الانتخابات اللبنانية: فاصل.. ثم نعود
الرشوة الانتخابية وصلت إلى ألف دولار للصوت
تذكرة سفر ذهاب وعودة للبناني مغترب ليصوت لقوى 14 آذار
قبل أيام، أُعلنت نتيجة الانتخابات التشريعية اللبنانية، حيث فازت المولاة، بـ71 مقعدا، مقابل 57 مقعد للمعارضة. تتمثل الموالاة في معسكر 14 آذار الذي يضم سعد الحريري، ووليد جنبلاط، الأحزاب المسيحية، والكتائب (أمين الجميل)، والقوات (سمير جعجع)، وقرنة شهوان. أما المعارضة، فتتمثل في حزب الله، بزعامة حسن نصر الله، وحركة أمل، بزعامة نبيه بري، وميشيل عون. هذا خلاف سليمان فرنجية في الشمال، ومجموعات سنية أخرى. تخلت عنها سوريا لتذهب اصواتها إلى الحريري.
لعل النتيجة لم تكن مفاجئة للجميع، حيث لم تتغير النسب، كثيرا عن العام الماضي، وإن كان هناك توقع قوي باحتمال فوز المعارضة. في حين ذكر احد المعلقين، ان هذه النتيجة المخيبة للآمال درأت شر اندلاع حرب أهلية، بتدخل إمبريالي مباشر.
فحسن نصر الله قد أعلن عن اعتزامه، تعزيز الجبهة الجنوبية بتجهيزات دفاع جوي إيرانية، وهو ما آثار الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب الأنظمة العربية الموالية لهم، والتي يطلق عليها “دول الاعتدال”، فموقف النظام المصري معروف، خاصة بعد قضية خلية حزب الله، التي أثيرت مؤخرا، واتخذتها الصحافة الموالية للنظام، فرصة للنيل من حزب الله وزعيمه، السيد حسن نصر الله. علاوة على التصريحات الرسمية التي اعتبرت ان المقاومة الإسلامية، المتمثلة في حماس وحزب الله، وكذلك إيران، يشكلون خطر على الأمن القومي المصري، وبذلك تصبح الأنظمة العربية وإسرائيل في جبهة واحدة، وهو ما لم يفت نتنياهو أن يبرزه في عدة تصريحات. عقب إعلان الانتائج، تجددت الفرصة لدى النظام المصري وصحافته، لإعلان ابتهاجه بفوز المولاة، ولا ابلغ من عنوان الاهرام، الذي استهل بعبارة “هزيمة حزب الله….”. وهو موقف، مبدئيا، ومهنيا، لا يمكن وصفه إلا بأنه مبتذل.
كتلة الموالاة، تتمتع بتأييد أمريكي، تمثل في زيارة وزيرة الخاريجية، هيلاري كلينتون، ونائب الرئيس جو بايدن، قبل الانتخابات، كما عبر أوباما، في خطابه الأخير، عن عدم رغبة الولايات المتحدة في فوز المعارضة. وخلال الانتخابات، حضر إلى بيروت، وزير النقل الأمريكي، راي لحود، وهو من أصل لبناني، كمراقب للانتخابات. ولا شك ان فوز الموالاة، وبالأدق، هزيمة حزب الله، يلقى استحسان إسرائيل، التي سارعت بعد إعلان النتيجة إلى مطالبة الحكومة الجديدة بتصفية المقاومة، بينما أعلن وزير الدفاع، إيهود باراك، أن نتيجة الانتخابات لا تعني القضاء على حزب الله، وهو الهدف الأهم لإسرائيل.
وصفت الانتخابات اللبنانية الأخيرة، بأنها أقل الانتخابات نزاهة، وكانت ظاهرة سماسرة الأصوات، خاصة في دوائر الحسم، بيروت وكسروان وجبيل وزحلة، شديدة الفجاجة، علاوة على استقدام الناخبين اللبنانيين، السنة، من ارجاء العالم، وخاصة الخليج، وتغطية تكاليف رحلتي الذهاب والعودة، والإقامة، علاوة على مبلغ ألف دولار لكل صوت. ويقدر عدد هذه الاصوات بعشرين الف صوت، وفي اقل تقديرات بسبعة آلاف صوت. وبالطبع فإن هذه كل هذه الأموال تفوح منها الرائحة السعودية المباركة.
بعد إعلان الانتخابات، أعلن نصر الله قبول نتائجها، مع التحفظ على التجاوزات، لكنه اكد على أن سلاح المقاومة، موضوع خارج أي نقاش، كما ذكر أن الأغلبية البرلمانية، لا تعد انعكاسا للأغلبية الشعبية، وهو محق في ذلك، فنتائج الانتخابات تعكس، النتيجة الإجمالية لكل دائرة على حدا، حيث يتم توزيع المقاعد على أساس طائفي، بينما تشير الأرقام إلى ان مجموع الأصوات التي حصلت عليها المعارضة أكثر من تلك التي حصلت عليها الموالاة، حيث تتمتع مناطق الشيعة، وبالأصح المناطق المحرومة بكثافة عالية.
كانت الانتخابات اللبنانية الأخيرة بمثابة “فاصل..ثم نعود”، فتوزيع المقاعد داخل البرلمان، يكاد لا يتغير، وهو يستند إلى واقع طائفي، يتناقض مع الواقع الشعبي، الذي يؤيد المعارضة والمقاومة. الموقف الأمريكي ايضا لم يتغير، وكانت النتائج مرضية له، اما إسرائيل، التي شحذت سكاكينها، وأجرت مناورتها أثناء الحملة الانتخابية، فإن ارضاها عدم فوز نصر الله، إلا أنه لا يكفيها أقل من تصفيته نهائيا، وهو الهدف الذي اتحدت معها فيه الأنظمة العربية “المعتدلة”.