حزب الله.. تهديد لأمن وسيادة من؟

أثارت قضية خلية حزب الله موجة محمومة من الردح والهجوم الإعلامي المكثف ضد المقاومة اللبنانية وزعيمها السيد حسن نصر الله.
والمثير في هذه الحملة ليس موقف الإعلام الحكومي بصحفه وقنواته التليفزيونية وتصريحات مسئوليه. فهؤلاء قد هاجموا حماس خلال حرب غزة الأخيرة لصالح الصهاينة وهاجموا حزب الله خلال العدوان الصهيوني على لبنان في 2006 وهم أنفسهم الذين يروجون للفتنة المذهبية الشيعية السنية ويعتبرون المقاومة اللبنانية والفلسطينية مجرد أدوات في يد إيران الشيعية الفارسية. وليس غريبا إذن أن يستخدم هؤلاء قضية خلية حزب الله لخلق حالة من الذعر حول اختراق السيادة المصرية وتهديد الأمن القومي المصري. ولكن المثير في هذه الحملة المذعورة هو مشاركة الصحافة الليبرالية والمعارضة في الحملة على المقاومة. فحتى من كان يؤيد حزب الله في حرب 2006 ويؤيد حماس في حرب غزة الأخيرة أصبح اليوم يشارك في سيمفونية الردح والنقد ضد حزب الله وينبه لمخاطر اختراق السيادة المصرية التي يمثلها تشكيل تلك الخلية الصغيرة والتي لم تخرج عن إطار محاولات توصيل مساعدات لوجستية للشعب والمقاومة المحاصرين في غزة.
حتى الإخوان المسلمين سمعنا قياداتهم في البرلمان يصرخون “مصر أولا” والأمن القومي المصري خط أحمر ليثبتوا من جديد حدود معارضتهم للنظام وهشاشة وانتهازية موقفهم من المقاومة. ولكن زوبعة السيادة المصرية في جوهرها لا تمثل سوى الحلقة الأخيرة من مسلسل تبعية النظام المصري وعمالته لأسياده في واشنطن وتل أبيب ودوره المتجدد في محاولات خنق المقاومة وتصفيتها في غزة وفرض الاستسلام عليها.
فأولا: تكوين مجموعات لتهريب العتاد والمساعدات لغزة ليس أمرا جديدا فكافة المنظمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح قد شكلت منذ الثمانينات مثل هذه المجموعات والخلايا ولم تكن في يوما تهديدا لمصر أو لسيادتها المزعومة.
ثانيا: كيف يصبح دعم المقاومة الفلسطينية تهديدا للسيادة والأمن المصريين؟ أيهما يهدد السيادة المصرية مشاركة النظام وكافة أجهزته الأمنية في حماية أمن الدولة الصهيونية وتقديم المساعدات اللوجستية للجيش الإسرائيلي والأمريكي والتعاون الدبلوماسي والتجاري مع إسرائيل أم محاولة متواضعة من قبل حزب الله وغيره لتوصيل الأسلحة البدائية للمقاومة المحاصرة.
ثالثا: أليس كسر الحصار على غزة وفتح المعابر ودعم المقاومة أهدافا يؤيدها الغالبية العظمى من الجماهير المصرية وأليس القمع والحصار الذي يفرضه النظام هو التهديد الحقيقي لسيادة وأمن الغالبية العظمى من المصريين؟!
إن السيادة والأمن التي يهلل لهما الإعلام الرسمي اليوم ويؤيده في ذلك كثير ممن يزعمون معارضة النظام هو في الواقع سيادة وأمن ذلك النظام العميل وحلفائه في واشنطن وتل أبيب وليس سيادة وأمن الشعب المصري.