توترات ودعوات للمقاطعة قبيل انتخابات البرلمان التونسي

يشهد الشارع التونسي منتصف الشهر الجاري انتخابات البرلمان المجمد منذ يوليو 2021، وهو البرلمان الذي تم حله رسميًا في أواخر مارس 2022. وصفت غالبية القوى السياسية الانتخابات المقبلة بأنها انتخابات لبرلمان شكلي ودعوا لمقاطعتها. وقد لاقت دعوة المقاطعة صدى واسعًا ليس فقط بين الأحزاب والقوى السياسية بل في الشارع التونسي، فقد أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في 3 نوفمبر 2022 قوائم المرشحين، وكان من اللافت عدم ترشح أي شخص في 7 دوائر انتخابية، بينما كان هناك مرشح واحد فقط في 10 دوائر انتخابية.
تأتي دعوات المقاطعة بعد أن مرَّر قيس سعيد تعديلات دستورية لاقت اعتراضات واسعة من كافة القوى السياسية والشعبية التونسية، خاصةً بعد إعلان الصادق بلعيد، رئيس لجنة كتابة الدستور، اعتراضه على الصيغة النهائية للدستور بعد تعديلات سعيد، التي تركزت بشكل رئيسي على سحب جميع صلاحيات مجلس النواب وتحصين منصب الرئيس من العزل أو المسألة.
ليست التطورات الأخيرة مفاجئةً للمتابعين للشأن التونسي خلال الأشهر الماضية، التي شهدت تجميد قيس سعيد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمستشارين والقضاة، علاوة على قمع المظاهرات واعتقال العشرات بينهم نواب بتهم تتعلق بالإرهاب. ولا يقتصر التوتر الحالي في الشارع التونسي على الأزمة السياسية والطريق المسدود الذي يقود قيس سعيد البلاد إليه فقط، بل تشهد البلاد أيضًا أزمةً اقتصادية ضخمة يصحبها نقصٌ في السلع الأساسية والوقود.
بعد 16 شهرًا من قرارات قيس سعيد الاستبدادية في 25 يوليو 2021، لم يعد هناك مجالٌ للشك في سير قيس سعيد على خطى معادية للمكتسبات الديمقراطية، وهو ما كان ينكره طيف واسع من القوى السياسية وبالتحديد اليسارية في البداية، بحجة عدم تدخل المؤسسة العسكرية والأمنية بشكل مباشر في القرارات السياسية، مغفلين محاصرة قوات الجيش للبرلمان أثناء إعلان قيس سعيد قراراته، واجتماعه مباشرة مع قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية بعد إلقائه البيان في رسالة مباشرة تحمل معنى تكاتف أجهزة الدولة لسحق مكتسبات الثورة التونسية.
ورغم صدور مواقف إيجابية نسبيًا منذ بداية إجراءات قيس سعيد من غالبية القوى السياسية، أدى الاستقطاب العلماني/الإسلامي مرة أخرى إلى إجهاض أي احتمالية لردع السياسات الاستبدادية الجديدة. بل ودعم البعض قرارات قيس الديكتاتورية منذ البداية لموقفه من حزب النهضة، دون النظر إلى تبعات انفراد قيس سعيد بالسلطة. والآن مع اقتراب حلول الذكرى الثانية عشر لثورة الياسمين، يبقى الانقسام في الشارع جليًا خاصة مع انفصال اليسار التونسي والاتحاد التونسي للشغل عن الحراك الدائر بالشارع.