للأسبوع الثاني: الحراك يبرز التضامن الجماهيري الواسع
مئات الآلاف حول العالم يتظاهرون ضد العنصرية والقمع

تحولت وفاة جورج فلويد إلي شرارة للانتفاضة ضد عنف الشرطة والعنصرية في العالم كله، فاشتعلت المظاهرات في عشرات المدن حول العالم، وقام المحتجون بتحطيم وتشويه تماثيل رموز العنصريين وتجار العبيد حول العالم كتحطيم تمثال إدوارد كولستون في مدينة بريستول البريطانية، وتشوية المتظاهرين في بلجيكا لتمثال ليوبولد الثاني ملك بلجيكا لاحتلاله الكونغو.
وشملت المظاهرات قرابة كل دول أوروبا واشتبكت الشرطة مع المتظاهرين في فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وخرجت تظاهرات تضامنية في البرازيل وأستراليا وامتدت التظاهرات عربيا لتصل إلى تونس.
واستمر الحراك في الولايات المتحدة للأسبوع الثاني، رغم إلقاء القبض على جميع المتهمين بقتل جورج فلويد، فانتشرت الاحتجاجات عبر عشرات المدن في الولايات المتحدة ضد السياسات العنصرية وانتهاكات الشرطة المستمرة والتي برزت وتوحشت اثناء الحراك.
وتصاعدت المطالب بحل أجهزة الشرطة في بعض الولايات وتحجيم سلطاتها، وقد قرر عمدة لوس أنجلوس بخصم 100 مليون دولار من ميزانية الشرطة وإنفاقها على أحياء الفقراء، وقد أعلن مجلس مدينة مينيابولس حل جهاز الشرطة بالمدينة ما يعتبر من أهم مكتسبات الحراك الحالي.
وقد شهدت أكثر من 33 ولاية حالة الطوارئ بالتزامن مع نشر قرابة 41500 جندي من الحرس الوطني في تلك الولايات، وشهدت العاصمة واشنطن النسبة الأكبر من تواجد قوات الحرس الوطني بواقع 5100 جندي بجانب قوات الجيش والشرطة العسكرية المتمركزة حول البيت الأبيض وقوات مكافحة الشغب وعناصر شرطة الولايات، وهدد ترامب بنشر القوات العسكرية عبر باقي الولايات لقمع التظاهرات. وتعرض أكثر من 10 آلاف شخص للاعتقال خلال موجة الاحتجاجات وأكثر من 100 انتهاك في حق الصحفيين والإعلاميين بين اعتقال واستهدافهم بالرصاص المطاطي.
وأبرز الحراك في أمريكا وجهان للتضامن، فقد أعلن 57 ضابط شرطة الاستقالة من فريق الاستجابة لطوارئ التابع لمدينة بافالو بولاية نيويورك يوم الجمعة، تضامنا مع شرطين تم احالتهم للتحقيق بسبب دفعهم العنيف لمتظاهر مسن ( 75 عام) على الرصيف مما تسبب في سقوطه أرضًا وإصابته بنزيف داخلي ترتب عنه إغماءة ونقله للمستشفى في حالة حرجة يوم الأربعاء الماضي. وقد وضح جون إيفانز-رئيس رابطة الشرطة بمدينة بافالو بولاية نيويورك- أن الضباط لا يزالوا قيد الخدمة ويتقاضون رواتبهم كاملة وأنهم لن يعملوا فقط في فريق الاستجابة لطوارئ تضامنا مع زملائهم. ومن المضحك ان نعلم ان في اليوم السابق لتلك الجريمة على نفس الرصيف بميدان نياجرا انحنت الشرطة أمام الآلاف من المتظاهرين لامتصاص غضبهم.
بينما أعلن الطاقم الطبي بالمستشفيات بنفس الولاية تضامنهم وانحنوا للمتظاهرين، وشاركوا المتظاهرين احتجاجاتهم ضد العنصرية وانتهاكات الشرطة. وتضامن مع المجتجون سائقي النقل العام عندما رفضوا نقل المتظاهرين المعتقلين لمواقع الاحتجاز، وأصدرت نقابتهم بيانًا تضامنيًا وعبَّر عمال الحافلات عن تضامنهم مع المتظاهرين بإطلاق صافرات التنبيه أثناء العبور بجانب مواقع احتجاجهم.
وتضامن عشرات المواطنين مع المتظاهرين بولاية واشنطن وولاية مينيسوتا عندما سمحوا لهم بدخول منازلهم وتقضية الليل بها لحمايتهم من اعتقالات الشرطة أثناء حظر التجوال، وقد قامت الشرطة باطلاق قنبلة غاز داخل احدى المنازل واطلاق الرصاص المطاطي على السكان. وكما قام ايضا بعض أصحاب محلات المأكولات السريعة بمدينة منيابولس بولاية مينيسوتا بإعداد وجبات طعام وتوزيعها على المتظاهرين.
فكما أظهر الحراك التضامن بين كل فئات الطبقة العمالية للوقوف ضد العنصرية، وجد أفراد الشرطة نفسهم في صدام مباشر مع الجماهير مما دفعهم لمحاولة لإخماد الحراك عن طريق امتصاص غضب الحشود أو عن طريق قمعها والتعامل معها بعنف، وعندما وجدوا أن المحاسبة قد تطولهم جميعًا وبعد صدور قرارات تحد من صلاحياتهم، اتحدوا جميعا ضد الجماهير كما هو معتاد وتضامنوا مع من ثبت أمام الكاميرات التلفزيونية عنفهم.