أفغانستان:
مستنقع يزداد وحلاً
فى خطابه يوم 11 سبتمبر عام 2001، قرر بوش شن حملة واسعة باتخاذ مواقف دولية أكثر صرامة تجاه “الإرهابيين”، وأعلن أن الولايات المتحدة لن تظهر تمييزاً بين القضاء على مرتكبى أحداث التفجيرات وبين الدول التى تأويهم. وفى خطابه أمام الكونجرس وجه الرئيس السابق نداءه إلى كل دول العالم لتقرر موقفها تجاه الحرب الجديدة، فلو لم تكن معها في الحرب فهى ضدها. وبعد أقل من ثلاثة أسابيع استطاعت قوات حلف الناتو، والمكونة من تحالف 43 دولة، توجيه أول ضربة عسكرية إلى أفغانستان فى حملة وصفها الرئيس بالنزهة التي لن تستغرق فترة طويلة.
إلا أن التراجع الذى بدا بالخطاب الأخير لأوباما الشهر الماضى، أظهر لهجتين مختلفتين عما تبنت الإدارة الأمريكية خلال التسع سنوات الماضية منذ إعلان الحرب على أفغانستان. ظهر هذا فى الإعلان الضمني لأوباما عن تغير الاستراتيجية الأمريكية وتحولها من فكرة القضاء على طالبان إلى فكرة دمج عناصر طالبان بالعملية السياسية فى حال تسليم سلاحها، كما أن الخطاب احتوى على تشديد ببدء الانسحاب الأمريكى بمنتصف العام الحالى، يتبعه تسليم كامل للملفات الأمنية ليد السلطة الأفغانية بحلول عام 2014، فماذا حدث بين الخطابين؟ وما الذى حققته القوات الأمريكية بعد مرور تسع سنوات بالمنطقة؟ ليس من الصدفة التاريخية أن تمر أحداث الحروب متعاقبة على أفغانستان فى الثلاثين عام الماضية، فهذا الجزء المتمرد من العالم الذي استطاع أن يلفظ الاتحاد السوفيتي، تعرض لمداهمات سيطرة الدول العظمى عليه. وبرغم تغير الأوضاع بعد الحرب العالمية الثانية من حيث ضعف الخيار العسكرى، إلا أن السيطرة السياسية والاقتصادية للبلدان العظمى على البلدان المتخلفة قد شكًل البديل الأكثر طرحاً فى الآونة الأخيرة، وهو ما تم فرضه بسياسات الليبرالية الجديدة وتحويل العالم كله إلى سوق واحد مبنى على قواعد المنافسة والمصالح الاحتكارية. ومن هنا فإن الخيار العسكري قد أصبح أداة لا غنى عنها للحفاظ على تلك المصالح؛ حيث يُستخدم ضد الدول “المارقة”، ومن خلال تهيأة أو انتهاز الظروف لتتحالف هى الأخرى معها. وفى أفغانستان امتلكت الإمبريالية الأمريكية أطراف اللعبة بدءاً من حكومة طالبان التي تعادي الولايات المتحدة وتهدد استقرارها الاقتصادي، بل وتحاول تصدير ذلك إلى بلدان أخرى، مروراً بوجود وثائق خلفها الاتحاد السوفيتي حول الكنوز الغير مستغَلة بأفغانستان، وصولاً إلى توفر الفرصة المناسبة للانقضاض على مستعمرة جديدة بعد ضرب برجى التجارة العالمي. لم يتبقَ من اللعبة سوى التحالفات الدولية الطامعة بنصيب فى الكعكة، كذلك تأمين الجانب الأفغاني الداخلي.
أزمة وتحالفات
ومن هنا فقد سعت الآلة العسكرية الأمريكية بأفغانستان لإيجاد قوى داخلية تساند بقاءها، وتتحالف معها فى علاقة متبادلة تحقق المنفعة بين الطرفين، تماماً كما كانت فكرة التحالفات الدولية، فكان خلق طبقة جديدة من الرأسماليين بالمجتمع الأفغانى الفقير هو مفتاح الحل في المعادلة الأفغانية. هذه الطبقة ازدادت ثراءاً وانتقلت من العيش بالأكواخ إلى العيش بمجمعات سكنية فخمة شرق العاصمة كابول، كما استطاعت الخوض بلا مغامرات فى استثمارات أجنبية بأموال طائلة مع أطراف داخلية وخارجية، واكتسبت وجودها وأمنها من وجود وسيطرة دبابات المحتل.
يتحكم أثرياء أفغانستان فى البنوك، واستطاعوا تحويل 3 مليارات دولار من مطار كابول خلال الثلاث سنوات الماضية لبنوك دبى – معقل الأثرياء الجدد. ويُذكر أن محمود كرزاى، أخو الرئيس حامد كرزاى والذي يحمل الجنسية الأمريكية، أصبح بعد قدوم الاحتلال يمتلك استثمارات عديدة فى بنك كابول إضافة إلى أعماله فى المناجم والعقارات، كما أن أخيه الآخر أحمد كرزاى عُرف عنه المتاجرة بالمخدرات وبيع الأراضى فى صفقات مشبوهة، وهو أيضاً رئيس المجلس التشريعى بقندهار، مما يدلل على أن الوضع الاقتصادى الجديد لهذه الطبقة قد قذف بها مباشرةً إلى وضع سياسى أكثر أهمية فى البلاد المحتلة، وهو ما يمكن عملياً أن تقدمه القوات الأجنبية لهذه الطبقة المتواطئة.
في المقابل استطاعت هذه الطبقة، صنيعة الاحتلال والمتحكمة فى البلاد سياسياً واقتصادياً، أن تقدم دعماً غير محدوداً للغزاة؛ فتثبيت أقدام المحتل لن تحققه الهجمات العسكرية فقط بقدر ما يمكن أن يحققه الترويج لأفكاره الاقتصادية والسياسية، ليس كمحتل، ولكن كراعى أول للديمقراطية، وكمتعاون ومصلح اقتصادى فى بلد من أفقر بلدان العالم. ولا يمكن تمرير كل ذلك إلى الأفغان، الذين قاتلوا بشراسة ضد الاتحاد السوفيتى في السابق، إلا بوجود أشخاص من بينهم ومن طبقة رأسمالية جديدة تدين بالولاء والطاعة لأمريكا قطب الرأسمالية العالمية.
وباكتمال صناعة هذه الطبقة أصبح تحالف الرأسمالية بكل أشكالها متورط بأفغانستان ليصل بها إلى أعلى مراحل الامبريالية، ليس فقط فى أفغانستان، بل فى المنطقة المحيطة من دول الجوار. نفس السياسة اتبعتها الإمبريالية الأمريكية في باكستان، حيث قدمت لها دعماً مالياً وعسكرياً كبيراً، باعتبار ما تثق به أمريكا من أن كسب معركة أفغانستان ستحدده الحدود الدعمية لباكستان، بما فى ذلك الدعم السياسى لحكومة الديكتاتور مشرف وغض طرف المنظمات الدولية عن باكستان بشأن اغتيال زعيمة حزب الشعب بينظير بوتو منذ أكثر من عامين. وفى المقابل تجسد الدعم الباكستانى لأمريكا فى تقديم أرضها كممر رئيسى لعبور قوات الناتو إلى أفغانستان.
في ضوء هذه العلاقة أصبح وقوف باكستان بجانب أمريكا فى حربها قد يعنى وقوف أمريكا بجانب باكستان فى نزاعها مع الهند حول إقليم كشمير، لتتحالف أيضاً ومن جديد المصالح الامبريالية فى المنطقة بين الدولتين. وقد برز هذا كله فى شكل تحالفات دولية تخدم مخططات أوسع للسيطرة على المنطقة بأسرها، سياسياً واقتصادياً إن لم يكن عسكرياً أيضاً. إلا أن كل الظروف التى دعمت قوات الاحتلال بدخولها أفغانستان، انقلبت عليها وحولت البلاد المحتلة إلى مستنقع يبتلع القوات المسلحة بأحدث عتادها، سواء بترسيخ مفاهيم وفعل المقاومة ضد المحتل أو بتوسيع النفوذ الطالباني. كما أنها تشير إلى فشل الدعاوى التي تستند إليها الإمبريالية الأمريكية للقضاء على طالبان والمقاومة على حد سواء. فحدة القصف الجوى والتوغل العسكرى الذى اعتمدت عليه القوات الأمريكية فى بداية غزوها، دون التمييز بين المدنيين والمسلحين، أدى إلى تراجع قوات طالبان المسلحة عن أماكن سيطرتها الاستراتيجية ومن ثًم ضعف قوتها الحيوية التى أضعفت بالضرورة زمام الحكم منها، وهو ما أدى إلى سقوط طالبان سياسياً. لكن عملياً لم يكن هناك ارتباط بين السقوط السياسى لطالبان وسقوط المقاومة ضد القوات المحتلة، بل أن بقية القبائل الأفغانية باختلاف أعدادها تحالفت مع فلول قوات طالبان واستطاعت أن تشير بأصبعها نحو العدو الذى يحتل الأرض ويدمر البلاد فى الوقت الذى يرسل فيه الطعام المغلُف بطائراته هدية للشعب الفقير! كما أن تهيئة ظروف الغزو الأمريكى لأفغانستان بتشكيل تحالفات دولية، لم يكن بمعزل عن تهيئة نفس الظروف لتقوية طالبان دولياً، وهو نفس الهدف المُراد تحطيمه. فخارجياً، النفوذ الطالبانى برغم انكساره السياسي بأفغانستان، إلا أن إيجاد مناطق حربية مشتركة كان من السهل جداً فى تحويل المعركة لباكستان، الجارة الحليفة لأمريكا، عن طريق زيادة شوكة طالبان باكستان، حتى أنه قدر عدد مقاتلى قبائل البشتون إلى ما يقرب من 35 ألف مقاتل استطاعوا تنفيذ عملياتهم ضد قوات الناتو وإمداداتها، بالإضافة إلى تقوية -بشكل لاإرادى- بعض الحركات الباكستانية المسلحة مثل “الحركة من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية” والموالية لطالبان، والتى استطاعت فرض التفاوض مع الحكومة الباكستانية بعد قتلهم لمدنيين بوادى سوات إثر عمليات انتحارية، حتى أن الحكومة الباكستانية نفسها قررت مطالبتهم بنزع السلاح فى المقابل رضوخها لتطبيق الشريعة الإسلامية على بعض مناطق الإقليم الحدودى المحازى لأفغانستان كأحد شروط التفاوض المفروضة من قبل الحركة.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تهدأ العمليات الهجومية التى ينفذها تنظيم القاعدة على مستوى العالم، طيلة فترة الحرب وحتى الآن. فالقاعدة أصبحت هى المسيطرة على الملف الأمنى العراقى وهو ما يزيد قوات أمريكا حرجاً بالمستنقع الجديد، كما أن تلك الهجمات استطاعت الوصول إلى أماكن لم تصلها من قبل وتشكل تهديد حقيقي عليها. والأنكى أنها اخترقت لعمق بلدان شاركت بجحافل جيوشها بالحرب. فالهجمات والانفجارات التى انتهجتها القاعدة فى الفترة الأخيرة تنوعت فى أساليبها من وصول الطرود المفخخة إلى مطارات العاصمة الأمريكية وعلى متن طائراتها، ومن انفجارات تحت الأرض بمترو أنفاق لندن ومحاولات هجومية وتهديدات لمستهدفات فوق الأرض بفرنسا. ويجدر الإشارة هنا إلى أن القاعدة بأفغانستان تتبع تكتيكات داخلية لتوحيد بقية القبائل رغم اختلاف الطوائف، وتعمد إلى زيادة الامتداد والتأييد الشعبى لها من خلال ضم أكبر عدد من الأفغان إلى صفوفها، واهتمامها بمقاتلة العدو دون فرض آراءها المتطرفة والرجعية، وهو ما تسبب فى زيادة عدد المقاتلين جنباً إلى جنب طالبان بغض النظر عن الاختلافات السياسية بين الجانبين. مما يعنى أن شوكة طالبان السياسية ازدادت قوة ولم تستطع دبابات الناتو كسرها حتى ولو كان السقوط السياسى لطالبان رهن الواقع.
كما أن التناقضات التى أوجدها الاستعمار اجتماعياً بين الأفغان، من أجل ترسيخ سيطرته، بتقسيم أبناء الشعب إلى طبقات فاحشة الثراء تتعاون مع المحتل وتسكن الرفاهية قصورها وطبقات أخرى مدقعة الفقر لا تجد فرص العمل وتسكن الأكواخ المجاورة للقصور، كل هذا التقسيم الطبقى خلق استفزازاً اجتماعياً أدى، بشكل طبيعي، إلى زيادة شعبية المقاومة داخلياً وتحت ظروف معيشية صعبة دفعت المزيد من الشباب الأفغانى إلى ساحة الحرب، إدراكا منهم أن حربهم ضد المحتل هى أيضاً حرباً ضد الفقر وضد البطالة وضد ضحالة العيش.
خسائر بالجملة
أما على المستوى الميداني، فإن المقاومة المسلحة على أرض أفغنستان تشهد انتعاشاً كبيراً في الفترة الأخيرة. وبحسب مسئولين عسكريين أمريكيين، استطاع المقاتلون ابتكار وسائل قتالية وهجومية مضادة طورت من طبيعتهم بشكل يمكن وصفهم كقوات نظامية منضبطة. كما استطاعوا اتباع تكتيكات هجومية شملت التجسس والاستطلاع، رغم قدراتهم البدائية، كذلك الهجمات الشرسة المستمرة التى تنفذها مجموعات صغيرة العدد سريعة الحركة.
وباستمرار المعارك مع القوات الغازية، اكتسبت المقاومة في المقابل خلفية أكثر صموداً وتماسكاً. فالإدارة الأمريكية اعترفت بالصعوبات التى أصبحت تواجهها بأفغانستان، والتى تؤدي إلى مقتل العشرات شهرياً وتلف المعدات والأسلحة، علاوة على مقتل آخرين بطرق غير مباشرة كالانتحار والإصابات النفسية. ولم يتمكن حلف الناتو هو الآخر من إنكار الانتصارات الميدانية المتصاعدة التى حققتها المقاومة وخاصة بالفترة الأخيرة. ووفقاً لتقرير أعده البنتاجون في بداية هذا العام، فإن قرابة 5500 جندي أمريكي قد جُرحوا في أفغانستان فقط خلال العام 2010، أي ضعف الرقم المسجل في 2009، وستة أضعافه في 2008. وفقاً للتقرير نفسه، فإن إجمالي القتلى من الجنود الأمريكيين يبلغ أكثر من 430 جندي في 2010. وعند مقارنة عدد القتلى بالنسبة للجرحى، فإننا نجد أن نسبة الجرحى الذين قضوا في العام السابق تصل إلى 7,9%.
إلا أن المقياس الأكثر دقة لاحتدام المعارك وفعالية المقاومة في أفغانستان، هو عدد المصابين وليس القتلى. فنظراً للتحسن النوعي في الرعاية الصحية في الجيش الأمريكي فضلاً عن جودة الدروع المستخدمة، فإن عدد القتلى أقل بكثير من عدد المصابين الذين ينجون بعد الإصابة. ففي حرب فيتنام، على سبيل المثال، كان معدل الوفاة إلى الإصابة 1 إلى 3، ووصل إلى 1 إلى 8 في العراق 2005، بينما أصبح في أفغانستان 1 إلى 13 تقريباً في العام السابق.
كل هذه الأحداث زادت المستنقع الأمريكى بأفغانستان وحلاً، وأصبح الفشل الأمريكى هناك مضاعفاً. فمن ناحية تحطمت صورتها كمنقذ أمام العالم يحمل على عاتقه خلاص المجتمعات بالقضاء على الإرهاب، ومن ناحية أخرى فقد تورطت الإمبريالية الأمريكية، كما أشرنا، فى صنع البديل المقاوم والمعادى لها ولحلفائها من قوات الناتو. وما يزيد أمريكا تورطاً بالمستنقع الأفغانى هو افتضاح تلك المعادلة الخفية وراء مصالحها بالمنطقة، فالولايات المتحدة التى تدعم دول عنصرية كإسرائيل وتبارك أنظمة ديكتاتورية مثل النظام المصري، هى نفسها التى تمارس ضغوطاً على دول ديكتاتورية أخرى مثل كوبا وإيران. كما أنها في نفس الوقت الذي تدعم فيه مخطط التوريث بمصر، تساند بعض الحركات أوالشخصيات التى تتبنى “الديمقراطية”، كما حدث في قيرغستان ومن قبل في بعض بلدان شرق أوروبا.
نفس هذه الازدواجية قد جسدتها المصالح الأمريكية في الحرب على أفغانستان، فالتواجد العسكرى للقوات الأمريكية استطاع تقوية شوكة طالبان والمقاومة المسلحة ككل، وهو ذات المبرر الذى تستعمله أمريكا للبقاء عسكرياً أطول فترة ممكنة بالبلاد حفاظاً على مصالحها السياسية والاقتصادية بالمنطقة. فماذا لو قررت أمريكا تسليم الملفات الأمنية لحكومة كرزاى منذ تقلده الحكم عام 2004؟ طبعا ستكون الإجابة هو الرحيل العسكرى فوراً من البلاد أو بعبارة أخرى فقدان بلد يطفو فوق بحر من الثروات الطبيعية. أما المصالح الاقتصادية الأمريكية فلم يكشف عنها علماء جيولوجيون فقط، بل وممثلون عن وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً، حيث صرحوا بأن الثروات الطبيعية بأفغانستان تقدر بتريليون دولار، بالإضافة إلى امتلاك مخزوناً كبيراً من الحديد الخام. وتعد أفغانستان ثالث أكبر دولة تملك احتياطى للنفط والغاز الطبيعى، وهو ما يضمن لأمريكا ليس فقط امتلاك منابع نفط جديدة لمواجهة أزمات الاستهلاك المستمرة فى الدولة الرأسمالية. مع العلم أن أمريكا تملك 2% فقط من مخزون النفط العالمى، أما استهلاكها فيصل إلى 25% من النسبة العالمية. ولكن أن تضمن مسألة حيوية قد ترقى إلى كونها قضية سياسية لا تنفصل عن قضيتها الاقتصادية وتتصل مباشرة باستقرارها وبقاء هيمنتها على العالم.
كما أن أفغانستان يمر من خلالها شبكة من أنابيب النفط والغاز من وإلى الدول المحاطة، وبمجرد حلول القوات الأمريكية على هذه الأرض يعني السيطرة على هذه المنطقة بكاملها، سياسياً إن لم يكن عسكرياً، طالما سيطرت على منابع الطاقة الرئيسية. بالإضافة إلى أن أفغانستان تختص بموقعها الجغرافى المتميز فى المنطقة شرقاً لإيران، وهو ما يعنى الكثير بالنسبة للقواعد العسكرية الأمريكية المتأهبة لتوجيه ضربة محتملة.
إن سياسة الإمبريالية الأمريكية إذن أصبحت مفضوحة بالكامل، فلم يكن الغرض من احتلال أفغانستان هو تطبيق الديمقراطية كما ادعى بوش الإبن، وكما يستمر أوباما في تكرار نفس الكذبات. وكما ظهر بوضوح منذ شهور، فقد أدى احتلال البلاد عسكرياً إلى احتلال مقاعد الشعب نفسه داخل البرلمان. وهو ما أفرزته الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد تلقي أربعة آلاف شكوى بعدم الشفافية واتهام 25 نائباً بالتزوير. وما لم تحسبه أمريكا بعد تنصيب رئيس أشبه بالدمية، هو عدم التحكم بزمام الأمور وانفلات الجانب الأمني، واستهداف قوات الناتو المكونة لأفضل جيش بالعالم حسب وصف أوباما، وزيادة عددية فى صفوف المقاومين التى أصبحت تتوالد ذاتياً لتحصد المئات من الجنود هذا العام. كل هذا أصبح ينبأ أن مرحلة انتهاء أمريكا من الحرب لن يكون بقرار أحادى الجانب كما كان دخولها، وشوكة مقاومة الجيوش المحتلة ستبقى ببقاء الشعوب، كذلك انتصارات المقاومة فى العراق وأفغانستان وفلسطين ضد المحتل، ستضاف بالتبعية إلى حصيلة انتصارات مقاومة الشعوب المقهورة ضد الاحتلال الداخلى من حكام وجلادين.