متظاهرون جزائريون بعد إسقاط بوتفليقة: “لابد من إسقاط النظام بأكمله”

أجبرت الاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي أمضى 20 عامًا في منصبه، على التنحي، إذ أعلن استقالته مساء الثلاثاء الماضي، وقد جعلت الحركة الجماهيرية الهائلة من أسفل دعم الطبقة الحاكمة له أمرًا لا يمكن الدفاع عنه.
والآن يبحث القابعون على قمة المجتمع الجزائري عن بديلٍ يحلُّ محلَّ بوتفليقة يمكنه خنق النضال الجماهيري للشعب الجزائري. ومن المُقرَّر أن يتولَّى عبد القادر صالح، رئيس مجلس الأمة الجزائري، الرئاسة حتى الانتخابات المُزمَع عقدها بعد ثلاثة أشهر من الآن. لكن ما مِن ضمانةٍ أن ذلك سيحدث بالفعل، بينما ينتظر الجيش على أهُبةِ الاستعداد.
وطَّد بوتفليقة قبضته على السلطة منذ تولِّيه الرئاسة في العام 1999، بعد انتصاره في معركة تهميش نفوذ الجيش داخل الدولة. كان قادرًا على تغطية التناقضات الطبقية المُتأجِّجة من خلال استخدام عائدات النفط والغاز في إدخال إصلاحات اجتماعية محدودة وبعض أوجه الدعم الحكومي. لكن ذلك كان في وقتٍ ظلَّت خلاله أسعار النفط مرتفعةً -وقد تغيَّر هذا الوضع بصورةٍ كبيرة.
هناك خطرٌ من محدودية الحركة في إطار معارضة الدائرة المُتحولِقة حول بوتفليقة، أو الرموز المُشابهة له، أو الفساد الذي كان يُمثِّله. هؤلاء ينبغي أن يرحلوا أيضًا، لكن بالمثل لابد كذلك أن يسقط حُكم الأثرياء ككل.
كان أحد المتظاهرين، ويُدعى سلماوي صدِّيق، قد قال لوكالة رويترز البريطانية: “ستكون لدينا مرحلةٌ انتقالية ديمقراطية بنسبة 100%، هذا مهمٌّ للغاية. لابد أن نطيح النظام القديم برمته، وهذا هو الأمر الصعب”. لكن اقتصار المطالب ببساطة على انتخاباتٍ جديدة سوف يتيح للطبقة الحاكمة فرصة الوقت من أجل دعم وتقديم مُرشَّحين مؤيِّدين لرجال الأعمال والشركات الكبرى. وهذا يعني أن ما مِن تغييرٍ جذري سوف يشهده ملايين الجزائريين الذي ناضلوا لأجله.
أيًّا كانت المكائد التي تُحَاك في أروقة السلطة، لابد أن تستمر الحركة الجماهيرية وتحافظ على استقلاليتها عن القوى التي تريد رسم الحدود لخنقها. وهنا، فإن الخبرات المُستقاة من مصر مهمةٌ للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. أطاحت الاعتصامات والإضرابات الكبرى بالديكتاتور حسني مبارك في العام 2011، لكن التغيير لم يكن عميقًا بالقدر الذي كان المتظاهرون والمُضرِبون يتوقون له. انتهى الأمر في يد الجيش، الذي استولى على السلطة وفَرَضَ حكمًا وحشيًا جديدًا.
يرى الكثير من المتظاهرين الذين اجتاحوا شوارع الجزائر العاصمة وغيرها من المدن مساء الثلاثاء أن المعركة ينبغي أن تستمر. قال متظاهرٌ آخر، يُدعى سليم سرار، لوكالة رويترز: “لابد أن نواصل الحراك الشعبي من أجل تحقيق كافة مطالب الشعب الجزائري”.
وقال متظاهرٌ آخر، يُدعى سيد بن طوبال: “نريد أن تمر المرحلة الانتقالية وفق توجيه الشعب، وليس الحكومة الحالية. إذا كان النظام الحالي هو من سيُشكِّل هذه المرحلة، فسوف يبدو الأمر وكأن ما مِن حركةٍ قد قامت. لابد أن تستمر الحركة”. وأضاف: “بدأنا اليوم في طرد هذه العصابة. لابد أن تكون هناك عدالةٌ حرَّة لمحاسبتهم”.
وتابَع: “الشعب الجزائر يدٌ واحدة، ولابد ألَّا نسمح بتقسيمنا”.
جَذَبَت المظاهرات الأسبوعية، في أيام الجمعة، الأعداد الأكبر إلى الشوارع، إلى جانب العمال الذين خاضوا الإضرابات. وإذا خرجت أعدادٌ مشابهة اليوم الجمعة لمعارضة النظام الذي يبدأ في الظهور من وراء بوتفليقة، فسوف يكون لها تأثيرٌ هائل. استعرض العمال الجزائريون عضلاتهم بإطاحتهم الديكتاتور من السلطة. وفيما لا تزال هناك معارك مقبلة، يظلُّ لديهم من القوة ما يُمكِّنهم من خوضها.
– هذا التقرير مُترجَم عن صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية.