سيف الاستعمار وذهبه
هل تحقق دولارات قمة شرم ما لم تحققه الآلة العسكرية الإسرائيلية
المؤتمر الدولي لإعادة إعمار “عباس”، عنوان ساخر، لكنه أليق بما حدث في مؤتمر شرم الشيخ، فبعد آلاف القتلى والجرحى، دفعها الشعب الفلسطيني، ثمنًا لخيار المقاومة، عليه أن يركع، اتقائا للبرد والجوع والتشرد، أمام دولارات “الدول المانحة”.
اختتم المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة، في شرم الشيخ، والذي شارك فيه ممثلون عن 80 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، أعماله، بحصيلة ضخمة بلغت نحو خمسة مليارات دولار، تقدم خلال سنتين، ولكن، دون التوصل إلى آلية جادة وسريعة، لإيصال المساعدات، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة.
يرفض المانحون، تمرير أية معونات لحكومة “حماس”، في إطار خطة إعادة الإعمار، حتى تعترف بإسرائيل وتنبذ ما يسمى بالإرهاب، وتقبل اتفاقات السلام السابقة.
ملايين أمريكا
وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أعلنت أن بلادها ستقدم 900 مليون دولار، للسلطة في رام الله، برئاسة محمود عباس، وليس لحماس، التي وصفتها بأنها منظمة إرهابية. وسوف يُخصص ستمائة مليون دولار، أي ثلثي المبلغ، لدعم ميزانية حكومة عباس في الضفة.
المساهمة الأوروبية
كما صرح دبلوماسيون غربيون كبار، في يناير الماضي، بأن بلدانهم، وكذا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اقترحوا على السلطة الفلسطينية إنشاء لجنة دولية مؤقتة تتولى تمويل وتنظيم المعونات المخصصة لإعادة إعمار قطاع غزة.
الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أكد أن بلاده “لن تتحدث إلا مع الرئيس عباس”. وأضاف أن السبيل الوحيد امام حماس، للحصول على الشرعية الدولية، هو البحث عن حل سياسي، من خلال الحوار مع إسرائيل، ومن منطلق المفاوضات السابقة.
أما توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالسلام في الشرق الأوسط، ورئيس الوزراء البريطاني السابق ،و مستشار المجموعة المالية العابرة للقارات «جي بي مورجان» ، فقد حذا حذو المسؤولين الغربيين والدوليين الذين زاروا القطاع.
بيزنس الإعمار
منذ ان هدأت نيران الحرب، وربما قبل أن تهدأ، بدأ الحديث عن خطة إعادة الإعمار، التي رأتها إدارة بوش، وسيلة لتحقيق ما لم تحققه الحرب، كما ذكرنا، وهو ما تبيّنن بالفعل، خلال قمة شرم الشيخ، كان هناك من ينتظر التهام جزء من الكعكة، فقد أعلنت عدة شركات مصرية للحديد والصلب، وعلى رأسها شركات عز وبشاى والوطنية وبورسعيد، عن استعدادها لتصدير حديد التسليح إلى غزة، كما أعلنت شركة المقاولون العرب عن فتح مقرها في غزة . ويمثل إعمار غزة فرصة أمام تلك الشركات لتعويض جزء من خسائرها نتيجة الأزمة العالمية، وذلك بعد استحواذ الحديد المستورد على نسبة كبيرة من الاستهلاك المحلى خلال الشهر الماضي.
في الوقت نفسه، وبعد إعلان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز التبرع بمليار دولار، لإعادة إعمار غزة، خلال القمة الاقتصادية التي عقدت بالكويت، في يناير الماضي، اقترح اقتصاديون سعوديون أن يكون ذلك التبرع «مشروطا بقيام شركات المقاولات الوطنية بتنفيذ عقود إعادة الإعمار». وهناك بعض التكهنات عن اعتزام شركات أمريكية، من الشركات العاملة في العراق، بل وشركات إسرائيلية، الحصول على نصيب من الصفقة، ولكن تحت غطاء شركات عربية.
من ناحية أخرى، أعلن سلام فياض، رجل البنك الدولي، كما تصفه الصحافة الإسرائيلية، استقالته من رئاسة الحكومة الفلسطينية. وقد أشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بـ»الجهود الخارقة»، التي بذلها فياض، على كافة المستويات. كان ذلك في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، التي لا تنعقد إلا برغبة عباس، ومن أجل تجاهل حماس.