نتائج الانتخابات اليونانية تهدد الطبقة الحاكمة
· نُشرت المقالة لأول مرة باللغة الإنجليزية في 5 مايو 2012 بجريدة العامل الاشتراكي الأسبوعية البريطانية، يصدرها حزب العمال الاشتراكي بالمملكة المتحدة *
انفجرت نتائج الانتخابات العامة اليونانية كقنبلة في وجه الطبقة الحاكمة. فقد مُنيت الأحزاب التى دعمت الائتلاف الحكومي الـ"تكنوقراطى" برئاسة لوكاس باباديموس (المصرفى السابق) بهزيمة ساحقة.
ففى عام 2009 كانت تلك الأحزاب تسيطر على 266 من أصل 300 مقعد فى البرلمان اليوناني. أما الآن فقد انخفض عدد مقاعدهم إلى 149 مقعدا. إلا أن هذا الرقم يعتبر مضللا حيث أنه يتضمن 50 مقعدا ٌيمنحون بمثابة "مكافأة" من النظام الانتخابي إلى الحزب الذى يحوز أكبر حصة من الأصوات.
وقد سبق أن فاز حزب باسوك، الحزب العمالى ب 44% من الأصوات عام 2009، إلا أنه حقق أقل من ثلث من نتيجته السابقة حيث فاز ب 13%. وقد انخفضت حصة الحزب المحافظ "الديموقراطية الجديدة" (ND) من 33.5 إلى 19%. كما أن الحزب اليمينى المتطرف حزب لاوس لن يكون ممثلا في هذا البرلمان حيث انخفض دون حاجز ال3 %.
وُيعد التحول إلى اليسار ضخما. فقد كان عدد الأصوات المجمعة لليسار عام 2009 بواقع 872000 صوت. وقد وصل العدد الآن إلى 2115000 صوت بما يمثل 33.75% من إجمالي عدد الأصوات.
نتائج غير مسبوقة
تعد تلك النتائج غير مسبوقة لليسار وعلينا أن نعود 54 عاما كي نعثر على مثل تلك النتائج. ففي عام 1958 حصل اليسار الديمقراطي المتحد (EDA) على 25 في المائة من الأصوات. وقد أطلق هذا النجاح الانتخابي العنان لموجة هائلة من نضال الطبقة العاملة في الستينيات.
وقد تطلب الأمر انقلابا عسكريا عام 1967 لسحق هذه الديناميكية. إلا أن الحركة هذه المرة أقوى وقد تكون النتائج مختلفة. فذلك التغير الانتخابى الجذرى ليس "سطحيا". فهو يأتى على خلفية سلسلة من الصراعات الممتدة منذ عام 2008.
ففي ديسمبر من ذلك العام، حدثت انتفاضة للشباب في أثينا بعدما قتلت الشرطة طالب فى المدرسة عمره 15 عاما. وخلال عامي 2010 و2011 حدث 17 إضراب عام في اليونان ضد المحاولات التي يقوم بها صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي لفرض تدابير تقشف قاسية. وُيعد النشطاء المتواجدون في صميم التحول الانتخابي إلى اليسار من المقاتلين من ذوي الخبرة في الإضرابات والاحتلال والمظاهرات القوية فى مواجهة عنف الشرطة.
ويوضح ذلك مسار الحملة الانتخابية. فعندما تمت الدعوة للانتخابات، آمل حزبى باسوك و الديموقراطية الجديدة في ابتزاز الناخبين لدعمها وذلك بالزعم أن التصويت لصالح اليسار من شأنه أن يؤدي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو إلى المخاطر الاقتصادية.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي في ذلك الوقت أن المستفيد الرئيسي من التحول إلى اليسار كان القسم الأكثر اعتدالا من اليسار وهو حزب اليسار الديمقراطي. إلا أنه بدلا من ذلك، فإن الدعم لليسار قد تجذر مع تقدم اليسار الراديكالي، سيريزا.
ففي النهاية، حصل حزب سيريزا على 17%، وحصل الحزب الشيوعى KKE على 8.5%، واليسار الديموقراطي على 6.1 في المائة وحزب انتارسيا اليسارى المعادي للرأسمالية على 1.2%. ولم يتمكن حزب انتارسيا من الوصول إلى البرلمان بسبب حاجز الـ 3%، إلا أن أصواته تضاعفت ثلاث مرات من 25000 عام 2009 إلى 75000 حاليا.
النازيون الجدد
البقعة الداكنة الوحيدة في النتائج هو نجاح حزب النازيين الجدد (الفجر الذهبي)، الذي حصل على ما يقرب من 7% وعدد 21 من النواب. ولم يدرك عدد من الناس أنهم صوتوا لصالح النازيين، حيث أن حزب الفجر الذهبي بنى دعايته تحت ستار معارضة التقشف وكان اليسار بطيئا في أن يشير إلى تلك الحقيقة. كما استفاد النازيين الجدد من الحملة العنصرية الشرسة التى قام بها حزبى الديموقراطية الجديدة وباسوك على حد سواء والتي استهدفت المهاجرين غير الشرعيين.
وقد وعد الزعيم المحافظ ساماراس بـ"استعادة" المدن الداخلية واقتلاع المهاجرين منها. كما بدأ وزير النظام العام التابع لحزب باسوك بإلقاء القبض على المهاجرين في معسكرات الاعتقال. وذلك فإن على اليسار في اليونان تصعيد حملته ضد النازية في نفس الوقت الذي يعمل فيه على تصعيد الكفاح ضد التقشف. ومن المحتمل جدا أن تؤدى الأزمة السياسية إلى إجراء انتخابات جديدة في غضون أسابيع قليلة حيث أن شركاء الائتلاف القديمة لن يتمكنوا من تشكيل حكومة.
وتواجه "الترويكا" الممثلة فى الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي احتمال عدم الاستقرار المتزايد في اليونان في وقت يزداد فيه تفاقم الأزمة الاقتصادية. وللمناضلين من الطبقة العاملة فرصة لتحويل المكاسب الانتخابية لليسار إلى قوة مقاومة تخفيض الموازنة. وكانت الترويكا قد أعدت جولة جديدة من تخفيضات بقيمة 11 مليار يورو بعد الانتخابات. والآن احتمال توقف ذلك مفتوح على مصراعيه.
* بانوس جارجاناس هو محرر جريدة تضامن العمال – يصدرها الاشتراكيون الأمميون باليونان