ضد سياسات التقشُّف والإفقار: “السترات الصفراء” في مواجهة ماكرون

احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع العاصمة الفرنسية باريس السبت الماضي، للاحتجاج على زيادة أسعار الوقود. تحولت المظاهرات سريعا إلى اشتباكات دامية مع الشرطة الفرنسية التي استخدمت الهراوات وقنابل الغاز والضرب والسحل ضد المتظاهرين، واعتقلت حوالي 400 متظاهر، وجُرج على الأقل 133 شخص منهم 23 من قوات الأمن، وحطم بعض المتظاهرين واجهات المحلات الفاخرة وأشعلوا النار في عدد من السيارات.
ووصف أحد المسؤولين الفرنسيين الأحداث بأنها “انتفاضة ثورية”، في حين يجتمع ماكرون اليوم الأحد مع حكومته لمناقشة الأحداث وسط تكهنات بفرض حالة الطوارئ وحظر المظاهرات. وألغى رئيس الوزراء زيارته المقررة لبولندا للمشاركة في قمة التغير المناخي.
مظاهرات السبت لأصحاب “السترات الصفراء” سبقها عدد من التحركات في العاصمة والمدن الفرنسية بدأت 17 نوفمبر الذي شهد نزول حوالي 300 ألف متظاهر في أنحاء البلاد للاحتجاج وقطع الطرق الرئيسية، بعد أن زادت أسعار الديزل في آخر 12 شهر 23٪، في الوقت الذي يواصل فيه ماكرون سياسات التقشف والهجوم على النقابات وتخفيض الضرائب على الأغنياء.
حاول اليمين المتطرف تصدر المشهد في البداية، فأعلنت الجبهة القومية (الفاشية) تأييدها للمظاهرات استكمالًا لخطابها الشعبوي الذي يحاول التقرب من الطبقة الوسطى وقطاعات من الطبقة العاملة، وشهدت المظاهرات في البداية شعارات عنصرية رُفعت ضد المهاجرين والأجانب. ولا تزال عناصر اليمين المتطرف متواجدة في التحركات، ولكن الحراك ليس تحت سيطرتهم. وشهدت مظاهرات السبت مشاركة النقابات العمالية وتواجد ملحوظ للاشتراكيين والأناركيين.
وكعادة “تأثير الدومينو” ألهم الحراك في فرنسا حراك مماثل في جارتها بلجيكا، التي شهدت تظاهرات واشتباكات مع الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز واعتقلت حوالي 60 شخصًا.
أما في مصر، سارعت وسائل الإعلام المقربة للأجهزة الأمنية، مثل المصري اليوم، باتهام الإخوان وداعش في الوقوف خلف أعمال التخريب!
سياسات التقشف التي تعصف بأوروبا ستواصل تفجير غضب وحراك عفوي أو منظم في الشوارع، وسط استسلام معظم أحزاب اليسار الإصلاحي (الاشتراكية الديمقراطية) لنفس الأجندة المعادية للفقراء، وإن لم يبذل اليسار الجذري قصارى جهده للانخراط في تلك التحركات والانفجارات الجماهيرية، لن يكون الفاشيون واليمين الشعبوي بعيدين عنها.