بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

النضال في السودان يهدد ديكتاتورية البشير

 • المقال منشور لأول مرة باللغة الإنجليزية في 14 يوليو 2012 بجريدة العامل الاشتراكي البريطانية، يصدرها حزب العمال الاشتراكي بالمملكة المتحدة

يتظاهر الشعب السوداني لأسابيع ضد ديكتاتورية عمر البشير القمعية، فقد شهدت ذكرى الانقلاب الذي وصلت من خلاله الجبهة القومية الإسلامية إلى السلطة في 30 يونيو 1989 أكبر مظاهرة حتي الآن، حيث تم اعتقال أكثر من ألف وإصابة المئات فيما يسمى بمظاهرات "لحس الكوع".

وقد بدأت موجة الاحتجاجات قبل ذلك بأسبوعين اعتراضا علي تدابير التقشف التي اتخذتها الحكومة. ولكن لنفهم حقا الصراع القائم, نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة علي تاريخ النظام، حيث الليبرالية الجديدة المتسترة وراء الأيديولوجية الاسلامية, وحيث لا مكان لتنظيم النقابات والأحزاب السياسية, فأصبح الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب. كما قام النظام بفتح الاقتصاد للخصخصة وتمت إقالة حوالي مائة ألف من عمال القطاع العام بين عامي 1989 و1992، وطرد كل العناصر المعارضة والعلمانية. وقامت الحكومة بحظر النقابات العمالية وتعرض قادة النقابات للقتل والتعذيب علي أيدي قوات الأمن.

الانتفاضة الحالية هي نتاج سنوات من القمع والظلم والحرب تلك التي أدت إلى انفصال الجنوب لتشكيل دولة منفصلة – جنوب السودان. الحرب التي شنتها الحكومة على الجنوب ضد ما اسمته "الشيوعية" أولاً، لكنها لاحقا لقبت العدو بـ "الصليبيين".

أصبحت السودان دولة مصدرة للنفط منذ عام 2000. وقد غيّر النفط منظور القوى الخارجية للبلاد ولا سيما الولايات المتحدة والصين. وبانفصال الجنوب فقد تحكم في معظم المناطق المصدرة للنفط. لاتزال المنازعات مستمرة علي الحدود ويستمر القتال على ولاية النيل الأزرق المنتجة للنفط وتواصل الحرب الاهلية في جبال النوبة ودارفور في خلق المزيد من البؤس واللاجئين.

قبل الانقسام, كانت جميع الإيرادات الحكومية تأتي من خلال النفط. وبالرغم من انخفاض الإيرادات، إلا أنه مازال عليها أن تغطي تكلفة الجيش، والقليل المتبقي يذهب إلى الحكومة الفاسدة ومسئولي الحزب. مما يعني أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد ضربت السودان بقسوة بالغة. كما أن الرعاية الصحية في حالة من الفوضي؛ فقد فرضت الحكومة لائحة تنص على أن المرضى في أقسام الطواريء والحوادث لن يُعالجوا إذا لم يكونوا قادرين علي الدفع.

ويواجه الطلاب تهديدات بإغلاق الجامعات والاعتقال والطرد إذا قاموا بالتظاهر, إلا أنهم استطاعوا انتزاع السيطرة علي الاتحادات الطلابية من الفصائل الحكومية.

لقد قاوم الشعب علي مدار الـ 23 عام الماضية ولكن كلا من الحكومة والقوى الدولية قامت بخلق الانقسامات في صفوف المعارضة. إن نضال اليوم أكثر إشكالية بالنسبة للحكومة، فهو بمثابة تهديد حقيقي إذا قام الطلاب والعمال والعاطلين بالعمل معا. إنها ثورة يقودها الشباب, ففي جامعة الخرطوم كانت الشرارة التي بدأت الانتفاضة الحالية وينظمها الشباب من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.

لكن النشطاء المناضلين يفتقرون إلى الصبر والخبرة ويحاولون تقليد تكتيكات الثورة المصرية في بعض الأحيان. لكنهم يواجهون خطر عزل انفسهم عن الناس العاديين والعمال في حال لم يدركوا كيفية الربط بين الطبقات المختلفة من المجتمع.

قد الحكومة تستطيع الخروج من هذه الأزمة من خلال قمع الحركة أو بالقيام بصفقة مع أكبر حزب لليمين "حزب الأمة" وبهذا تستطيع إسقاط الحركة. من اجل ذلك فإنه يجب على قوى المعارضة تصعيد احتجاجاتها.