بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني:

فلسطين والصحراء الغربية.. نضالٌ واحد

ملك المغرب - ترامب - نتنياهو

جاء إعلان تطبيع المغرب مع الاستعمار الصهيوني قبل يومين مرفقًا بالاعتراف الأمريكي بالسيادة اللاشرعية للاحتلال المغربي على الصحراء الغربية، وهو موقفٌ يترجم علاقاتٍ قديمة بين هذه الكيانات الاستعمارية، فالملكية المغربية ومنذ السنوات الأولى لاختراع الكيان الصهيوني الاستعماري دخلت معه في علاقات تبادل للمصالح سياسيًا وعسكريًا وإرساء الاستعمار الإحلالي لهذا الكيان مقابل المساعدة في الإبقاء على الملكية المغربية والمشاريع التوسعية والاستعمارية التي قادها المغرب في شمال إفريقيا وآخرها استعمار الصحراء الغربية، كما أن أمريكا راعية هذا الاتفاق ظلَّت دومًا القوة الداعمة للاستعمار في إفريقيا والشرق الأوسط وحرصت على تقوية العلاقات بين حلفائها مثل الكيان الصهيوني والمغرب.

ولكي نفهم العلاقة بين هذين الاستعمارين لابد وأن نرجع لسياق العلاقة بينهما تاريخيًا، فقد ساهم المغرب في إرساء المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة من خلال إرسال هجرات استيطانية لليهود المغاربة نحو الأراضي المحتلة بداية الخمسينيات، وساعد الكيان في التجسس على القمة العربية في المغرب سنة 1965، وما تلا ذلك من مساعدة في بسط علاقات الكيان مع الأنظمة الاستبدادية في المنطقة مثل تمهيد الاتفاق بين السادات والصهاينة في لقاءٍ سري احتضنه المغرب سنة 1977، كما نظم النظام المغربي لقاء بعض الدول العربية برجال أعمال صهاينة في قمة الدار البيضاء سنة 1994 التي أُعلِنَ فيها عن نهاية مقاطعة إسرائيل عربيًا، كان هذا في مقابل خدمات الكيان الصهيوني للمغرب بدايةً باغتيال المعارضين المغاربة مثل بن بركة سنة 1967، وصولًا لصفقات السلاح التي كان أولها سنة 1963 ثم مساعدة المغرب عسكريًا ولوجستيًا في استعماره للصحراء الغربية سنة 1975 وبناء الجدار الذي يفصل بين الأراضي الصحراوية المحتلة والمحررة سنة 1987.

ورغم أن الإعلان لم يأتِ بشيءٍ جديد على مستوى موقف أمريكا من القضيتين الفلسطينية والصحراوية، وهو موقف مضاد لحق الشعبين في الحرية ومساند للمستعمرين من حيث التسليح والدعم السياسي، فإن العودة العلنية للعلاقة بين الاحتلالين الصهيوني والمغربي مقابل الاعتراف بسيادة الأخير على الأراضي الصحراوية يضع القضيتين في ترابط ومصير مشترك مثل ترابط أعدائهما -الكيان الصهيوني والملكية المغربية.

فقد استعانت الملكية في المغرب بسياسات الاستعمار الصهيوني في فلسطين بدايةً بسياسة الاستيطان مثلما حدث في المسيرة الخضراء وهي الهجرة الاستيطانية التي جاء فيها 350 ألف مغربي إلى الصحراء الغربية إلى جانب الغزو العسكري سنة 1975، مرورًا بجرائم الإبادة، ووصولًا لاستنساخ تجربة جدارن الفصل العنصري، وقمع المقاومة وتقنيات التجسس.

ولعل أكبر تأثير للتعاون بين الاستعمارين المغربي والصهيوني وراعيتهما أمريكا على الشعب الصحراوي كان ولا يزال هو التعاون العسكري وصفقات السلاح، حيث استعانت الملكية المغربية في حربها ضد الصحراويين طيلة سنوات 1975-1991 بدعمٍ غربي، كما تستعين بها اليوم بعد إعلان وقف اطلاق النار الموقع بين دولة الاحتلال المغربية والدولة الصحراوية وعودة الشعب الصحراوي للكفاح المسلح يوم 13 نوفمبر 2020 بعد هجوم قوات الاحتلال على مظاهرات قام بها مدنيون صحراويون في منطقة الگرگرات جنوبي الصحراء الغربية. حيث وقَّع المغرب صفقةً لطائرات استطلاع مطلع هذا العام بقيمة 48 مليون دولار مع الكيان الصهيوني وشوهدت تحوم في سماء المدن الصحراوية المحتلة، وبعد إعلان إدارة ترامب اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية أُعلِنَت صفقة بيع أمريكا لأربعة طائرات من نوع MQ-9B لصالح المغرب.

إذًا لايمكن قراءة إعلان عودة التطبيع بين الكيان الصهيوني والملكية المغربية بمعزل عن تتمة الإتفاق، وهو الاعتراف الأمريكي بالاستعمار المغربي للصحراء الغربية، أي تبادل الدعم بين احتلالين برعاية المستعمر الأول أمريكا التي قامت بالأساس على الغزو والإبادة والتطهير العرقي للسكان الأصليين وكانت دومًا الحامية للكيان الصهيوني والداعمة لسياسات الاستيطان والاحتلال والحرب التي مارستها وتمارسها الملكية المغربية ضد الشعب الصحراوي.

هذه الصفقة التي تترجم تواطؤ كيانات الاحتلال في انتهاكات ومصادرة حقوق الشعبين الفلسطيني والصحراوي مقابل غض الطرف عن ممارستها وتطبيع التبادل الاقتصادي والعسكري والسياسي بينها، يضعنا كشعوب مستعمرة الآن أكثر من أي وقت مضى في نفس المصير المشترك وهو ما يعني ضرورة توحيد النضالات والجهود وبناء علاقات تضامن ودعم أو ارجاعها لما كانت عليه في عقد السبعينيات واستغلال هذه المساحات لبناء نضال مشترك ضد عدوين لم يعد تعاونهما ضدنا سرًا.

كما يجب على أي حركة مناهضة للتطبيع مع العدو الصهيوني والخيانة لحقوق الشعب الفلسطيني ونضالاته من أجل الحرية والاستقلال على كامل التراب الفلسطيني أن تشمل دعمًا وتضامنًا مع حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال ومناهضة الاستعمار المغربي. وقوف الشعب المغربي ضد التطبيع موقف يُحتَرم ويجب تعزيزه ومساندته، ولكن بدون التنازل عن التأكيد المستمر على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ومسائلة القوى السياسية المغربية عن مواقفهم ومسؤوليتهم في هذا الاحتلال والاستيطان والنهب اليومي لثروات الشعب الصحراوي.