مناورة إقليمية للحرب السودانية بين البرهان والسيسي في “العلمين”

وصل قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، الثلاثاء الماضي، إلى مدينة العلمين الجديدة حيث استقبله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في أول زيارة خارجية للبرهان مُنذ إندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، تناول اللقاء تطورات الأوضاع في السودان، وجهود حل الأزمة حفاظاً على وحدة الدولة السودانية، والتنسيق المُشترك بين البلدين لدعم جهود المساعدات الإنسانية والإغاثة للشعب السوداني بحسب ما ذكرته الصفحة الرسمية للمتحدث بإسم رئاسة الجمهورية في مصر.
وفي بيان لمجلس السيادة الإنتقالي في السودان فقد رافق البرهان في زيارته للعلمين كُلاً من وزير الخارجية ومدير جهاز المخابرات العامة ومدير عام منظومة الصناعات الدفاعية بالسودان، وخلال كلمته في العلمين قال البرهان أن القوات المسلحة السودانية تسعى لإنهاء الحرب، مُضيفاً أن الجيش السوداني لا يسعى إلى السلطة وأن مجلس السيادة السوداني يريد إدارة مرحلة إنتقالية حقيقية، تؤدي إلى إختيار السودانيين لمن يحكمهم.
تأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد جولاته الميدانية لكُلاً من قاعدة فلامنجو البحرية في ولاية البحر الأحمر وبورتسودان، تعهد خلالها بمواصلة القتال حتى النصر على المتمردين في إشارة إلى قوات الدعم السريع، نافياً في الوقت نفسه وجود أي إتفاق أو مصالحة مع الدعم السريع، وجاءت تصريحات البرهان رداً على ما طرحه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” أمس حول مبادرة لحل سلمي يبدء بإتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار مع الجيش يقترن بحل سياسي عادل يقوم على أساس نظام حكم “فيدرالي” ديمقراطي مدني، مُشيراً إلى ضرورة بِناء جيش سوداني ينأى عن السياسة.
بدء الخلاف بين الجيش السوداني والدعم السريع حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش ومن يقود المؤسسة العسكرية بعد دمج القوتين، وبالإضافة إلى صراع الجنرالين برهان و حميدتي حول السيطرة على السلطة والثروة في السودان، يمتد هذا الصراع إلى منافسة بين قوى إقليمية ودولية تسعى للسيطرة على السودان، ففي يوليو الماضي بعد إجتماع للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا، والمعرفة ب”إيغاد” دعت إيغاد إلى عقد قمة للقوة الإحتياطية لدول شرق إفريقيا لبحث نشر قوات في السودان لحماية المدنيين، وقاطع الجيش السوداني قمة إيغاد لرفضه أن يترأس الرئيس الكيني لجنة المحادثات بين الجيش والدعم لعدم حيادته.
يتشارك السودان الحدود مع 7 دول تمثل الحرب السودانية خطراً من عبورها للحدود، في حين تُمثل الحرب في السودان عائقاً أمام الإستثمارات الخليجية للمساحات الشاسعة في السودان على صعيد الزراعة، فيما تتهم الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة فاغنر بإستغلال الموارد الطبيعية للسودان في إشارة إلى صفقات الذهب بين جنرالات السودان و فاغنر، في حين تسعى روسيا إلى إنشاء قاعدة عسكرية في بورتسودان.
وشهد يوليو الماضي أيضاً قمة “دول جوار السودان” والتي دعت إليها مصر، ورحب الجيش السوداني والدعم السريع بمخرجات القمة من الدعوة إلى الحوار الشامل بين القوى في السودان ووقف إطلاق النار دون أن يسفر ذلك عن أي تغيير حقيقي على المعارك على الأرض، مثلما فشلت كل الهُدن التي عقدتها السعودية بين الأطراف لوقف إطلاق النار برعاية أمريكية.
تأتي زيارة البرهان إلى مصر تأكيداً على دعم القاهرة للبرهان كممثل للجيش السوداني وهو ما يتوافق مع سياسة القاهرة في دعم “أجهزة الدولة” في المنطقة بغض النظر عن الجهة المناوئة للدولة سواءً كان صراعاً على السلطة أو ثورة بدعم بشار الأسد في سوريا حفاظاً على ما تسميه “الدولة السورية”، وليس من قبيل المصادفة مُرافقة مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية السودانية للبرهان خلال زيارته للعلمين.
تختلف المصالح والأهداف الإستراتيجية بين العديد من القوى الدولية والإقليمية في دعم أحد الطرفين بالقدر الذي يُمكنها من إستغلال موارد السودان فضلاُ عن أن يكون لها موضع قدم في منطقة محورية ذات موقع جيوستراتيجي، بما يختلف مع مصلحة الشعب السوداني في حال إنتصار أحد الأطراف أو التوصل لصفقة، لا للبرهان، لا لحميدتي.
بقلم: أحمد السيد