بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

تجدُّد الاحتجاجات في السودان في ظل استمرار القمع العسكري

خرج المتظاهرون السودانيون إلى الشوارع مرة أخرى ضد الحكام العسكريين للبلاد على الرغم من القمع الوحشي، لكن قادة المجلس العسكري الانتقالي يرفضون التنحي. كانت الاحتجاجات أصغر منذ المذبحة التي راح ضحيتها حوالي 110 شخص في الخرطوم في 3 يونيو وفض الإضراب العام الذي تلاها.

وفي محاولةٍ لاستعادة الزخم، شهدت الأيام القليلة الماضية وقفاتٍ احتجاجية قصيرة في أماكن العمل واجتماعاتٍ جماهيرية ومسيراتٍ في بعض المدن، نظَّمَتها المعارضة تحت مظلة إعلان قوى الحرية والتغيير.

في يوم الخميس الماضي، أوقف العمال في الخرطوم العمل لفتراتٍ قصيرة أو تظاهروا خارج أماكن عملهم في مجموعة دال الغذائية، ووزارة الصحة الاتحادية، وبنك الخرطوم، والبنك الزراعي، ووزارة الاتصالات، وشركة أويل إنرجي، وشركة جي تي آي للسجائر والتبغ، والمؤسسة الوطنية للكهرباء. وكانت هناك احتجاجاتٌ من جانب المعلمين في جامعة الجزيرة، والأطباء البيطريين في وزارة الثروة الحيوانية، وأطباء وموظفي مستشفى الأسنان التعليمي، وبعض الأقسام في مطار الخرطوم، والمهندسين والعاملين في وزارة النفط، والصيادلة والعاملون بمعمل الرقابة الدوائية بالمجلس القومي للأدوية والسموم.

وشهدت ولاية كسلا، شرقيّ السودان، احتجاجاتٍ نظَّمَها أطباءٌ ومعلمون ومحامون وأساتذة جامعيون وموظفو وزارة الصحة في الولاية ومستشفى كسلا التعليمي ووزارة التعليم والمحكمة وجامعة كسلا ووزارة الصحة. وقال أحد المشاركين لراديو دبنجا إن المحتجين حملوا لافتات تدين “المذبحة في الخرطوم في 3 يونيو وطالبوا بتسليم السلطة للمدنيين من يد المجلس العسكري”.

وخرجت مسيراتٌ في الخرطوم وكلٍّ من مدن ود مدني والأبيض وبورتسودان لمطالبة المجلس العسكري بالتنحي عن السلطة. بينما نظَّمَ مُشجِّعو كرة القدم مسيرةً احتجاجية عفوية داعمة للديمقراطية بعد إحدى المباريات.

كلُّ هذه الاحتجاجات مهمة، لكنها أصغر من الاحتجاجات في وقتٍ سابق من هذا الشهر. ويتطلَّب الأمر شجاعةً كبيرة للخروج للاحتجاج في الشوارع، إذ تواصل قوات الدولة ترهيب وملاحقة المعارضين، إذ أُلقِيَ القبض على بعض العمال المحتجين. واستخدمت ميليشيات الدعم السريع السياط لمهاجمة المتظاهرين واحتلت المواقع التي كان من المُخطَّط تنظيم الاحتجاجات فيها.

في الوقت نفسه، دعا الفريق أول محمد حمدان، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقائد ميليشيات الدعم السريع، “جميع قطاعات المجتمع إلى منح المجلس العسكري تفويضًا جماعيًا لتشكيل حكومة انتقالية”. وحمدان، المعروف بـ”حميدتي”، كان قد تعهَّدَ يوم الخميس بتشكيل حكومة من “التكنوقراط المستقلين” الذين سيديرون البلاد لمدة تصل إلى عامين. وهذه ليست إلا محاولة لترسيخ الديكتاتورية مع بقاء العسكريين على قمة السلطة.

هناك تدخُّلات دولية عديدة “للتحكيم” بين الحكومة والمعارضة، وتشمل هذه التدخُّلات “اللجنة الثلاثية السودانية” لبريطانيا والولايات المتحدة والنرويج، والتي اجتمعت في برلين الأسبوع الماضي مع ممثلين عن السعودية والإمارات ومصر؛ وهذه الأنظمة تدعم المجلس العسكري الانتقالي.

هناك أيضًا تحرُّكاتٌ من قِبَلِ الاتحاد الإفريقي والحكومة الإثيوبية وحكومة جنوب السودان، لكنها جميعًا أفخاخ جديدة تختزل دور الشعب السوداني المناضل على دور المتفرج، فهم يعملون على تمويه وحشية المجلس العسكري الانتقالي، ويعاملون أشخاصًا مثل حميدتي كشركاءٍ مهمين وليس قتلة كما هم بالفعل.

تتمثَّل أكبر مخاوف المجلس العسكري في عودة الإضرابات الجماهيرية التي أصابت السودان بالشلل في نهاية مايو وبعد 3 يونيو، فيما ما لم يدع إعلان قوى الحرية والتغيير لعودة هذه الإضرابات مُجدَّدًا.

لقد أُريقَت الكثير من الدماء للسماح للمجلس العسكري بالحفاظ على السلطة، والتضامن الدولي مع أولئك الذين يناضلون من أجل التغيير في السودان لهو أمرٌ في غاية الأهمية؛ لكن تصعيد الإضرابات والاحتجاجات في السودان هو وحده الذي يمكنه كسر سلطة المجلس العسكري.

– هذا التقرير مترجم عن صحيفة “العامل الاشتراكي” البريطانية.