بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

جنرالات السودان يُعلِّقون المفاوضات مع المعارضة في محاولة للتمسُّك بالسلطة

علَّق حُكَّام السودان العسكريون المفاوضات الجارية حول اتجاه البلاد نحو الحكم المدني، في محاولةٍ لتقويض الحركة التي أسقطت الديكتاتور عمر البشير الشهر الماضي. وقال الجنرال عبد الفتاح برهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، إن المفاوضات قد عُلِّقَت حتى “يتهيَّأ المناخ لإكمال الاتفاق”. ودعا المتظاهرين لإزالة المتاريس وفتح الكباري و”التوقُّف عن استفزاز قوات الأمن”.

وكانت قواتٌ أمنية قد استخدمت الرصاص الحي، أول أمس الأربعاء، في محاولةٍ فاشلة لإزالة متاريس اعتصام القيادة العامة، فيما قال متظاهرون في الخرطوم إن تسعة متظاهرين على الأقل قد أُصيبوا. وكانت اعتداءاتٌ مشابهة، وقعت يوم الاثنين الماضي، قد خلَّفَت على الأقل خمسة قتلى وما يصل إلى 200 مُصاب.

وقال إعلان قوى الحرية التغيير، وهو مظلَّة المعارضة التي تقف وراء الانتفاضة الراهنة، إن هذه الاعتداءات جاءت بتنفيذٍ من قوات الدعم السريع، التي تُعَدُّ الميليشيا الحكومية الرئيسية، ويترأسها نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الجنرال محمد حمدان دقلو، المُلقَّب بـ”حميدتي”.

وقال الدكتور محمد ناجي الأصم، المُتحدِّث باسم تجمُّع المهنيين السودانيين، الذي يشارك في القلب من الانتفاضة: “حاول المجلس العسكري فض الاعتصام. أفاد كافة المُصابين في شهاداتهم بأن القوات التي فتحت النار عليهم كانت ترتدي الزيَّ الخاص بقوات الدعم السريع وتستخدم مَركباته”.

هذه لحظةٌ فارقة بالنسبة للثورة السودانية، بعد أنباءٍ عن اتفاقٍ بين المجلس العسكري والمعارضة قوبِلَ بترحيبٍ واسع. قال المجلس العسكري أن اتفاقًا قد عُقِدَ يقضي بفترةٍ انتقاليةٍ من ثلاث سنوات للتوصُّل إلى إدارةٍ مدنيةٍ كاملةٍ للبلاد. ويشمل الاتفاق تشكيل جهازين حاكمَين: مجلس رئاسي سيادي ومجلس تشريعي من 300 عضو، لإدارة البلاد إلى حين عقد الانتخابات.

ومن المُفتَرَض أن يذهب ثُلثا مقاعد المجلس التشريعي إلى أعضاء المعارضة، لكن تشكيل المجلس السيادي هو ما ينتظر التوصُّل إلى اتفاق. وإذا تمكَّن الجيش من السيطرة على هذا المجلس، لن يكون ثمة وزنٌ للمعارضة في الهيكل الانتقالي بينما ستكون القرارات الرئيسية في يد الجنرالات العسكريين.

الأمر الأهم من ذلك هو لماذا يضطر الشعب للانتظار ثلاثة أعوام من أجل الانتخابات؟

لقد شهدت انتفاضة الستة أشهر ضد البشير وزبانيته تنظيمًا مُلهِمًا لملايين من الناس، ولابد ألا يستقر الأمر على اتفاقٍ يترك الجيش مُحتفِظًا بسلطته السياسية والاقتصادية. لابد أن يُزاح الجيش، الذي دافع بضراوةٍ عن النظام لسنواتٍ عديدة، من على سدة الحكم.

شهدت الأسابيع الماضية إضراباتٍ قوية، إلى جانب الاعتصامات والمسيرات الكبرى عبر أرجاء البلاد. ولقد قدَّم الناس يوم الثلاثاء الماضي على الأقل ثلاثة أمثلة لدمج مطالبهم الاقتصادية والسياسية معًا. إذ بدأ المُعلِّمون اعتصامًا في مكاتب وزارة التعليم بمدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، مطالبين بالحكم المدني وتغييراتٍ في نظام المدراس.

على صعيدٍ آخر، نظَّمَ المهندسون والعاملون بشبكة الكهرباء السودانية مظاهرةً أمام مباني الشركة احتجاجًا على الاعتداءات الواقعة في الخرطوم. وهتفوا بشعاراتٍ تطالب بمعاقبة القتلة، وطالبوا المجلس العسكري بتسريع عملية انتقال السلطة إلى حكومةٍ مدنية. ودعوا كذلك إلى طرد حلفاء نظام البشير وميليشياته من شبكة الكهرباء.

المثال الثالث هو المظاهرة الهائلة التي نظَّمَها العاملون بالشركة السودانية للاتصالات (سوداتل) أمام مقر الشركة بالخرطوم، احتجاجًا على قتل المتظاهرين في اعتصام القيادة العامة. وهتفوا بشعاراتٍ تطالب بمحاكمة الجناة. وطالبوا كذلك بالإقالة الفورية للمدير العام لشركة سوداتل، واصفين إياه بـ”العميل للنظام السابق”.

إن ضمانةً أساسية للثورة السودانية كي تُحقِّق أهدافها هي أن يُشكِّل أولئك المنخرطون في المظاهرات والإضرابات مركزًا ديمقراطيًا للسلطة بأنفسهم من أسفل -مجالس عمالية تجذب شرائح أوسع من السُكَّان. فكلُّ يومٍ يمر، تزداد الحاجة أكثر وأكثر لبناء وتنسيق مثل هذه الأشكال القاعدية.

– هذا التقرير مترجم عن صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية.