بوابة الاشتراكي

إعلام من أجل الثورة

عربي ودولي

المفكر جلبير الأشقر لـ«الاشتراكي»:

مقاومة الإمبريالية تبدأ بإسقاط الأنظمة العربية العميلة وأوباما ظاهرة صوتية ينفخ فيها الحكام العرب

يصف جلبير الأشقر، المفكر اليساري المعروف، أوباما بأنه ظاهرة صوتية تنفخ فيها الطبقات الحاكمة العربية من أجل الحفاظ على مصالحها، لكن أوباما ،على حد تعبيره، متكيف تماما مع مصالح الرأسمالية الأمريكية الكبيرة، ولن يصطدم معها. حيث لم و لن يمارس أي ضغوط حقيقية على الدولة الصهيونية، لأن الولايات المتحدة في مآزق تاريخي في العراق وأفغانستان، وتحتاج بشدة إلى الدعم الصهيوني في المنطقة العربية. اعتبر الأشقر أن الوجود الأمريكي في أفغانستان يهدف إلى فرض حصار على كل من الصين وروسيا الأوربية ومنع التقارب بينهما.

ولد جلبير الأشقر في السنغال عام 1951 لأبوين لبنانيين، و هو أستاذ في دراسات التنمية والعلاقات الدولية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، في لندن. ومن أبرز مؤلفاته (سلطة محفوفة بالمخاطر) مع نعوم تشومسكي 2007، (حرب الـ 33 يوم) 2007، (صدام الهمجيات) :، الإرهاب، الإرهاب المقابل، والفوضى العالمية قبل 11 أيلول وبعده» (المعضلة الإسرائيلية) 2006، وإلى جانب إنتاجه الأكاديمي يلعب دورا مهما في حملات مناهضة العولمة والحرب والصهيونية والإمبريالية، وحملات دعم الانتفاضة والمقاومة في إنجلترا.

أجرت جريدة الاشتراكي الحوار التالي معه حول الإمبريالية والمنطقة العربية.

يروج كثيرون للسلام القادم على يد الرئيس الأمريكي أوباما، و كذلك التناقضات بين نتنياهو والإدارة الأمريكية، فكيف ترى الأمر؟

· الموقف الأمريكي طيلة الشهور التي قضاها أوباما في السلطة توضح بجلاء استمرارية السياسة الاستعمارية الأمريكية في لمنطقة. فالمهم هو المصالح الاستراتيجية الأمريكية. واليوم المصاعب التي تواجها أمريكا في المنطقة العربية وبالأخص في العراق وأيضا في أفغانستان زادت من أهمية إسرائيل، وبالتالي أستطيع أن أؤكد إن اوباما لن يضغط على إسرائيل، في هذا الوقت، لتقديم أي تنازل جوهري، والإسرائيليون من جهتهم واعون لذلك تماما ..

كيف تنظر اليوم للسلطة الفلسطينية؟

· بداية.. يجب أن لا ننسى أن طريق الاستسلام بدأ على يد عرفات عام 1988، عندما استخدم الانتفاضة الأولى كبوابة للتفاوض مع أمريكا، ووافق على إعلان تخليه عن «الكفاح المسلح»، الذي سماه الأمريكيون «إرهاب»، فهل يوجد انحطاط أكثر من ذلك، كما إن هناك بيروقراطية فلسطينية تربت وترعرعت بالدولارات النفطية، التي أغدقت عليها، وبالتالي بات هدف بيروقراطية منظمة التحرير الفلسطينية الحصول على قطعة أرض يقيمون عليها «البيزنس»، ويسمونها دولة، ولكن الرياح آتت بما لا تشتهي السفن، فرفضت إسرائيل حتى منحهم الدويلة، مما دفع عرفات لكي يتمرد، واليوم يقف عباس، تلميذ عرفات ومفاوض أوسلو، لكي يعلن عدم قدرته حتى ولو ظاهريا على عدم الاستمرار.

لكن على ماذا تراهن أمريكا وإسرائيل؟

· تراهن على «عرب أمريكا» أولًا ، وأقصد مصر والتعاون الخليجي، وإلا ردن، وثانيا على بروز شخصية فلسطينية تكون عميلة بشكل مباشر لها، مثل محمد دحلان. على مثل تلك الشخصيات و الأنظمة تراهن الولايات المتحدة وإسرائيل، فالمنطقة العربية أصبحت أكبر تجمع للاستبداد والديكتاتورية في العالم.

كيف يمكن للشعوب العربية في رأيك تحدى الهيمنة الأمريكية في المنطقة؟

· أولا وثانيا وثالثا.. بالنضال من أجل إسقاط الأنظمة العربية الموالية لأمريكا، وعلى رأسها النظام المصري، وأنا أوافق تماما على شعار عشان تحرر القدس لازم نحرر مصر، والأردن، والسعودية، وكل الأنظمة التي تتحالف مع الإمبريالية الأمريكية وتحاصر الشعب الفلسطيني.

الآن ..إذا انتقلنا للملف الإيراني، هل تتوقع عدوانا أمريكيا على إيران؟

· استبعد ذلك تماما ، بسبب المشاكل التي تواجهها واشنطن، فهم غير قادرين على الانتصار في أفغانستان فما بالك بإيران، وأعتقد أن المطروح أمريكيا هو مد الجسور بين حكومة الدولتين، ولكن الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي شهدتها إيران بعد الانتخابات أجلت ذلك، فأوباما لا ير يد إغضاب الرأي العام الأمريكي. وليس سرا أن إيران استفادت من إسقاط واشنطن لنظامين، كانت تضعهما في خانة الأعداء :النظام البعثي في العراق، وحركة طالبان في أفغانستان، والحكومة العراقية الداعمة للاحتلال لها سندين في الواقع هما الولايات المتحدة وإيران.

ومن ناحية أخرى فإن الاستخبارات الأمريكية تدرك جيدا إن إيران ليست على أبواب إنتاج قنبلة نووية، وإلا لكانت إسرائيل وجهت ضربات عسكرية لطهران على الفور. وما تراهن عليه إدارة أوباما أن تؤدي التناقضات الداخلية في إيران إلى الإطاحة بالنظام كما تم في الاتحاد السوفيتي.

يلاحظ الاهتمام الأمريكي بأفغانستان، رغم الخسائر الكبيرة في صفوف الجيش الأمريكي، ما هو تفسيرك؟

· استراتيجيا ترغب أمريكا في التغلغل في أسيا الوسطي، والغاية الأمريكية هي انتشار عسكري في تلك المنطقة، لأنها واقعة بين الصين وروسيا الأوربية، وأمريكا تخشى التعاون الروسي الصيني، الذي تطور بقوة منذ بداية التسعينيات. هذا بالإضافة إلى تخوف أمريكا من وقوع السلطة في باكستان النووية في يد أعدائها، كما لم يرد أوباما الظهور كذلك بصورة الرجل الضعيف، الذي ينسحب على الفور من العراق وأفغانستان، ولكن هناك اليوم أصوات أمريكية متزايدة ترى أن الحرب في أفغانستان لا جدوى منها، وإن الأفضل إبقاء قواعد عسكرية والانسحاب وشراء قوى محلية.

عفواً ..هل يمكن أن تلقى الضوء بدرجة أكبر على الدور الأمريكي في عملية تغيير الأنظمة في عهد أوباما؟

· إدارة أوباما تعتمد على شراء الأنصار من قبائل أو أحزاب سياسية، عملاء مباشرون، يتم دعمهم، وتلميعهم، بل وتسليحهم، وهذا يجرى في المنطقة العربية، وفي أفغانستان، حتى يكونوا جاهزين للحكم، ولضرب القوى الوطنية والتقدمية. وفي العراق على سبيل المثال اشترت واشنطن قوى محلية (قبائل ) كاملة أطلقت عليها اسم «قبائل الصحوة»، ولكي تظهر هي في شكل العراب أو godfather على طريقة المافيا.

ماذا عن أوباما، لقد سمعنا، طوال العام الماضي، ضجيجًا كثير دون طحين، هل ستشهد الفترة المقبلة تغييرات مهمة في سياسته؟

· أوباما متصالح ومتكيف تماما مع الرأسمالية الأمريكية الكبيرة، نعم هو أسود اللون، وقادم من جذور أفريقية، ولكنه لم يكن يوما مرتبطا بالحركة الشعبية أو الجماهيرية، فلم يكن مارتن لوثر كنج أو حتى القس جاكسون، لكي نعول عليه للتغيير ، هو موظف محترف برجماتي، يتميز بمهارات فائقة في العلاقات العامة، وليس أكثر من ذلك. ولذلك فقد تلقى دعما هائلا من الرأسمالية الأمريكية الكبيرة أثناء حكمه، والتي كانت هي الأخرى في أمس الحاجة للتغيير بعد كارثة إدارة بوش، فجاءت بأوباما الذي لا يشكل بالنسبة لها خطرا مطلقا.

أخيراً.. الليبرالية الجديدة تتلقى ضربات كبيرة..والمقاومة الوطنية والاجتماعية تتصاعد..هل يحق أن نتفاءل؟

· نعم ..فتكفينا ثلاثون عاماً من التشاؤم… هناك بصيص من الضوء. الأصوليات التي صعدت مدفوعة بهزيمة المشروع الناصري، تبدو اليوم قابلة للتراجع، لاسيما في ضوء الأحداث الإيرانية الأخيرة. الأنظمة الاستبدادية تمر أيضاً بأزمات شديدة، ونشهد ظهور حركات عمّالية صاعدة في بعض دول المنطقة، وخصوصاً في مصر، مما يفتح الطريق لبناء تجربة على الطريقة البرازيلية في منطقتنا.. هذا احتمال وارد.