إعدام صدام.. انتصار أمريكا الأخير
عندما يستحيل تحقيق النصر في المعارك، فإن غرف الإعدام تصبح الساحة المناسبة لإحراز المكاسب. فمع وصول قتلى الجيش الأمريكي إلى ثلاثة آلاف جندي في ثلاثة سنوات بدا واضحاً أن الجيش الأكبر في العالم يواجه ورطة حقيقية. ومع تصاعد خطر البرنامج النووي الإيراني بدا واضحاً أن الانسحاب مستحيل. ولم يعد لدى قادة البيت الأبيض سوى استعادة نصر التاسع من إبريل 2003: “لقد سقط صدام حسين”، للمرة العاشرة يؤكد بوش الإبن الانتصار نفسه. في 2003 سقط نظام صدام، في 2004 ألقينا القبض على صدام، في 2005 نحاكم صدام، في 2006 أعدمنا صدام.
السبب الوحيد في ترديد فكرة الانتصار على صدام هو أنه لا يوجد أي انتصار آخر. فأصبح صدام حسين هو التعويذة التي تطلقها الولايات المتحدة كلما احتاجت إلى نصر. ولكن هذه المرة ألقت الولايات المتحدة بتعويذتها إلى حبل المشنقة. تحاول الولايات المتحدة أن تنسينا أن صدام قد لقى منها ومن دول الغرب دعما غير محدود في جرائمه ضد الأكراد والشيعة، وفي حربه على إيران. لكنه تحول من حليف إلى خصم، ليقف في نهاية الأمر أمام عدالة المنتصر. المنتصر الذي فاقت جرائمه في أنحاء العالم جرائم صدام حسين، المنتصر نفسه الذي يحمي المجرمين في إسرائيل، وأنظمة المنطقة. إنها عدالة لم تقنع أحد، وإن أخافت الكثير من الأصدقاء. لقد أرسل الصديق الأمريكي رسالة تقول إنه لا ضمانات يمنحها الحليف الأكبر. والأيدي التي يصافحها اليوم قد لا تنجو من القيود غداً، والرؤوس التي تعلوها أكاليل السلطة اليوم، ربما تعلق في المستقبل على المشانق. فلا ضمانة. المجرم الكبير ربما يضحي غداً بالمجرم الصغير. ومصير بينوشيه، مجرم تشيلي الذي نجا من كل محاولات العدالة، قد لا يلقاه جميع الأصدقاء.