بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

فنزويلا.. بديل يختمر

ديمقراطية من نوع خاص.. ديمقراطية المشاركة

فنزويلا مجتمع يغلي بالصراع الطبقي. هناك المعركة ضد الإمبريالية الأمريكية والليبرالية الجديدة وضد خطط تحرير التجارة إقليميا. وهناك الصراع بين الطبقة الحاكمة القديمة وثورة شافيز البوليفارية. وهناك الصراع بين العمال المنظمين وبين كبار الرأسماليين الفنزويليين. لكن هذا الصراع الذي يتكثف في فنزويلا يتميز عن أماكن أخرى عن العالم خاصة في جزئه الفقير النامي، بأن الجماهير صارت تمتلك جنين أدوات سياسية تمكنها من التأثير بشكل مباشر في كيفية تسيير الأمور في المجتمع.

ولم يكن هذا الثقل الجديد للجماهير في العملية السياسية والاجتماعية ممكنا لولا دورها في حسم موازين القوى لصالح شافيز في المعارك السياسية التي شهدتها البلاد في العقد الأخير. ولم يكن التغيير الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده البلاد على غير رغبة ومواصفات الطبقة الحاكمة ممكنا لولا التنظيمات القاعدية التي خلقتها حركة الجماهير محاولة النفاذ من خلالها لفرض إرادة الأغلبية في المعمعمة السياسية في البلاد.

الأحياء الفقيرة تنظم نفسها

في الأحياء الفقيرة في العاصمة كاراكاس وفي مدن أخرى خلق السكان لأنفسهم الذراع الدائمة للتدخل في السياسة بعد انقشاع تراب الانتفاضات المختلفة دفاعا عما يمثله شافيز بالنسبة لهم. أسس السكان الفقراء مجلس تعاونية في الشوارع والأحياء والأزقة تمثلهم بشكل جماعي وتأخذ قراراتها بالأغلبية. هذه المجالس صارت الآن تشكل شبكة عملاقة وإطارا مؤسسيا موازيا لسلطة الدولة البيروقراطية.

يتكون كل مجلس من هذه المجالس من ثلاث مؤسسات: جهاز تشريعي من الأجهزة التمثيلية المختلفة يتشكل من مندوبين منتخبين، وهناك أيضا بنك تعاوني مشترك يتحكم فيه أيضا مندوبون منتخبون. وأخيرا هناك ما يسمى بجهاز التحكم الاجتماعي، وهو جهاز آخر قائم على الانتخاب المباشر ليشرف على أداء الجهازين الآخرين. ويستطيع أعضاء الحي أو الشارع أو المجتمع المحلي استدعاء أي من هؤلاء المندوبين المنتخبين في أي وقت واستبداله بغيره في حالة عدم التزامه بمصالحهم أو بما يرغبون في عمله.

ورغم أن قدرة هذه الأجهزة على توسيع قاعدتها الجماهيرية كانت بطيئة في بعض الحالات, إلا أنها أصبحت قادرة بسبب توسعها المستمر وحيويتها الشديدة وارتباطها بحركات استعادة المصانع والتعاونيات على فرض سلطتها في العديد من القرارات الخاصة بالمجتمع المحلي وتجاوز الإدارة الحكومية المحلية وتحديها في حالات كثيرة.

تنظيم العمال..مشاكل وتحديات

كان تأسيس ما يسمى بالاتحاد العام الجديد للنقابات خطوة كبيرة استهدفت تفادي فساد الاتحاد العمالي الأكبر الذي كان يسيطر سابقا على الحركة العمالية. إلا أن التنظيم العمالي الجديد مازال يواجه صعوبات كبيرة. صحيح أنه مازالت هناك احتجاجات هامة في أماكن العمل ضد الخصخصة وللمطالبة بالتأميم أو لفرض المشاركة العمالية في الإدارة، إلا أن قيادة هذا الاتحاد الجديد مازالت غير محددة الرؤية حول ما يجب عمله وهو ما يقلل من تأثيره وقدراته على حشد العمال ورائه. ورغم أن كل الإضرابات والتحركات العمالية في السنوات القليلة الأخيرة كانت جميعا تتمحور حول مطلب إعادة التأميم، لم ينجح الاتحاد في الاشتباك مع حركة الاستيلاء على المصانع بما يكفي لتجذيرها وتنظيمها.

أهمية تنظيم العمال بالغة وتزداد كلما حاول العمال والفقراء المضي قدما لفرض نموذجهم البديل لنموذج الليبرالية الجديدة. الطبقات الحاكمة تتمترس وراء مشروعها وتدافع عنه في ساحة المواجهة السياسية وحتى العسكرية. وكلما انتزع العمال والفقراء مكسبا تنكشف أكثر فأكثر طبيعة المواجهة السياسية والطبقية. وفي هذه المواجهة فإن هذا الجنين للتنظيم العمالي والجماهيري القاعدي سيكون السلاح الأهم في يد الفقراء والمستغلين للدفاع عن مصالحهم ولفرض إرادتهم، سلاح أهم أكثر من ألف شافيز وألف لولا.