شاهد عيان على مظاهرات زيمبابوي: “الحكومة تعلن الحرب على مواطنيها”

بقلم الرفيقين بيشوب وتشي، من منظمة الاشتراكيين الأمميين – زيمبابوي
شهدت الفترة ما بين يوم الاثنين 14 يناير إلى الأربعاء 16 يناير أكبر إغلاق كلي للأعمال التجارية في تاريخ زيمبابوي، حيث استجاب العمال والفقراء لنداء مؤتمر اتحاد نقابات زيمبابوي للتظاهر ضد الزيادات الهائلة في أسعار الوقود والتدابير التقشفية للحكومة.
اندلعت المظاهرات الغاضبة في الكثير من المدن، وأُجبِرَت الشركات على الإغلاق. وقام متظاهرون غاضبون من بلدات مختلفة في مابفوكو، وشيتونغويزا، ومبودزي، وهايفيلدز، وكوادزانا بحرق إطارات السيارات وبناء المتاريس على الطرق باستخدام أحجار ضخمة لمنع النقل العام والخاص.
في ضاحية هايفيلدز بالعاصمة هراري، قرَّرَ معظم الناس دعم هذا الإغلاق وانضموا إلى المظاهرات المتوجهة إلى المنطقة التجارية المركزية. وفي ضاحية إبوورث، سار الناس نحو وسط المدينة، على الرغم من محاولات الشرطة منعهم في البلدتين.
شهدت إبوورث معارك عنيفة بين الشرطة والشعب. تفوَّق المتظاهرون على الشرطة في الجولة الأولى من هذه المعارك، وقام المحتجون الغاضبون بحرق سيارات الشرطة. وفي بلدات أخرى في هراري، مثل مباري، وتشيتونغويزا، وكوادزانا، ومابفوكو، ودزيفاراسيكوا، حدثت الهجمات نفسها على الشرطة.
شهدت بلدات مدينة بولاوايو، مثل انتومبان، وموبوما، ونوبي، وماخاندي، وماتشوباني، ونكتا، أحداثًا مماثلة، ونُهِبَت المتاجر التي رفضت الإغلاق. انتشر الإغلاق كالنار في الهشيم في كافة أنحاء زيمبابوي. وانضمَّت معاقل التحالف الحاكم (الاتحاد الوطني الإفريقي والجبهة الوطنية)، إلى الإضراب، مثلما بلدتيّ بيندورا وجوكوي.
أصيب المجلس العسكري بالفزع من تلك الانتفاضة الأقرب إلى الثورة وقابلها بعنفٍ شديد، إضافةً إلى قطع الانترنت، الذي كان بمثابة الأداة التنظيمية للمتظاهرين. انتشر جنود الجيش والشرطة في البلدات المختلفة، وأطلقوا النار على المحتجين واعتدوا عليهم بالضرب واعتقلوا الكثيرين منهم.
عبَّأ التحالف الحاكم ميليشياته لترويع الناس، ما أدى إلى مقتل العشرات، بمن فيهم أطفال. ورغم انتشار شائعات قوية تشير إلى انقسامٍ بين صفوف الجنود، وأن بعضهم يُظهِر الدعم للمتظاهرين، كان الجنود في أغلب المواقع يلاحقون المحتجين ويواصلون الهجوم عليهم.
تعرَّض الكثير من الشباب المتظاهرين للتعذيب، وأُطلِقَ العنان للإرهاب القضائي، إذ حُكِمَ على أحد المتظاهرين الذين أحرقوا الإطارات بالسجن خمس سنوات، في حين يواجه آخرون تهمة الخيانة. أكثر من 800 شخص ينتظرون صدور حكم المحكمة عليهم، والناس في حالة ذهول من إعلان الحكومة الحرب على مواطنيها. وحتى الآن لم تتطرَّق الحكومة لأيٍّ من العوامل الاقتصادية التي أدت إلى إشعال الانتفاضة.
وَعَدَ النظام اليائس برفع الرواتب بنسبة 22%، لكن يظل ارتفاع أسعار الوقود على ما هو عليه، ما يعني ارتفاع تكلفة النقل والسلع الأساسية. كل هذا يخلق فرصةً لإضرابٍ آخر، والناس مستعدون للتحرُّك. لكن هناك افتقارٌ خطير للقيادة التي تتصدَّر الحركة.
ترفض حركة المعارضة من أجل التغيير الديمقراطي أن تنغمس في الحركة، فيما قرَّرَت إجراء مفاوضات يمكن أن تؤدي إلى “حكومة وحدة وطنية” مع النظام القمعي للرئيس إيمرسون منانجاجوا.
على صعيدٍ آخر، نظَّم أعضاء حزب العمال الاشتراكي الثوري في جنوب إفريقيا (الحزب الجديد الذي دشَّنه الاتحاد الوطني لعمال المعادن) مظاهرات في مدينتيّ بريتوريا وكيب تاون، تضامنًا مع احتجاجات زيمبابوي.
الطريق الوحيد للأمام يمر عبر تحطيم نظام الرأسمالية الذي يُولِّد الفقر والبؤس والديكتاتورية في المقام الأول، ومن خلال النضال من أجل الاشتراكية. العالم في مفترق طرق. نشهد أزماتٍ خطيرة في كافة أنحاء العالم، ونحن بحاجة إلى أحزاب اشتراكية ثورية في كلِّ مكان.
– التقرير مترجم عن صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية