بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

حصاد الرأسمالية: البطالة والغلاء بالمغرب

وفقاً للنشرات المتابعة لوضعية التشغيل والبطالة بالمغرب تم رصد فقدان 39 ألف وظيفة خلال الأشهر الثلاثة يوليو وأغسطس وسبتمبر من العام الحالي، أهمها بالقطاعات الاقتصادية كقطاع الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية وقطاع البناء والأشغال العمومية حيث رصدت الإحصائيات تركز البطالة بين الشباب من 15 سنة إلى 34 سنة لتشكل 44% من مجمل اليد العاملة لتصل بطالة هذه الفئة في المدن إلى 35% أو أكثر من مليون و600 ألف شاب وشابة.

فوفقاً لتصريحات النقابي المغربي عبد السلام أديب بإحدى الحوارات الصحفية، إنه لو قارنّا توجه هذه الإحصائيات الظرفية مع إحصائيات التشغيل وفقدان الشغل خلال الثلاثين سنة الماضية، سنلاحظ أن كل عقد من الزمن يمر إلا ويعرف تراجعا أكبر في نسب التشغيل من العقد الذي سبقه وتزايد أكبر في نسب البطالة. كما أن الإحصائيات الرسمية للحكومة تبقى إحصاءات تغلف واقعاً أسوأ بكثير مما تحاول أن تظهره.

وتفسير هذا المنحى، وفقاً لأديب، يكمن في اتجاه سياسة الدولة المغربية قبل سنة 1982 نحو التدخل الواسع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية عبر القطاع العمومي فكان تدبير الاقتصاد والتشغيل يتم على أساس المخططات الاقتصادية الخماسية أو الثلاثية، وكانت سياسات التشغيل ترسم على أساس هذه المخططات.

ومنذ أواخر عقد السبعينات واضطرار الدولة إلى اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية لإعادة جدولة الديون بدأت هذه المؤسسات تفرض على المغرب السياسات الليبرالية الجديدة والتي تقتضي بتخلي الدولة تدريجيا عن أي تدخل لها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتفويت القطاع الحكومي إلى رأس المال المحلي والأجنبي. فبدأت المراهنة منذ ذلك الحين على القطاع الخاص للحلول محل الدولة في التشغيل.

الرأسمالية هنا حاولت استحداث طرقا جديدة لاستغلال طابور العاطلين لتبدو من ناحية قادرة على تقديم الحلول للأزمات الاجتماعية لكن في إطار تحقيق أكبر الأرباح للرأسماليين وأقل التكلفة، مكاتب التشغيل مثلا أو مؤسسات الوساطة التي علق عليها أديب بكونها جزءا من المشكل، لأنها تشغل أيدي عاملة مؤقتة في أشغال متعددة بدون ضمانات أو تغطية اجتماعية عليها. شركة سيميسي مثلا بالمغرب قامت بتشغيل 850 عامل في وحدات الإنتاج التابعة للمكتب الشريف للفسفاط حيث قامت بطردهم بالكامل بعد أن شكلوا مكتبا نقابيا لهم وظلوا يناضلون لمدة سنتين بالتوازي مع نضال الحركات الاجتماعية وتنامي حركة 20 فبراير.

وانتقد أديب الحكومة الرأسمالية الإسلامية بينما تطالب الطبقة العاملة بالصبر وتفهم ظروف الأزمة وتحمل الزيادات في الأسعار وفي الضرائب والتقشف وتجميد الاجور وتصفية أنظمة الحماية الاجتماعية والتسريحات الفردية والجماعية، نجدها في المقابل تعلن عن عفوها عن ناهبي المال العام بمقولة عفا الله عما سلف، والرزق عند الله.

وكما حاولت الحكومات تدبير أزمات الاقتراض الدولية عبر اتخاذ إجراءات تقشفية صارمة كرفع أسعار المحروقات ومعها كافة أسعار المواد والخدمات الأساسية ورفع بعض أنواع الضرائب ومنح اعفاءات ضريبية لشركات رأسمالية كبرى، اتجهت أيضا إلى إيقاف تشغيل المعطلين ومعاقبة المضربين بالاقتطاع من أجورهم ومراجعة قانون النقابات، وتبذير مبالغ مالية ضخمة في اقتناء دبابات وأسلحة بمبلغ 8 مليار درهم من الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه خدمة الرأس المال على حساب التشغيل فضلا عن تعميق التبعية نحو الخارج.

لاشك أن تزايد البطالة هي جزء لا يتجزأ من الأزمات الاجتماعية كالغلاء وارتفاع أسعار الوقود التي تواجه الشعوب العربية والأوروبية على حد سواء باعتبارها نتاج مباشر لأزمات الرأسمالية.