بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

فرنسا تعترف رسميًا بـ”التعذيب المنهجي” وتعتزم فتح أرشيف حقبة احتلال الجزائر

أقرَّت مؤسسة الرئاسة الفرنسية أمس الخميس لأول مرة باستخدام الجيش الفرنسي التعذيب المنهجي ضد مناهضي الاستعمار، وبالأخص مناهضو احتلال الجزائر. وتناقلت وسائل الإعلام العالمية بيانًا لقصر الأليزيه نشرته جريدة “لوموند” الفرنسية، وصدر بالتوازي مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرسمية لمنزل جوزات أودان أرملة عالم الرياضيات الجزائري موريس أودان، الذي اعتقلته قوات تابعة للجيش الفرنسي عام 1957 من منزله في الجزائر العاصمة، وقامت بعدها بإخفائه قسريًا وتعذيبه حتى الموت.

كان أودان أستاذًا مساعدًا للرياضيات في جامعة الجزائر، وعضوًا بالحزب الشيوعي الجزائري وناشطًا ضد الاستعمار ومن أجل استقلال الجزائر. وظلَّت الرواية الرسمية حول قضيته تُصرُّ تاريخيًا على أنه فرَّ من سجنه حتى 2014، حين صرح الرئيس الفرنسي، وقتها، فرانسوا أولاند أن “أودان لم يهرب من معتقله بل توفي أثناء عملية الاحتجاز”.

ويُعد بيان الأليزيه الأخير وزيارة أرملة أودان من وجهة نظر المؤرخ الفرنسي البارز بنجامين ستورا “خطوة تأخذها فرنسا بعيدًا عن الإنكار الذي سيطر لعقود على علاقتها بماضيها الاستعماري” وتابع في تصريحاته الذي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” أن “[الخطوة] تسمح بالمضي قدمًا وبالخروج من الإنكار والتقدم في خدمة الحقيقة”.

وينظر المؤرخون بتفاؤل كبير لبيان الأليزيه وتصريحات ماكرون ويعتبرها متابعون انتصارًا لمهنة التأريخ ذاتها، وبالأخص المؤرخ الراحل بيير فيدال-ناكي الذي كان أول من كذّب الرواية الرسمية حول فرار أودان المزعوم، إذ نشر تحقيقًا مفصّلًا في مايو 1958، بعد أقل من عام على اختطاف أودان، رجح فيه أنه الجيش الفرنسي قتله أثناء تعذيبه.

تضمّن البيان، إلى جانب الإقرار بالمسؤولية عن التعذيب المنهجي، إعلانًا عن قرار وزاري مزمعٌ إصداره لإتاحة سجلات الأرشيف الفرنسي الرسمي للعامة، لاسيما تلك الخاصة بحقبة استعمار الجزائر، وذلك “حتى يتمكن الجميع (مؤرخون أو عائلات أو جمعيات) من مراجعة الأرشيف بخصوص [مصائر] كل هؤلاء الذين اختفوا في الجزائر”، وتابع البيان “نحن نضع قضية المختفين في المركز”.

ومن جانبها أصدرت جمعية موريس أودان في فرنسا بيانًا يحتفي بالزيارة وبقرار إتاحة الأرشيف، واعتبر رئيس الجمعية بيار منسات الاعتراف الرسمي حدثًا تاريخيًا بعد نضالٍ ساهمت فيه الجمعية على مدار 60 عامًا من أجل الكشف عن مصير المختفين قسريًا. وقال “سيدفعنا القرار قدما لمواصلة البحث حول الكثير من الجزائريين المختفين بعد اختطافهم من الجيش الفرنسي وبعد تعذيبهم والتنكيل بأجسادهم”.