيد لتفادي الفوضى والدمار. ديكتاتورية الأسد وثورته المضادة القائمة على استثمار الطائفية والعنف الوحشي للاستمرار في الحكم هو ما دمر سوريا بسببه وقتل وشرد شعبها. بشار الأسد، مثله مثل عبد الفتاح السيسي، مستعد للتضحية بالشعب من أجل الحفاظ على النظام.

الانتصار الحالي للأسد ليس نهاية المطاف، فاستمراره في الحكم قائم على التدخل العسكري المباشر لروسيا وإيران وبدونهما لن يصمد الأسد أكثر من أسبوع. والجماهير السورية التي ثارت على النظام ستتمكن عاجلًا أو آجلًا من إعادة توحيد صفوفها والإطاحة بالأسد ونظامه الإجرامي وإعادة بناء سوريا جديدة قائمة على تلك المطالب والشعارات التي فجَّرتها الثورة في درعا منذ سبعة سنوات.