لمواجهة الحوثيين:
تحالف يمني سعودي مصري.. ولا عزاء للفقراء
فجأة أصبحت المنطقة الشمالية من اليمن مسرحاً دولياً للأحداث يلعب فيه الجميع دوراً ما، فبين النظام السعودي والنظام المصري والإيراني وحزب الله اللبناني تشابكت الخيوط والمواقف، ففي تصعيد درامي للأحداث، قام الحوثيون مطلع شهر نوفمبر بمهاجمة أحد المواقع العسكرية السعودية والاستيلاء عليها، حيث ردد الحوثيون طوال الفترة السابقة أن القوات السعودية تشارك في قصف معاقلهم، كما صرح الحوثيون بأن النظام السعودي يسمح للجيش اليمني باستخدام أراضيه لمهاجمة المواقع الحوثية، وقد أدى هذا إلى تصعيد خطير في الموقف حيث دخلت القوات السعودية بثقلها في مواجهة مع الحوثيين، استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والطائرات، فضلاً عن الاشتباكات بين القوات البرية، بغرض فرض منطقة عازلة عمقها عشرة كيلومترات داخل الأراضي اليمنية.
يأتي هذا في ظل اتهامات موجهة لإيران من قبل النظامين السعودي واليمني بالوقوف وراء الحوثيين، وبخاصة بعد إعلان النظام اليمني أواخر شهر أكتوبر عن توقيفه لسفينة شحن أدعى احتواءها على أسلحة إيرانية، وعسكريين إيرانيين متوجهة للحوثيين، وأشترك النظام المصري أيضاً في توجيه الاتهامات لإيران، وذلك بإرساله عمر سليمان وأحمد أبو الغيط ومقابلة الرئيس اليمني على عبد الله صالح لإعلان تضامن مصر الرسمي معهم، ورفضهم لأي تدخلات “خارجية في الشأن اليمني وفي المنطقة العربية”، فيما بدا وكأنه مواجهة إقليمية، يخوضها النظام اليمني والسعودي على الصعيد العسكري، والنظام المصري على الصعيد الاستخباراتي والسياسي ضد ما يزعمونه من خطر إيراني.
المواجهات أيضاً بين الجيش اليمني والحوثيون ازدادت ضراوة في الأسابيع الماضية، فقد بلغت الخسائر في صفوف الجانبين منذ بداية شهر أكتوبر الماضي 150 جنديًا في صفوف الجيش اليمني و850 متمردًا في صفوف الحوثيين، كما بدأ الجيش في الاستعانة بمليشيات تابعة لقبائل سنية ومدارس دينية وهابية، بعدما تم تقديم المعركة في اليمن بصفتها معركة طائفية ضد الخطر الشيعي!
كل هذا يأتي على خلفية تردي بالغ في الأوضاع الإنسانية للنازحين من المدنيين، فقد بلغ عدد النازحين حتى هذه اللحظة 175 ألف نازح، يعيش معظمهم في معسكرات إيواء تعاني فقراً شديداً في الإمدادات والمعونات الإنسانية، بسبب عدم قدرة المنظمات الدولية على توصيل تلك المعونات لهم بسبب استمرار المعارك.
وسط كل هذه الضجيج، المليء بصوت المدرعات والمدافع، تضيع القضية الأصلية التي تفجر بسببها هذا الصراع، فالتهميش الذي عاناه سكان محافظة صعدة على مستويات عديدة، سياسية واقتصادية، هما المفجر الأساسي للنزاع في شمال اليمن، مثلما كان عليه الأمر في جنوب اليمن، وهذا ما لا يبدو أن نظام عبد الله صالح – الذي أعلن استعداده على الاستمرار في القتال لسنوات – أنه على استعداد لفهمه.