بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

المقاومة الفلسطينية.. تاريخ السقوط والصمود

 على عكس ما يشيع، كان الشعب العربي بفلسطين، التي كانت جزءا من "سورية الكبرى"، على إدراك بخطورة المشروع الصهيوني وعلى علاقته الوطيدة بالاستعمار. ويتضح ذلك من كتابات مثقفين عرب عاشوا في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين. وكان استخداهم لمصطلح اليهودي، في سياقات توضح إدراكهم للفرق بين الديانة اليهودية وبين الاستعمار الصهيوني.

إلاا أن المقاومة العربية للاحتلال خضعت في بدايتها لزعامة كبار الملاك، الذيم مالوا إلى اسلوب العرائض والشكاوى للباب العالي، وتكوين أحزاب شديدة الهشاشة.

أدت الحرب العالمية الأولى واحتياج الجيوش المتحاربة إلى الصناعات المحلية ، إلى تطور الصناعات في مصر ، وفي فلسطين، في القطاعين الصهيوني والعربي، كما أدى تكوين جهاز إداري للبلاد، إلى الحاجة لموظفين. ورغم ان الانحياز كان واضحا للجانب الصهيوني، كان نتاج تلك العملية ايضا هو نمو برجوازية صغيرة عربية شابة، حملت على أكتافها عبء المقاومة.

وكانت الأزمة المالية التي أصابت الراسمالية سببا في المزيد من الهجرات اليهودية، ولمزيد من تفاقم الوضع في فلسطين، حتى اندلعت هبة البراق 1929، معبرة عن تفجر الأزمة الاقتصادية المقترنة بالاستعمار البريطاني-الصهيوني.

تمكنت القيادة الوطنية الجديدة من امتلاك زمام الحركة الوطنية في بدايات الثلاثينيات. وقد أدت الدورة الجديدة لأزمة الرأسمالية في الثلاثينيات، المقترنة بزيادة الاستيطان، إلى تكرار ماحدث في نهاية العشرينيات، فأدى حادث في الميناء لاندلاع الثورة المسلحة، التي برزت خلالها جماعة عز الدين القسام، المدرس الأزهري الثوري، اذي نجح الاحتلال في اغتياله ووأد الحركة. وظلت مصالح كبار الملاك عثرة في طريق الثورة العربية في فلسطين، والتي ارتبطت بمصالح قرينتها المصرية، وكذلك بأصحاب مشروعات استعمارية، صهيونية وبريطانية.

أدت سنوات الحرب وانقطاع الاتصال بين الجيوش المستعمرة وبلدانا الاصلية إلى مزيد من الاحتياج للصناعات المحلية، فنمت في فلسطين، وكذلك في مصر ، طبقة عاملة كبيرة العدد. وظلت الكفة راجحة لصالح الصهاينة، وزاد عليها تدريبهم على أحدث الاسلحة خلال الحرب العالمية الثانية.

رفض العرب قرار التقسيم المجحف، الذي يعطي للصهاينة نصف فلسطين، وهو ما يزيد عن عشرة اضعاف ما استطاعوا حيازته بشتى السبل طيلة أكثر من نصف قرن(5.5%من مساحة فلسطين)

نجحت الانتفاضة العربية المسلحة في تحقيق انتصارات مبهرة في ظل اختلال شديد في ميزان القوى لصالح الصهاينة.

إلا ان دخول الجيوش العربية النظامية، بقوات مجموعها لا يصل إلى ثلث القوات الصهيونية الأحدث تسليحا وتدريبا(خلاف الاحتياط)، وكان اول ما فعلته الجيوش العربية هو نزع سلاح المقاومة عنوة، وأضاعت الجيوش النظامية من فلسطين اكثر مما حدد قرار التقسيم.

لم تهدأ نار المقاومة، واشتعلت من جديد رافضة مشروعات التوطين في سيناء والتهجير التي طرحتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. كما رفضوا الإارة العسكرية المصرية التي حرمتهم من المقاومة ولم تقم بحمايتهم.

كان عبدالناصر بحكم كونه من الطبقة الوسطى، وعمله كعسكري، لا يثق في قدرة الشعوب على المقاومة، وظل اسير فكرة الحرب النظامية، التي كانت تلعب فيها توزانات قوى اكبر من العرب ومن إسرائيل، وهي الحرب بين الكتلتين الشرقية والغربية،

كان تشكيل مجموعات من الفدائيين بتدريب وقيادة مصرية، حل لمعضلة عبدالناصر، فقد استطاع خلق توتر محسوب مع الاستعماردون مواجهة مباشرة. وكان تبنيه لمنظمة التحرير لتكون إطارا يجع الفصائل الفلسطينية التي تعاظمت في السنوات الاولى للستينيات من طلبة ومهنيين فلسطينيين من المهجر.

بانهيار المشروع الناصري، في يونيو 1967، كان عبد الناصر لا يقوى على الوقوف بأحماله. وكانت الفرصة للرجعية العربية العميلة المتمثلة في الملك حسين، للفتك بالفصائل الفلسطينية التي شكلت سطة موازية في البلاد، وترددت في المبادرة بالإطاحة به(أكثر من نصف سكان الأردن فلسطينيين).

لم يكن انتقال المقاومة لجنوب لبنان سوى انتقال جغرافي، ومحطة جديدة في التدهور، حيث ظل الاعتماد على الخارج، وزاد احتراف المنظمات للقتال، وقطع صلاتها بالشعب. فأصبحت الفصائل معلقة بيادة عرفات، وظل الاخير معلقا بالدول الراعية.

وكان عقد الثمانينيات عقد الانهيار للمقاومة الفلسطينية في المهجر. حتى اندلعت الانتفاضة الشعبية في الداخل ضد القمع والإفقار الصهيوني، حاملة صبغة إسلامية، لا تختلف في ذلك عن معظم حركات المقاومة المعاصرة لها.

كانت الانتفاضة الأولى 1987هي نقطة القفز التي مكنت عرفات من دخول الارض المحتلة ليبدأ مسلسل التنازلات الذي يقطعه فترات من المقاومة، حتى توفي صامدا تحت الحصار، خلال الانتفاضة الثانية.

ولم تختلف حماس عن سابقتهافي تلك العلاقة بالخارج، وعن انفصالها التدريجي عن الشعب، لربما تحت ضغط المقاطعة وتواطؤ سلطة عباس؛ وهكذا أتت المصالحة الأخيرة صورية وخالية من اي مضمون، او انعكاس في الشارع الفلسطيني المقاومة.