على خط النار
قصة أفغانستان مع الإمبريالية
شعوب قليلة من العالم عانت من التدخل الأجنبي مثلما عاني الشعب الأفغاني. فلقد رسمت حدود بلده على يد بريطانيا بطريقة تضمن افتقار (الدولة الوليدة) للأراضي الخصبة، مما خلق “أمة فقر” يعتمد أمراؤها الإقطاعيين على المساعدات الخارجية. وخلال القرن التاسع عشر، وف ظل اعتصارهم بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية، نجح الأفغان في صد المستعمرين البريطانيين، ولكن على حساب تكلفة بشرية واقتصادية هائلة. كل هذا كان معناه أنه حتى بعد انقضاء سنوات طويلة على القرن العشرين ظلت أفغانستان إلى حد كبير دولة إقطاعية (متخلفة).
وبعد تفكك الإمبراطورية البريطانية، وأثناء الحرب الباردة، عادت أفغانستان مجددًا لتصبح ساحة للصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. ثم غزتها روسيا في 1979. ومنذ ذلك الحين، مولت الدول الأجنبية وكلائها المحليين في أفغانستان لخوض معارك لا تنتهي هدفها محاولة إحكام النفوذ، والسيطرة على طرق إمدادات الطاقة. وفي هذا السياق قتل ملايين الأفغان أو شُوهوا، بينما تحولت دولتهم إلى ركام من الخراب. والآن مرة أخرى، نرى الأفغان كهدف رئيسي للحرب الانتقامية الأمريكية ضد الإرهاب الدولي”. نفس الدول الغربية التي في السابق دعمت ومولت وسلحت طالبان، قررت (اليوم) أن حليفتها السابقة أصبحت أكبر خطر على الحضارة عرفه العالم.
خلال العقدين الماضيين أجبر معظم الأفغان على الهرب من منازلهم مرات عديدة. إذ نجد اليوم أن ما يصل إلى ربع السكان يعيشون في معسكرات لاجئين. وقد فر ستة ملايين أفغاني من البلاد، بينما يحاول مئات الآلاف اللحاق بهم. أما المدن الأفغانية فقد أصبحت ركام من الحطام، والأراضي الخصبة القليلة تحولت إلى أراضي خراب قاحلة، في حين تتفشى الملاريا والتهاب الكبد الوبائي وأمراض أخرى بين عفن الأنقاض. هذا ناهيك عن انخفاض توقع الحياة إلى 40 عامًا، وعن انهيار الاقتصاد وانخفاض العملة لتساوي واحد على خمسمائة من قيمتها منذ عشر سنوات مضت.
الفقر المدقع والمجازر، جنبًا إلى جنب مع ثلاث سنوات من الجفاف، خلفًا ثلاثة ملايين أفغاني في مجاعة معهم ستة ملايين آخرين على شفا المجاعة. وقريبًا جدًا سوف تتقطع إمدادات الغذاء عن الكثيرين بسبب الجليد، ولن يجد هؤلاء أي حماية من الجو القارص البرودة. وفي منتصف سبتمبر (الماضي) ذكر البرنامج العالمي للغذاء أن مخزونة الغذائي – وهو الإمداد الوحيد الذي الكثيرين من الأفغان على قيد الحياة – سوف ينفذ في نهاية الشهر. في كل مكان يمكنك أن تشم رائحة التهديد بالموت بسبب الجوع والميليشيات المسلحة، والآن أضيف سبب آخر للموت: القنابل الأمريكية.
ضحايا الحرب الباردة:
عندما غزت القوات الروسية أفغانستان في 1979، ألقت الولايات المتحدة بثقلها خلف المقاومة الأفغانية العسكرية المسلحة (المجاهدون) و”حربهم الإسلامية المقدسة ضد الغزاة الكفرة”. لم يكن مستغربًا أن المقاومة الأفغانية حاربت تحت راية إسلامية. فالقوة الحقيقية (في البلاد) ظلت في يد ملاك الأراضي. إذ عنى ضعف التطور الاقتصادي أنه لم تكن توجد قاعدة اجتماعية لحركة “اجتماعية ديمقراطية” ناهيك عن حركة “اشتراكية”. فمن ضمن سكان يصل عددهم إلى 20 مليونًا، كان يوجد (فقط) حفنة محدودة من الصناعيين، وبضعة آلاف من الطلبة، وعلى حد أقصى 30 ألف شخص يمكن أن يوصفوا بأنهم طبقة عاملة. (وفي هذا السياق) كان للحركة الإسلامية، بالرغم من كل أفكارها الرجعية، تراث طويل في محاربة القهر الأجنبي. ثم أنها وعدت بأن تقود ما أراده الكثيرون من الأفغان: حربًا ضد الغزاة.
ربما ما يثير الدهشة أكثر هو قرار الولايات المتحدة بدعم الحركة الإسلامية (في أفغانستان)، وذلك بالتحديد إذا ما وضعنا في الاعتبار أنها – (أي الولايات المتحدة) – كانت لا زالت تترنح من جراء صدمة الثورة الإيرانية. ولكن المجاهدين بدوا كأنهم يعطون فرصة لإضعاف أو سحق روسيا بدون المخاطرة بجندي أمريكي واحد. ولذا أقنع زبجنيو برجينسكي – مستشار الأمن القومي الأمريكي – الرئيس كارتر ليوقع قرارًا سريًا بإرسال دعم سري للمجاهدين الذين كانوا وقتها مسلحين ومنظمين بشكل سيء.
وبين عامي 1980 و1982 حصل المجاهدون على أكثر من 10 مليون من الدولارات دعمًا من الولايات المتحدة وحلفائها، معظمهم في شكل أسلحة كان من ضمنها صواريخ ستينجر الأمريكية المضادة للطائرات. وفي المقابل دفعت روسيا 45 بليون دولار دعمًا لمواجهة (وسحق) المجاهدين. كل هذا “الدعم” كان في مقدوره أن يحول أفغانستان إلى أرض مزدهرة. ولكنه على العكس أدام على مدى سنوات عشر صراعًا ترك البلد مفقرة وغارقة في العنف ومنقسمة على أسس قبلية.
والواقع أن التدخل الأمريكي (في أفغانستان) تجاوز حد العشرة بلايين دولار بكثير. ففي 1986 أقنع الفاسد ويليام كاسي – مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على عهد رونالد ريجان – الكونجرس الأمريكي بتوفير مستشارين أمريكيين لتدريب “أصدقاؤنا من المحاربين من أجل الحرية”. دعمت لتدريب “أصدقاؤنا من المحاربين من أجل الحرية”. دعمت المخابرات المركزية أيضًا مبادرة طويلة المدى من جانب المخابرات العسكرية الباكستانية لتجنيد إسلاميين راديكاليين من مختلف دول العالم ليأتوا إلى باكستان. وبحلولهم في أفغانستان، أرسل هؤلاء الأفغان العرب (كما أصبحوا يعرفون) – جنبًا إلى جنب مع آلاف من الشباب الباكستاني واللاجئين الأفغان – إلى مدارس ممولة أساسًا بواسطة السعودية، حيث لقنوا بشكل مكثف نمطًا متشددًا من الإسلام متأثر بوهابية العائلة المالكة السعودية. وقد كانوا يتلقون أيضًا تدريبًا عسكريًا. ثم بعد ذلك أتقنوا المهارات (التي تعلموها في مرحلة التدريب) من خلال الحرب إلى جانب المجاهدين الأفغان حوالي 100 ألف مسلم من مختلف بلدان العالم ارتبطوا بالمدارس وبالحرب في أفغانستان. وفيما يبدو، لم يبحث أي من رعاة تلك الخطة في احتمال أنه بعد نهاية الحرب الأفغانية يمكن أن تتحول المرارة والمهارات العسكرية لدى هؤلاء الرجال ضد نظمهم أو ضد الولايات المتحدة.
أسامة بن لادن:
كان أسامة بن لادن – وهو طالب سعودي وابن مليونير دو صلات وثيقة بالعائلة المالكة السعودية – واحد من المجندين الأجانب (في أفغانستان). (في نفس الوقت) كانت المخابرات الباكستانية، التي عملت عن قرب مع المخابرات المركزية الأمريكية، تحاول على مدى فترة طويلة إقناع مدير المخابرات السعودية بتوفير عنصر من العائلة المالكة السعودية ليلعب دورًا قياديًا في أوساط الأفغان العرب. وين لادن كان أفضل شخص وجدوه: “لمجابهة هؤلاء الروس الكفرة، اختارني السعوديون كممثلهم في أفغانستان”، هذا ما قاله بن لادن لصحفي في 1998. “تمركزت في باكستان في منطقة الحدود مع أفغانستان. وهناك استقبلت متطوعين جاءوا من المملكة السعودية ومن كل بلدان العالم العربي والإسلامي. وقد أقمت أو معسكراتي (هناك) حيث كان هؤلاء المتطوعون يُدربون بواسطة ضباط باكستانيين وأمريكيين. إمدادات السلاح كانت تأتي من الأمريكيين، أما المال فقد كان يوفره السعوديون”.
بدءًا من 1980 كان بن لادن يوصل الأموال الأمريكية والسعودية للمجاهدين. جزء من مشروعه كان نشر الوهابية في أوساط المجاهدين الأفغان لإضعاف الفصائل الأفغانية المعادية للمصالح السعودية والغربية. وبواسطة أموال المخابرات الأمريكية بني نفق خوست في 1986، وهو مجمع أنفاق ضخم تحت الأرض استخدم كمستودع سلاح وكمعسكر تدريب للأفغان العرب. وفي 1989 استولى على القاعدة، وهي شبكة المسلمين المخلصين الذين يلامون اليوم على الهجمات في الولايات المتحدة.
وبعد الانسحاب السوفيتي في 1989 – وبسبب الحرب بين الفصائل (المجاهدة) في أفغانستان – أصيب ين لادن بالإحباط وعاد إلى السعودية. وعندما غزت العراق الكويت، حاول إقناع العائلة المالكة السعودية بدعم (وتمويل) “جهاد” آخر ضد العراق. ولكن ما أثار غضبه هو أن الحكومة السعودية اختارت أن تدعم الولايات المتحدة، وسمحت للقوات الأمريكية أن تتمركز على أكثر أراضي الإسلام قداسة.
غضب بن لادن من الولايات المتحدة والحكومة السعودية أدى في نهاية المطاف إلى طرده من السعودية في 1992. فذهب إلى السودان، حيث استمر في تدريب المحاربين الأفغان العرب القدماء، مع آخرين أغضبهم انتصار الولايات المتحدة في حرب الخليج. وفي 1996 أُجبر على الخروج من السودان وعاد إلى أفغانستان ثم في 1997 حاولت المخابرات المركزية الأمريكية – وهي التي رفعت بن لادن إلى وضع القوة والتأثير على آلاف من الشباب المسلمين الغاضبين – اغتيال بن لادن. وفي 1998 حُمل بن لادن مسئولية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا، فانتقمت الولايات المتحدة بقصف أفغانستان والسودان. ومنذ ذلك الحين أصبح ين لادن أكثر الرجال المطلوبين من جانب الولايات المتحدة.
طالبان:
مثل المجاهدون تحالف فضفاض من القادة والزعماء القبليين. معظم هؤلاء ليس لدية إلا تعليم ديني بدائي. والكثيرون منهم كانوا ملالي ذوي تمركز ريفي يعتنقون نوعًا تقليديًا من الإسلام السني معبأين على أسس قبلية. آخرين (مثل قلب الذين حكمتيار)، وهم الذين كانت تفضلهم المخابرات المركزية الأمريكية، مثلوا عنصرًا أكثر راديكالية وسموا بـ”الإسلاميين الجدد”. وقد خرجت طالبان من صفوف هذا التيار الأخير.
أتى الإسلاميون الجدد من “المدارس” في باكستان. وقد بنوا منظمة سياسية سرية وممركزة إلى حد بعيد تضم كوادر مدينية ومتعلمة. هاجم هؤلاء الفساد والأساليب القبلية لدى الملالي، وطوروًا رؤية لدولة حديثة موحدة مسترشدة بأكثر المبادئ الإسلامية نقاءً.
وفي إبريل استولى تحالف فضفاض من المجاهدين على كابول. ثم انقسموا، وسيطرت مجموعة منهم تدعمها إيران على العاصمة. فقصفت مجموعة مناوئة – يقودها حكمتيار وتدعمها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية – كابول، مما أدى إلى مقتل 25 ألف شخص في أسبوع (واحد).
وبحلول 1994 كانت الدولة الأفغانية قد تحللت تقريبًا. أما المساعدات الأجنبية فكانت قد توقفت منذ زمن: الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين مولوا الحرب ضد روسيا بكرم شديد، أصبحوا فجأة غير قادرين على دفع الأموال للمساعدة في إصلاح الدمار. وانقسمت البلد إلى إقطاعيات. واستمر أمراء الحرب بها في تدشين سلسلة من التحالفات غير المفهومة، والخيانات، وإراقة الدماء. وهربت هيئات المعونة من البلاد.
وفي نهاية 1994 انقضت طالبان على القرى “لتنقذ” الشعب من أمراء الحرب. كانت صورة زعيمهم الملا محمد عمر تبدو كما لو أنه كشخصية روبين هود التي وعدت أن تنهي المظالم والفساد، وأن تنشئ نظامًا إسلاميًا أكثر نقاء. وفي غضون أسبوعين استولت طالبان على قندهار، ثاني أكبر مدينة (في أفغانستان). الكثير من الأفغانيين، ومن ضمنهم مناهضين سابقين للإسلاميين الجدد، انضموا لطالبان مؤمنين أن في مقدورها توحيد البلاد وتوفير السلام والعدل.
طبقت طالبان تأويلاً متشددًا للشريعة الإسلامية. هي أيضًا كانت تعتنق النسخة السعودية الوهابية من الإسلام. ولذا فقد أغلقت كل مدارس الفتيات، وأمرت النساء أن يبقيان في البيت خلف النوافذ المغلقة، وحظرت الموسيقى والتليفزيون والفيديو ومعظم الرياضيات والألعاب. وفي الشهور الثلاثة التالية (لاستيلائها على قندهار) سيطرت طالبان على 12 من مقاطعات أفغانستان الـ31. وبحلول 1995 كانت تسيطر على غرب أفغانستان. وبما أنها حاربت معارك دموية وعانت كثيرًا من انكسارات كبرى، فقد اتبعت نفس تكتيكات القمع التي كان من المفترض أنها أتت لتنهيها، وفرضت الشريعة بطرق غاية في القمعية. طالبان، وكذلك القوى التي كانت تحاربها، قامت بمذابح متكررة لجماعات عرقية، ودمرت الممتلكات والمحاصيل والآثار الدينية لأولئك الذين هزمتهم. ثم في 1996 سيطرت طالبان – التي كانت لا تزال تحظى بتأييد الولايات المتحدة وباكستان والمملكة العربية السعودية – على العاصمة كابول.
كل فصيل أفغاني كان يدفع إلى المعركة بواسطة داعمين أجانب. باكستان والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة حتى 1997، كانوا جميعًا يدعمون طالبان. القوى المناوئة لطالبان (تحالف الشمال)، وهي التي تسيطر الآن على منطقة صغيرة نسبيًا شمالي أفغانستان (كتب هذا المقال قبل هزيمة طالبان – المترجم)، كانت مدعومة من إيران وتركيا والهند وروسيا وأربعة من جمهوريات وسط آسيا: أوزبكستان، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان. أحد العوامل الدافعة وراء هذه التدخلات (الأجنبية) كان الصراع حول ثروات النفط والغاز الموجودة في أراضي وسط آسيا، وهي آخر مناطق احتياطات (الطاقة) غير المستغلة على ظهر الأرض.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991 نشأت خمسة دول مستقلة في وسط آسيا. استماتت روسيا (في هذا السياق) من أجل الاحتفاظ بقبضتها على ما رأته كتخوم لها في وسط آسيا، ومن أجل السيطرة على تدفق النفط في أنابيب تمر عبر روسيا. وفي الوقت نفسه كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تفعيل مقترحات لمد خطوط أنابيب تتفادى كل من روسيا وإيران. وقد لخص أحد خبراء الطاقة في مجلس الأمن القومي السياسة الأمريكية على النحو التالي: “سياسة الولايات المتحدة كانت تقوم على تشجيع التنمية السريعة (لموارد) الطاقة في (منطقة) بحر قزوين… لقد فعلنا ذلك بالضبط من أجل تدعيم استقلال دول (وسط آسيا) الغنية بالنفط. بالذات لكسر سيطرة روسيا الاحتكارية على نقل النفط من تلك المنطقة، و(أيضًا) بصراحة من أجل دعم أمن الغرب في مجال الطاقة من خلال تنويع مصادر العرض.
ولذا فبدءا من 1995 أيدت واشنطن الشركة الأمريكية أونوكال في مشروعها لمد خط أنابيب من تركمانستان إلى باكستان عبر جنوب أفغانستان الذي تسيطر عليه طالبان. ومن أجل إتمام الصفقة احتاجت الولايات المتحدة إلى حكومة قادرة على الحفاظ على السلطة، بغض النظر عن سياساتها وعن سجلها في مجال حقوق الإنسان. ولذلك فخلال ساعات من سيطرة طالبان على كابول في 1996، أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف تقيم علاقات مع الحكومة الجديدة في كابول.
ولكن في 1997 غيرت الولايات المتحدة موقفها فجأة. إذ أن دولة إيران – “المارقة” سابقًا – أصبحت أكثر فأكثر مؤيدة (السياسات) السوق، وهو ما دفع السلطات الأمريكية إلى الاعتقاد بأن أعظم خطر على مصالحها في المنطقة لم يعد هو الأصولية الشيعية الإيرانية، ولكن الأصولية السنية لطالبان. بالتحديد، خشيت واشنطن أن تكون حليفتها الهشة باكستان مهددة بالنفوذ الطالباني. ولذا، خرجت الولايات المتحدة بإستراتيجية طاقة جديدة في 1997 تقوم على تحاشي الطريق الأفغاني (للنفط).
كل من روسيا والصين وإيران وباكستان وتركيا يتنافسون (اليوم) على الفوز بحق نقل موارد الطاقة في وسط آسيا. معظم هذه الدول أيضًا تخاف من تأثيرات طالبان على شعوبها. ونفس الشيء يصدق على جمهوريات وسط آسيا. لا عجب إذن أن هناك تأييد شديد للحملة من أجل تدفيع نظام طالبان ثمن الهجوم على مركز التجارة العالمي. وكما هي العادة، فالشعب الأفغاني هو الذين سيعاني (من جراء هذا). فمجرد التهديد بالهجمات الأمريكية دفع نصف سكان كابول إلى الهرب، وأعطى تحالف الشمال ضوءًا أخضر لتصعيد حربه من أجل السيطرة على الأراضي، وهي حرب شنها قبلاً باستخدام وسائل تتماثل تمامًا في وحشيتها وعصبويتها مع وسائل طالبان. وإذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها (يخوض الحرب) فسوف تموت أعداد أكبر من الأفغان. فمن ساعتها سيدعو إلى الوقوف ثلاث دقائق حدادًا على آخر الضحايا العزل للسياسية الخارجية للولايات المتحدة؟
ــــــــــ
* بقلم كلير فريمونت، مجلة السوشياليست ريفيو، العدد 255، سبتمبر 2001