بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

اعتداءات جماعية ضد المهاجرين في مدينة كيمنتس

الفاشية تدق ناقوس الخطر في ألمانيا.. حوار مع ناشط ضد العنصرية

آلافٌ من النازيين خرجوا إلى الشوارع، يوم الأحد 26 أغسطس، في اعتداءاتٍ جماعية ضد المهاجرين واليساريين، في مدينة كيمنتس بولاية ساكسونيا شرقي ألمانيا. في هذا الحوار، يتحدَّثَ جابي إنجلهارد، من حركة “قاوموا العنصرية” في كيمنتس لمجلة Marx 21 الاشتراكية الألمانية حول الدوافع التي حفَّزَت اليمين المُتطرِّف وكيفية التصدي له.

ما مدى أهمية التحرُّكات النازية في كيمنتس؟

ما حَدَثَ في كيمنتس لهو صدمةٌ بمعنى الكلمة. الصور التي تُظهِر جحافل النازيين وهم يطاردون ويصيبون “الأجانب” واليساريين يوم الأحد لا تُحتَمَل. وفي مظاهرتهم اليوم التالي، لوَّحوا بتحية هتلر، هاتفين: “ألمانيا للألمان، الأجانب يُطرَدون”، وهاجموا الصحفيين والمتظاهرين المُناهِضين للفاشية.

نجحنا في حشد 1500 متظاهر ضدهم، رغم المزاج العدواني السائد وتهديدات اليمين باستخدام العنف. كانت هذه بدايةً مهمة، لكن اليمين تفوَّق علينا عدديًا.

ما الذي حفَّزَ هذا العنف من جانب اليمين؟

مع انتهاء مهرجان المدينة صباح يوم الأحد، نشب نزاعٌ بين العديد من الناس أفضى إلى مقتل أحد الأشخاص وإصابة اثنين. سارَعَ حزب “البديل من أجل ألمانيا” وغيره من اليمينيين إلى اختلاق قصة مفادها أن الضحية كان يحاول حماية امرأة. ربطوا الجريمة باللاجئين وبالاعتداءات الجنسية على النساء، رغم أن الشرطة نفت أن للأمر علاقةً بالاعتداء الجنسي.

قال الحزب إن “النساء لن يجرؤن بعد اليوم على الخروج إلى الشوارع وحدهن”، وإن “الثقافة العربية لا مجال لها بيننا”. يدَّعون أن اللاجئين معادون للنساء، في حين أن العنف والتمييز على أساس الجنس ليسا أمرين غريبين على ألمانيا. ولم تأتِ البيانات التي يصدرها حزب “البديل من أجل ألمانيا” يومًا على ذكرِ أيِّ تعاطفٍ مع ضحايا العنف الجنسي.

أيُّ مجموعاتٍ تلك التي تقف وراء هذه التحرُّكات؟

شارَكَ كلُّ الطيف السياسي اليميني المُتطرِّف في ولاية ساكسونيا، التي يزيد تعداد سُكَّانها على 4 مليون نسمة. في البداية، دعا “البديل من أجل ألمانيا” لـ”مظاهرةٍ ضد العنف” يوم الأحد. وشاركه في هذه الدعوة اليمينيون من ألتراس فريق كيمنتس لكرة القدم. أما مسيرة يوم الاثنين 27 أغسطس، فقد أعلنتها مجموعةٌ تُدعى “برو كيمنتس”، لكن أحزابًا وشبكاتٍ يمينية شاركت في الدعوة أيضًا.

وما هي “برو كيمنتس”؟

خرجت الحركات “المؤيِّدة للمواطن”، من أمثال “برو كيمنتس”، من رحم “الرابطة الألمانية للشعب والوطن” التي آلت إلى الفشل في التسعينيات. ويهدف مُصطَلح “حركات المواطن” إلى تغطية أنشطتهم العنصرية والقومية بستارٍ برجوازي.

لدى هذه المجموعات بعض العناصر المُحافِظة ضمن قواعدها، مثلما هو حال المجموعة القائمة في كيمنتس التي شارك في تأسيسها عضوٌ سابق في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب أنجيلا ميركل)، وهو رينهولد بريده. لكن الكوادر النازية هي التي تُحدِّد التوجُّهات.

لدى “برو كيمنتس” ثلاثة أعضاء في البرلمان منذ 2014. وزعيم هذه المجموعة البرلمانية الصغيرة هو مارتن كوهلمان، الذي لا يزال ناشطًا نازيًا منذ عقود، وله صلاتٌ قويةٌ بالحزب الوطني الديمقراطي اليميني المُتطرِّف في ساكسونيا، فضلًا عن ارتباطه بجماعات قتال الشوارع “كامارادشافت” الفاشية.

هل كانت هذه التحرُّكات تتألَّف فقط من النازيين؟

كلا بالطبع، لكن المركز المُنظِّم لها يتألَّف من الكوادر النازية الذين حاولوا توطيد تنظيمهم واكتساب نفوذ سياسي من خلال هذه الأحداث المأساوية، ونجحوا في ذلك جزئيًا.

ما الدور الذي اضطلع به فرع حزب “البديل من أجل ألمانيا” في كيمنتس في المظاهرات؟

مَهَّد “البديل من أجل ألمانيا” الأرض للنازيين ليجرؤوا على التظاهر علنًا عبر المدينة. كانت سياسات هذا الحزب هي ما أشعلت الشرارة. لعدة سنوات كان الحزب في كيمنتس يبذل جهدًا في الحشدِ ضد المسلمين واللاجئين. صار الحزب بأكمله مستودعًا للفاشيين والقوميين.

في أعقاب أحداث الأحد، نَشَرَ العضو البرلماني عن الحزب، ماركوس فروهنماير تغريدةً على تويتر يقول فيها: “إن لم تكن الدولة قادرةً على حماية المواطنين، فسيخرج الناس إلى الشوارع لحماية أنفسهم. اليوم صار إيقاف الهجرة القاتلة واجبًا مدنيًا”.

من الناحية الرسمية، نأى “البديل من أجل ألمانيا” بنفسه عن النازيين، لكن شخصياتٍ بارزةً فيه دعوا إلى التظاهر. يُشكِّل اليمين في كيمنتس شبكةً وثيقة الاتصال ببعضها، وهناك أعضاءٌ ومسئولون في الحزب ضالعون في هذه الشبكة.

كيف تصف المساحة السياسية التي يحتلها اليمين في ساكسونيا؟

لا شكَّ أن اليمين المُتطرِّف يشعر بالتفاؤل إزاء حجمه في الولاية. ففي نوفمبر الماضي، حصل “البديل من أجل ألمانيا” على 27% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الفيدرالية بولاية ساكسونيا، ما جعله الحزب الأقوى من حيث عدد الأصوات في الولاية.

زادت نسبة التصويت للحزب بواقع ثلاثة أضعاف منذ انتخابات برلمان ولاية ساكسونيا في العام 2014. ويُعزى الفضل في أن أصبحت ساكسونيا معقلًا لحزب البديل أيضًا إلى النفوذ المتزايد لليمين المُتطرِّف في الولاية.

اتخذت الحركة الوطنية الاشتراكية السرية، وهي مجموعةٌ فاشية إرهابية، من ولاية ساكسونيا مخبأً لها في التسعينيات وسنوات الألفية. ولأكثر من عقد، كان الحزب الوطني الديمقراطي يحصل على أكثر من 5% من الأصوات في الولاية، حتى أنه دخل برلمان الولاية بـ9.2% من الأصوات في 2004.

وفي الآونة الأخيرة، صارت الولاية مركزًا لمسيرات حركة “بيجيدا” المعادية للمسلمين. لم يرتكب النازيون في أيِّ ولايةٍ أخرى جرائم أكثر مِمَّا اقترفوها في ساكسونيا. ومنذ 2011 حتى 2016، ارتكب اليمين المُتطرِّف 10,269 اعتداء عبر الولاية. وفي ذروة أزمة اللاجئين في 2015، قُدِّرَت جرائمهم بمُعدَّل سبع جرائم في اليوم الواحد.

انتشرت التقارير في وسائل الإعلام عن أعمال الشغب العنصرية خلال العام 2015 في مناطق فرايتال، وهايدناو، وباوستن، وكلاوزنيتز، لكن الإرهاب اليميني اليومي الذي يقبع وراء تلك الأحداث لم يحظ إلا باهتمامٍ محدود.

لماذا يتمتَّع اليمين بهذه القوة؟

يتمثَّل أحد الأسباب وراء ذلك بالتأكيد في حكومة الحزب الديمقراطي المسيحي المُحافِظ لولاية ساكسونيا. في الماضي، قلَّل الحزب من شأن هذه التهديدات، زاعمًا أن ما مِن مشكلةٍ تتعلَّق بالعنصرية أو النازية في الولاية. هذا الفرع الساكسوني من الحزب هو واحدٌ من أكثر فروع الحزب يمينية. ومن خلال ما أثاره رئيس الوزراء السابق لحكومة الولاية، ستانسيلاف تيليش، من عنصريةٍ ضد المسلمين واللاجئين، فقد مَهَّدَ الطريق أمام النازيين و”البديل من أجل ألمانيا”. وهكذا صار بمقدور اليمين المُتطرِّف أن ينمو بصورةٍ هائلة.

ما الذي يتعيَّن فعله لإيقاف اليمين المُتطرِّف؟

لابد أن تتوحَّد الأحزاب والقوى الديمقراطية في كيمنتس. تتراوح هذه القوى من الحزب اليساري الألماني (دي لينكه)، والخضر، والحزب الاشتراكي الديمقراطي والنقابات، إلى جماعات المسلمين واليهود والمسيحيين، ومنظمات المهاجرين، وغير ذلك من مبادرات المجتمع المدني.

نحن بحاجةٍ إلى تحالفٍ واسع لمجابهة التحريض العنصري. نحن بحاجةٍ إلى إحياء تراثنا العتيد من التعبئة المضادة للفاشية التي لطالما كنَّا نُوطِّد جذورها في كيمنتس منذ العام 1990. لابد ألا ندع العنصريين واليمينيين يسيطروا على الشارع.

ينبغي أن يدرك النازيون أن أعدادًا كبيرة من الناس ليسوا فقط ضد آرائهم، بل أنهم أيضًا مستعدون لمواجهتهم والتصدي لهم. للأسف، كانت أعدادنا أقل من أن تتمكَّن من إيقاف مظاهرة اليمين المُتطرِّف يوم الاثنين. النازيون يريدون أن يُكرِّروا مظاهرتهم، لكننا سنكون هناك لهم بالمرصاد. لن تكف حركة “قاوموا العنصرية” عن التعبئة ضد العنصريين والنازيين.

– هذا الموضوع مترجم من الإنجليزية عن صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية