بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

هندوراس: انقلاب على الطريقة اللاتينية

في أواخر يونيو، وقبل أيام من الاستفتاء، الذي كان مزمع إجراءه في هندوراس لإتاحة الفرصة للرئيس هناك بأن يترشح لأكثر من فترة رئاسية، قام الجيش بمداهمة القصر الرئاسي واعتقال مانويل زيلايا رئيس البلاد، واصطحابه إلي قاعدة جوية عسكرية بالقرب من العاصمة وإجباره على مغادرة البلاد، وقد بدا واضحاً من اللحظة الأولي أن الانقلاب مدعوم من قِبل المحكمة العليا في البلاد ومن الكونجرس (البرلمان المحلي في هندوراس)، ففور وقوع الانقلاب أعلنت المحكمة أن ما قام به الجيش هو تحرك قانوني تماماً، وأنه أتي لمنع زيلايا من إجراء استفتاء غير قانوني يسمح له بالترشح للرئاسة أكثر من مرة، كما قام البرلمان باختيار روبرتو ميشيلتي رئيساً مؤقتا للبلاد.

وقد نجح زيلايا وهو خارج البلاد في حشد التأييد الدولي له، فقد طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عقب اجتماعها الطارئ لمناقشة الوضع في هندوراس، بأن يعود الرئيس زيلايا لمنصبه دون أي شروط، وكذلك اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً مماثلاً، فضلاً عن موقف دول أمريكا الجنوبية الرافضة أيضاً للانقلاب والداعمة لزيلايا، بالإضافة إلي تعليق منظمة الدول الأمريكية عضوية هندوراس في المنظمة بسبب عدم استجابة حكومة الانقلاب لمطالباتها بالسماح بعودة زيلايا للسلطة.

ميشيلتي و زيلايا ينتمي كلٌ منهما للحزب الليبرالي الحاكم نفسه، إلا أن العلاقة بين زيلايا والأنظمة اليسارية في أمريكا اللاتينية قد شهدت تقارباً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، وقد بدأ زيلايا في العمل بشكل مشترك مع تشافيز في فنزويلا وموراليس في بوليفيا لتشكيل تحالف اقتصادي وسياسي معادي للنفوذ الأمريكي في القارة، وكان زيلايا قد قام برفع الحد الأدنى للأجور في الآونة الأخيرة، كل هذا استدعي أن يتحرك جزء من الطبقة الحاكمة في هندوراس للإطاحة بزيلايا، ولإجهاض الميل اليساري الذي كان قد بدأ يعبر عنه مؤخراً.

الانقلاب لم يمر في هندوراس مرور الكرام، فقد خرج الآلاف من مؤيدي الرئيس زيلايا إلي الشوارع للإعلان رفضهم للانقلاب، ودعمهم للرئيس المخلوع، وقد حاولوا الوصول للمطار، في اليوم الذي حاول فيه زيلايا الهبوط بطائرته في المطار عائداً للبلاد، ولكنه منع من قبل الحكومة الجديدة، وأدت المصادمات بين الشرطة والمتظاهرين في ذلك اليوم إلي مقتل متظاهر وجرح العديد من المتظاهرين.

الموقف في هندوراس لم يحسم بعد، فالأمور تعتمد على عوامل شتي، أهمها قدرة الرافضون للانقلاب على الاستمرار في التظاهر، و قض مضاجع السلطة الانقلابية هناك وإحراجها دولياً، ومن ناحية أخري قدرة هذه السلطة اليمينية على إقناع الولايات المتحدة والدول الغربية بالتوقف عن دعم زيلايا، فمهما حاولت هذه الدول والأنظمة رفع تهمة التضامن مع انقلاب عسكري في قارة يعج تاريخها بالانقلابات الدموية المدعومة أمريكياً، إلا أنه في نهاية المطاف، وإذا ما بدا أن الأمور تستقر داخلياً في هندوراس لصالح الحكومة الجديدة، فأن هذه الدول سرعان ما ستبدأ في نسج علاقات جديدة مع سلطة الانقلاب لتدعيم أقدامها في القارة اللاتينية، كما جرت العادة في تلك البقعة من العالم.