آلاف المتظاهرين يخرجون إلى الشوارع الفرنسية في ظل تزايد خطر الفاشية والعنصرية

تظاهر عشرات الآلاف يوم السبت الماضي في أنحاء الجمهورية الفرنسية، منددين بالعنصرية واليمين المتطرف وتعدي الحكومة المتزايد على الحريات. وقال المنظمون إن 140 مظاهرة قد خرجت يوم السبت، وبلغ إجمالي المشاركين 150 ألف متظاهر، منهم 70 ألف في العاصمة الفرنسية وحدها.
لكن وزارة الداخلية الفرنسية تزعم أن عدد المشاركين لم يتعد 37 ألف شخصٍ، منهم 9 آلاف فقط في باريس. وفي تطور مهم، كانت الاتحادات النقابية الكبرى وأحزاب اليسار هي الداعية إلى تلك التظاهرات، إلى جانب العديد من مجموعات المناهضين للعنصرية والمدافعين عن البيئة وحركات مجتمع الميم.
تأتي تلك الاحتجاجات في جو يتصاعد فيه الدعم للفاشية مارين لوبين، وتزداد فيه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون تحيّزًا لليمين؛ مما يعطي ثقةً للعنصريين والفاشيين في فرنسا.
قالت المعلمة مارتين لصحيفة العامل الاشتراكي البريطانية إنه قد كان من الجيد النزول في شوارع باريس لمعارضة الفاشيين علنًا، لأنه عادة ما يعتمر النفوس خوفًا من القيام بذلك، وأضافت: “كان هناك الكثير من النقابيين والجماعات السياسية، لكن مازال علينا أن نحشد أكثر وأكثر، وألا يكون هذا الحدث هو الوحيد من نوعه”.
وجاء في بيان إطلاق المسيرة: “منذ شهور ونحن نلاحظ مناخًا سياسيًا واجتماعيًا يدق أجراس الخطر، حيث لم يعد مستهجنًا التحالف مع اليمين المتطرف أو تبني بعض من أفكاره. الخطاب والأفعال العنصرية والمتحيزة جنسيًّا آخذة في الانتشار، سواء أكان ذلك في أماكن العمل أو في الحياة العامة. والتعدي على الحقوق والحريات الاجتماعية يستشري. بعض من القوانين القاتلة للحريات التي سُنَّت مؤخرًا تجرفنا نحو مجتمع سلطوي يخضع للمراقبة والسيطرة، بالإضافة إلى أن بعضها يوصم قطاعًا من السكان بسبب دينهم، وبعضها الآخر يستهدفهم لنشاطهم النضالي”.
تتحدَّى مارين لوبين ماكرون في استطلاعات الرأي الأخيرة لانتخابات الرئاسة العام القادم، حيث يستحوذ كلاهما على نسبة تتراوح بين 25 و30%. بالإضافة إلى ذلك فإن شعبية ماكرون متضائلة بشدة وسط قطاعات واسعة بسبب هجومه على مستوى معيشة العمال وغطرسته وطريقة تعامله مع أزمة الكورونا التي وضعت الأرباح قبل الأرواح. ولأن اليسار بشكل عام لم يستثمر هذا الشعور، فقد استحوذ حزب مارين لوبين “التجمع الوطني” على دعم جزء كبير من تلك القطاعات، مما يجعله خطرًا محدقًا.
إن رد الحكومة الكارثي على كل ذلك هو مسايرة الفاشيين، فقد قدَّمت الحكومة الفرنسية حزمةً من القوانين الوحشية المعادية للإسلام والمناهضة للاحتجاجات. وأوقفت الحكومة رسميًا “التجمع المركزي ضد الإسلاموفوبيا” المدافع عن حقوق المسلمين، ودفعت بقانون يستهدف المسلمين، وهي تريد تعزيز سلطات الشرطة بالإضافة إلى تواطؤها مع عنصرية مارين لوبين. ومن شدة قساوة تلك القوانين، صرَّح مجلس الدولة، وهو مؤسَّسة راسخة في الدولة، بأن تلك القوانين المقترحة قد تجاوزت الحدود. ورفض المجلس بعض التدابير التي من شأنها السماح للشرطة بنصب “الفخاخ” والحد من حق الصحفيين في الكتابة. وعلى الرغم من ذلك، لم يطلب المجلس إلا صياغات أكثر دقة وإحكامًا لتلك الصلاحيات المطلوبة. وبذلك فإنه بدلًا من إضعاف شعبية مارين لوبين، تفترض خطوات الحكومة الأخيرة بأن لوبين على حق، ثم تأتي هي بعد ذلك مطالبةً بإجراءات أشد قساوة.
إن التنديد بأفكار مارين لوبين ومحاربتها والوقوف في وجه عنصرية الدولة والقوانين المدمرة للحريات لهو حق أصيل. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لن يكون درعًا حاميًا ضد الفاشية أبدًا. يجب أيضًا أن تكون هناك حركةٌ تستهدف لوبين على وجه التحديد تشير دومًا إلى المخاطر التي يمثلها حزب التجمع الوطني الذي تقوده. ففي حالة فوز لوبين في انتخابات العام المقبل ستتجاوز كل ما يمثِّله ماكرون. قد يشجّع فوزها حركات اليمين المتطرف ضد المسلمين والمهاجرين والسود واليسار.
لقد أصبح تأسيس جبهة موحَّدة مناهضة للفاشية أمرًا ملحًّا.
* المقال بقلم: تشارلي كيمبر – صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية
* ترجمة: كورديليا حسين