مقتل مروة الشربيني في عيون اليسار الألماني
قصة مقتل مروة على يد هذا القاتل الألماني، ذو الأصول الروسية، بدأت في أغسطس 2008، عندما رفض هذا الشخص العنصري سيئ السمعة إن يفسح المكان لأطفال مروة للعب على ارجوحات، وفي نفس الوقت أخذ ينادي على مروة بالإسلامية، والإرهابية، والعاهرة، لأنها ترتدي غطاء للرأس، هذا الشخص أحد مؤيدي الحزب الألماني النازي، المسمى الحزب الديموقراطي القومي NPD.
لكن مروة، بخلاف أغلب النساء المسلمات في مثل هذه المواقف، رفضت أن يتملكها الخوف، سجلت الواقعة لدى الشرطة الألمانية. في حالة المحاكمة العادلة يدان مثل هذا العنصري بغرامة 780 يورو ، لكن هذا الشخص النازي طالب في المحكمة بعدم توقيع الغرامة، لكن النائب العام فرض عليه الغرامة، لأن العقوبة، من وجهة نظر النائب، خفيفة للغاية بالمقارنة بالدوافع العنصرية الواضحة في الإهانات التي وجهها لمروة.
عقدت الجلسة الثانية للمحاكمة في الأول من يوليو 2009، قبل مقتل مروة بثمان عشر طعنة خلال نصف دقيقة، خلال الجلسة، ألقى هذا الشخص بكلامه النازي، مرة أخرى، على مسامع مروة، مدعياً أنها لا تستحق الاعتذار لأن المسلمين في أي مكان لا مشاعر لهم، ولا حق لهم في العيش في ألمانيا. الغريب أن هذا الكلام لم يعد أنه إشارة خطر توجب اعتقاله في الحال، والغريب أيضاً أنه لم يتم تفتيشه مسبقاً لاحتمال حمله أسلحة.
الحزب الديموقراطي القومي جيد جداً في الهجوم، حيث أن واحدة من أكثر خططه شراً كانت عقد صلوات خارج المساجد، هذا الحزب لا يهاجم المسلمين ولا الاقليات الأخرى فحسب، لكنه يهاجم النقابيين، ويهاجم الشباب الذين يلبسون ألوان زاهية، لهم قصات شعر مميزة، وأي شخص له توجهات يسارية أو مناهض لرؤى العنصرية، لقد هدد هؤلاء العنصريون مؤخراً واحدة من قيادات حزب اليسار الجديد في ألمانيا باغتصاب بنتها الطفلة ذات الثلاث سنوات لو ترشحت في الانتخابات.
ما يجعل هذه الانتهاكات أسوء هي كون هذا الحزب الفاشي غير المحظور له كامل الحماية القانونية، لهذا وقتما يرغبون في عقد اجتماعات أو تنظيم مسيرات نجد مئات بل آلاف من رجال الشرطة تتولى حماية هؤلاء النازيون من غضب المناهضين للفاشية.
أنه من المعتاد أن تحشد القوى المناهضة للفاشية مظاهرات أكبر عشرات المرات في مواجهة تلك التي ينظمها الفاشيون ، وفي الغالب نخطط لمنع مسيرات النازيين من المرور في الطرق، لكن حماية الشرطة تعطي لهم وسائل تجعل هذا المنع أمر نادراً ما تحقق بشكل كامل.
ليس للأحزاب ، بما فيها الأحزاب التي تسمى نفسها ديمقراطية اشتراكية، برنامج لحماية العمال وعائلاتهم من أثار الأزمة الاقتصادية، التي بدأت تضربنا بعنف، وبالتالي يلقى هذا الوضع الملايين من الشعب في أحضان اليأس. مما يحول قطاع من الناس إلى العنصرية كبديل خاطئ.
في جامعتنا، في فرانكفورت، أسسنا مجوعة نشطة تحت أسم “أصدقاء فلسطين”، وعقدنا عدد من اللقاءات، نخطط نحن وعدد من أساتذة الجامعة الذي يروعهم بشكل جدي تزايد مظاهر “الإسلام فوبيا”، (الخوف من الإسلام)، حتى داخل كلية الدراسات الاجتماعية، لفتح باب الحوار والجدل على نطاق واسع حول هذا الموضوع، وذلك مع بداية الفصل الدراسي القادم.
لقد قبلنا التحدي، وقد علمتنا التجارب أنه وقتما قرر المناهضون للعنصرية الهجوم، دائماً نجد الأكثرية إلى جانبنا ، لذا ليس هناك سبب للتشاؤم.
* الكاتبان هما ناضلي سعدون، طالبة مسلمة في جامعة فرانكفوت، وديفيد بانسون موظف بنفس الجامعة وعضو حزب اليسار.