بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

ترامب ونهاية حل الدولتين: قصة موت معلن

مضى ربع قرن منذ مفاوضات وإعلان مبادئ أوسلو والذي فرض تنازلات كبرى على الجانب الفلسطيني، منها الاعتراف الكامل بشرعية دولة إسرائيل والتنازل عن 78% من كامل التراب الفلسطيني في مقابل القبول بدولة ناقصة السيادة في الضفة الغربية وغزة وما سمي في ذلك الوقت بحل “عادل” لقضية اللاجئين والقدس الشرقية كعاصمة لمشروع الدولة الفلسطينية.

والآن يطلق دونالد ترامب رصاصة الرحمة على مشروع الدولتين بعد الفشل التام لمشروع أوسلو رغم التنازلات الفلسطينية. فقد ضرب خلال الأشهر القليلة الماضية الأركان الثلاث المتآكلة لمشروع الدولة الفلسطينية. فقام أولاً بالاعتراف بالقدس كعاصمة أبدية لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. وقام ثانياً بوقف كل التمويل الأمريكي للأنروا وهي المؤسسة الراعية لخدمات التعليم والصحة والغذاء لللاجئين الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية وغزة أو في مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان. ومعنى هذه الخطوة الثانية أن مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين أو تعويضهم لم تعد هي أيضاً على مائدة المفاوضات.

والضربة الثالثة جائت بتقويض ما تبقى من شرعية السلطة الفلسطينية ووجودها بوقف كل أشكال الدعم المالي لها (بما في ذلك المستشفيات في القدس الشرقية) وبإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

قرارات ترامب تأتي كدعم غير مشروط لنتنياهو ولمشروعه الصهيوني بضم غالبية الضفة الغربية بمستوطناتها إلى دولة إسرائيل وبإستمرار الشعب الفلسطيني في جزر وكانتونات معزولة، بما فيها سجن غزة الكبير تحت حكم ذاتي محدود.

مشروع أوسلو وحل الدولتين ولد ميتًا منذ بدايته، فقد كان مجرد غطاءً سياسيًا لاستسلام منظمة التحرير الفلسطينية واعترافها بالدولة الصهيونية في مقابل وعود لم يرى الفلسطينيون منها شيئًا، فظل الصهاينة طوال ربع القرن الماضي في التوسع في بناء المستوطنات وفي تسريع عملية تهويد القدس وفي إحكام الحصار على غزة (بمساعدة النظام المصري). أي ظلوا ينفذون على الأرض سياسات تقوض مشروع الدولتين، وعلى الرغم من ذلك ظلت السلطة الفلسطينية متمسكة بالمفاوضات وبمشروع السلام وبرفض المقاومة المسلحة، بل ومساعدة الإحتلال على قمعها وحصارها.

والآن بعد الإعلان عن وفاة حل الدولتين بدأت البدائل المطروحة أمريكيًا في الكشف عن نفسها فيما سمي بـ”صفقة القرن” وهي عبارة عن مجموعة من الاقتراحات الوهمية غير القابلة للتنفيذ مثل تكوين كونفدرالية أردنية فلسطينية، وخلق منفذ للحياة لسكان غزة في شمال سيناء واستيعاب اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية المحيطة.

كل تلك الاقتراحات قديمة قدم مشروع الدولتين ولم تكن قط سوى أطروحات ورقية لاستمرار عملية التفاوض إلى ما لا نهاية وإعطاء الصهاينة المزيد من الوقت والمساحة السياسية للاستمرار في الاستيطان والتوسع.

الرد الفلسطيني على كل ذلك لم يكن في الموقف البائس والضعيف للسلطة الفلسطينية وقياداتها العاجزة ولكن في مسيرات العودة وفي استمرار المقاومة بكل الوسائل الممكنة وعلى رأسها المقاومة المسلحة.

إسرائيل وأمريكا تريدها دولة صهيونية واحدة يعيش فيها الفلسطينيون كمواطنين درجة ثانية وثالثة ويلجأون في مشروعهم هذا لمصر السيسي والخليج النفطي لمساعدتهم على حصار الشعب الفلسطيني وضرب مقاومته.

وعلى اليسار العربي والعالمي أن يدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، أولًا بمشاركة فعالة في حملات المقاطعة لدولة الاحتلال الصهيوني، وثانيًا في فضح ومناهضة الأنظمة العربية المتواطئة مع الصهاينة والمشاركة في حصار الشعب الفلسطينية، وثالثًا وعلى المدى الأطول في دعم مشروع التحرير لكامل التراب الوطني الفلسطيني ولتأسيس دولة فلسطينية ديمقراطية بمساواة كاملة لكل سكانها من مسلمين ومسيحيين ويهود.