تنازلات ماكرون: انتصار جزئي يفتح آفاقًا جديدة للحركة في فرنسا وخارجها

التنازلات التي قدَّمها ماكرون أمس الاثنين أمام احتجاجات السترات الصفراء لم تُلبِ مطالب الحركة ولكنها شكَّلَت انتصارًا جزئيًا قد يفتح آفاقًا جديدة أمام الحركة.
رفع الحد الأدنى للأجور 100 يورو شهريًا، وإلغاء الضرائب على ساعات العمل الإضافية، وتقديم منح لدعم القدرة الشرائية للأسر المعوزة، هذه تنازلات ماكرون التي تمثِّل بعض مطالب الحركة التي امتدت لشهر كامل، ولكن هل تكفي تلك التنازلات لإقناع ذوي السترات الصفراء بالتوقُّف عن الاحتجاج؟
لا تبدو الأمور على هذا النحو لعدة أسباب.
أول تلك الأسباب أن القمع نفسه الذي تعرَّضَت له الحركة قبل أن يبدأ ماكرون بتقديم التنازلات زاد من حدة الغضب بين المتظاهرين وجعل التنازلات التي يُقدِّمها ماكرون اليوم مضطرًا غير كافية لتهدئة هذا الغضب.
ثانيًا أن تلك التنازلات لا تكفي في حدِّ ذاتها لتحسين أوضاع المحتجين ولا تمثِّل إلا مسكناتٍ للأزمة، والأهم أن تلك التنازلات لم تقترن بإلغاء تخفيضات الضرائب على الأغنياء والتي أُقِرَّت من قبل وطالب المتظاهرون بإلغائها، فيما يُشكِّك عدم إلغائها في نوايا ماكرون؛ فكيف يمكن تحسين أوضاع الفقراء دون تحميل الأغنياء بعض الأعباء!
ثالثًا ما قرَّره ماكرون أمس أنعش مطالب قطاعات أخرى مثل الطلاب والعمال الذين لن يستفيدوا من رفع الحد الأدنى للأجور وغيرهم سيكون لديهم ما يتحرَّكون من أجله، وأمامهم انتصار السترات الصفراء حافزًا.
لا يمكن التنبؤ بمستقبل الحركة وخطواتها التالية، ولكن الأيام المقبلة ستشهد الإضراب الذي دعت إليه اتحادات عمال كبرى في فرنسا يوم الخميس المقبل، لتختبر أثر تنازلات ماكرون، كما سيكون هناك موعدٌ آخر مع المظاهرات يوم السبت.
ولكن أيًّا كان المسار الذي ستتخذه الاحتجاجات في فرنسا، فقد انتقلت شرارتها بالفعل من فرنسا إلى بلجيكا وهولندا وتونس والأردن في موجةٍ جديدة للنضال ضد سياسات الظلم الاجتماعي التي تفرضها الليبرالية الجديدة، لتقدِّم النضال الاجتماعي بديلًا لسياسات العداء للأجانب والمهاجرين والأقليات التي يقدِّمها اليمين المتطرف في العالم كحلٍّ للأزمات التي تصنعها سياسات الرأسمالية.